المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

فلسطين ضحية ثالوث (النكبة،النكسة،الإنقسام)..!

بقلم: د. عبدالرحيم جاموس

اثنان وسبعون عاما قد مرت على النكبة الفلسطينية واللاجئين لا زالوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم التي هجروا منها وقواشين ممتلكاتهم من اراض وعقارات اغتصبت منهم عنوة واقتلعوا منها بالحديد والنار ، لا زال الفلسطينيون يتمسكون بحقهم في العودة الى قراهم ومدنهم التي هجروا منها وبيوتهم واراضيهم التي خلفوها وراءهم سنة1948م ، كانوا يعتقدون أنها مجرد ايام معدودات ويعودون اليها بعد ان رفضوا ومعهم اشقاءهم العرب قرار التقسيم رقم181لعام1947م ، في حين اعلنت العصابات الصهيونية قيام (دولة اسرائيل في الوقت الذي اعلنت فية الدولة المنتدبة بريطانيا انهاء انتدابها على فلسطين في 15/5/1948 م)، بعدها انتظر الفلسطينيون دخول الجيوش العربية التي اعلنت الحرب حينها من اجل تحرير فلسطين من العصابات الصهيونية ومنع قيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين وتمكينهم من العودة الى ديارهم ، لكن للأسف النتيجة كانت الهزيمة و النكبة ،لم تتمكن هذة الجيوش من هزيمة العصابات الصهيونية التي استطاعت ان تحتل مايساوي اكثر من78%من مساحة فلسطين متجاوزة بذلك النسبة التي كان قد قررها لها قرارالتقسيم وهي نسبة 54%من مساحة فلسطين ، وقعت على اثرها اتفاقات الهدنة العربية الإسرائيلية لترسيم حدود الكيان الصهيوني الوليد على اساسها فيما بعد ، رغم ذلك بقي الأمل عند الفلسطيني بالعودة قائما ويكبر يوما بعد يوم وفق القرار الاممي رقم 194لسنة1948م كما بقي الأمل لديه ينمو و قائما بإزالة الكيان الصهيوني يوما قادما لا محالة واقامة كيانه المستقل على كامل التراب الفلسطيني .
لكن الواقغ العربي كان يسير عكس هذة الآمال والأمنيات فوقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م وانتهى بإنسحاب القوات الغازية من سيناء وقطاع غزة ، وبقي الأمل قائما حين تستعد الجيوش العربية من جديد لمعركة التحرير ، لكن الطامة الكبرى والتي سميت بالنكسة حين وقعت حرب الخامس من حزيران للعام 1967م والتي انتهت بكارثة كبرى ، بإحتلال ماتبقى من ارض فلسطين وسيناء والجولان لتتضاعف مساحة الكيان الصهيوني خمسة مرات عما كان عليه، وسمي نكسة عربية ، عندها تصاعدت الثورة الفلسطينية التي كانت قد انطلقت في الاول من يناير عام عام 1965م على يد حركة فتح لتلتحق بها فصائل وطنية متعددة من مختلف الوان الطيف السياسي ، هكذا يمر اليوم على النكسة ثلاثة وخمسون عاما وما تبعها من مقاومة ونضال وكفاح فلسطيني وعربي بأشكال واساليب مختلفة وحرب اوكتوبر1973م .. ليبدأ بعد كل ذلك مسلسلا جديدا في الصراع يرتكز على اسلوب ( المفاوضات التي ادت الى توقيع اتفاق كامب ديفيد مع مصر ومن ثم اتفاق اوسلوا مع م.ت.ف واتفاق وادي عربة مع الاردن)..وبقي الفلسطيني رغم ذلك يحلم بالعودة الى وطنه ويحلم بإقامة كيانه المستقل وعاصمته القدس ..
مسلسل من النكبات والنكسات والتراجع في المواقف وسوء الإدارة للصراع من الجانب العربي والفلسطيني واكبه تفوق الكيان الصهيوني وداعميه وحلفاءه …
ليأتي الإنقسام الفلسطيني الناتج عن انقلاب حركة حماس الحزيراني في15/6/2007م والذي يكون قد مر عليه اليوم ثلاثة عشر عاما ليمثل الضربة القاسمة للمشروع الوطني الفلسطيني المرحلي او في حده الادنى ، ويتزاوج ويمثل الركن الثالث في في اركان تالوث النكبات والنكسات الفلسطينية والعربية ، التي جعلت من فلسطين ضحيتها المستمرة و الكبرى وتبعد امل العودة والتحرير الملازمان للإنسان الفلسطيني عقيدة لايحيد عنها ، منذ بدايات القضية الى اليوم الى سنوات وربما الى عقود اخرى ، هكذا تتشكل القضية الفلسطينية بفعل القوى الصهيونية وحلفائها من القوى الإستعمارية من جهة وبفعل التراجع وسوء الإستعداد والإدارة للصراع من الجانب العربي والفلسطيني …
فلا الحروب الكلاسيكية اوالشعبية ادت الى تحرير فلسطين ولا مكنت اللاجىء الفلسطيني من العودة الى دياره، ولا مسلسل المفاوضات تمكن من إنجاز ما اخفقت الحروب في تحقيقه…
رغم كل هذة المحطات والنكبات والنضالات والتضحيات وما حملته من مآسي واخفاقات وما حققته من انجازات ، فإن الشعب الفلسطيني بقي ولازال حقيقة قائمة وماثلة يربوا على اربعة عشر مليونا من البشر ليسوا فائضا بشريا على وطنهم و لا على العالم حتى يستمر انكار حقوقهم الثابتة غير القابلة للتصرف من عدوهم وغيره ، و لا يجوز ان يترك فريسة لسياسات الكيان الصهيوني وداعميه ليواصل مسيرة قضمه لها قطعة قطعة …
على طريق الغائها وقبوله من ثم عربيا وعالميا على صيغته التوسعية والعنصرية المرفوضة فلسطينيا وعربيا ودوليا ،ويتم كل ذلك بدعم وغطاء من ادارة الولايات المتحدة منفردة …
الفلسطينيون اليوم مطالبون بقراءة الواقع قراءة فاحصة ، على ضوءها يجب ان يتم بناء استراتيجية نضالية كفاحية جديدة اول عناصرها انهاء الإنقسام وانجاز الوحدة الوطنية ميدانيا ومؤسساتيا في اطار م.ت.ف بصيغة تكفل احتواء جميع القوى والتيارات في اطار جبهوي ناظم وموحد للفعل الوطني في مواجهة المشروع الصهيوني على كل المستويات وبكل الوسائل الممكنة والمتاحة .
عربيا لا بد من مراجعة المواقف العربية لجميع الدول ووقف مسلسل التراجع والتراخي في التعامل مع الكيان الصهيوني ووقف كل محاولات ومقدمات التطبيع معه وبناء المواقف الغربية الدولية على اسس مصلحية مع مختلف الدول والقوى على اساس مواقفها من هذا الصراع المزمن ، وتنفيذ القرارت العربية والدولية المختلفة بهذا الشأن ..
حتى يدرك الكيان الصهيوني وحلفائه مدى جدية الموقف العربي من سياساته العدوانية ، وتأكيد الإلتزام بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية كحد ادنى للموقف العربي لإنهاء الصراع ..
على الديبلوماسية العربية والفلسطينية ان تنشط وتسعي لخلق جهة دولية شعبية ورسمية عالمية داعمة للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ومعارضة لإستمرار الإحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينة وسياساته التوسعية والإستيطانية والعنصرية المجافية للشرعية الدولية ولابسط قواعد القانون الدولي ..
نخلص الى أن النضال الفلسطيني يجب ان يرتكز ويهدف الى تحقيق الغايات والأهداف الإستراتيجية التالية لإعادة الإعتبار لقضيته ..
اولا: إنهاء الإنقسام فورا وتحقيق الوحدة الوطنية في اطار م.ت.ف كجبهة وطنية عريضة تضم كافة القوى الفلسطينية .
ثانيا :النضال من اجل اسقاط قانون قومية الدولة(يهودية الدولة) في الكيان الصهيوني وتحقيق المساواة لشعبنا في منطقة الإحتلال للعام ثمانية واربعين ، والعمل على تحقيق هدف العودة للاجئين الفلسطينين ، كحق اصيل وثابت فردي وجماعي غير قابل للسقوط او التقادم او التنازل وفق ما فصله واقره القرار194 لسنة1948 م.
ثالثا: النضال من اجل ممارسة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وفق القرار 181لسنة1947م واقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس .
هذا هو الرد لمحو آثار ثالوث (النكبة والنكسة والإنقسام) الذي جعل من فلسطين وشعبها ضحية مستمرة وماثلة للعيان ..

د. عبدالرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني
20/06/2020م

Pcommety@hotmail.com

Exit mobile version