المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

السواحرة.. عندما يُخضع الاحتلال الموتى للتفتيش الأخير

بلال غيث – يعيق حاجزا الشيخ سعد والشيّاح إيصال الموتى من أهالي قرية السواحرة شرق القدس المحتلة إلى مثواهم الأخير، حيث تحتاج عملية الدفن الحصول على إذن إسرائيلي لإدخال موتاهم إلى المقبرة الواقعة داخل جدار الفصل العنصري.

وأثارت الإجراءات الإسرائيلية بحق الطفلين اللذين لقيا مصرعهما في حادث سير الأسبوع الماضي امتعاض الكثيرين من المشاركين في تشييع الجثمانين، واستغراب العالم الذي رأى طريقة نقلهما عبر البوابات.

خرجت جنازة الفقيد الفتى محمود مشاهرة من الشق الشرقي للبلدة إلى الحاجز، وسمح استثنائنا لسيارة نقل الموتى بالدخول إلى المقبرة، في حين وصل جثمان ابن عمته محمود بشير “من الشق الغربي” إلى المقبرة ليواريا الثرى بجانب بعضهما.

وإجراءات دفن الموتى ليست بالسهولة التي يمكن أن تتم في أي مكان في العالم، فلكل حاجز إسرائيلي إجراءاته، ففي حين يسمح جنود الاحتلال المتواجدون على حاجز الشيّاح لثلاثين مواطنا فقط من أبناء السواحرة الشرقية بالدخول للمشاركة في تشييع الجثمان بعد التدقيق في هوياتهم ويدخل الجثمان بسيارة نقل الموتى، يمنع الأهالي في ضاحية الشيخ سعد من الدخول إلا سيرا على الأقدام وقد حملوا الميت معهم ويتوقفون اثناء التشييع للتدقيق في هوياتهم قبل وصول المقبرة، كما يوضح الصحفي القاطن في القرية علي عبيدات.

وتابع، “يحتاج المقدسيون في الشق الشرقي من السواحرة، إلى إجراءات معقدة، لدفن موتاهم في المقبرة الواقعة في الشق الغربي، وعادة يسمح بأقارب الفقيد من الدرجة الأولى فقط بمرافقة الجثمان”.

وأضاف: “نحن مصرون على دفن موتانا في مقبرتنا ولن تثنينا إجراءات الاحتلال عن ذلك، ولن نقوم بتشييد مقبرة جديدة، فالمقبرة الحالية موجودة قبل احتلال القدس وقبل إقامة الجدار”.

في سياق متصل قال الناشط محمد حجازي من القرية، “إنه مع إنشاء جدار الفصل العنصري اعترض أهالي القرية عبر محامٍ إلى محكمة الاحتلال العليا، وانتزعوا قرارا بإدخال الموتى بحرية إلى المقبرة لكن ذلك لم يطبق”.

وأضاف “في البداية كان الاحتلال يسمح لجميع المشاركين بالدخول، لكنه في مرحلة لاحقة بدأ بتقنين الأعداد حتى أصبح عدد الداخلين لا يتجاوز العشرات بعد التدقيق في هوياتهم والتأكد من وجود قرابة عائلية بينهم وبين المتوفى”.

وتابع: “لا تدخل سيارة نقل المتوفى بسهولة، بل تنتظر لفترة من الوقت لحين حضور مختصين في جيش الاحتلال للتأكد من هوية المتوفى وبأنه متوفى بالفعل، هذه الإجراءات تنتهك حرمة الأموات قبل الاحياء”.

من جانبه، قال رئيس بلدية السواحرة محمد هلسة: “هذه المعاناة في السواحرة وعدد مواطنيها نحو 10 آلاف نسمة بدأت منذ إقامة الجدار الفاصل عام 2002، إذ أصبحت المقبرة الخاصة بكافة عائلات البلدة واقعة خلف الجدار، ولم يعد بالإمكان الوصول إليها إلا بعد تنسيق مسبق ولعدد محدود من عوائل الموتى، أو لمن يحملون هوية القدس، أو تصاريح عمل مسبقة”.

وأضاف ان “البلدية تطالب على الدوام بفتح الحاجزين لدخول أهالي القرية بسهولة للمقبرة ولزيارة أقاربهم الاحياء”.

وقال: “يجري التنسيق مع الارتباط المدني الفلسطيني وننتظر لساعات لفتح الحاجز، وعادة ما يُدخلون كبار السن وحملة المتوفى بشرط ألا يكون عليهم منع أمني من قبل الاحتلال، حيث يمنع أبناء المتوفى إذا كانوا من الاسرى سابقا من الدخول، ولا يزور الأهالي قبور موتاهم إلا في حال المشاركة بدفن ميت جديد”.

وأوضح أن “سكان ضاحية الشيخ سعد أيضا يحتاجون إلى تنسيق من خلال الارتباط الإسرائيلي، ويُدخلون عددا لا يزيد عن 50 مواطنا من المشيعين بنفس الطريقة”.

ويرفض أهالي السواحرة الشرقية التنازل عن المقبرة كموقف وطني، في إطار المقارعة المستمرة لسياسات الاحتلال العنصرية.

Exit mobile version