المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

فتح في غزة … سلطة تحكم ام معارضة تدافع عن الحقوق ؟

بقلم: حسن حسين الوالي

فتح في غزة هل تمارس دور القوة السياسية الحاكمة؟ ام القوة السياسية المعارضة ؟
هذا سؤال مهم وفي الاجابة عليه خروج من دوامات ودوران في حلقات مفرغة لا انزل الله بها من سلطان …
فقبل انقلاب حماس عام 2007 كان فتح تتعامل مع السلطة على قاعدة مسؤوليتها التاريخية عن الدفاع وخدمة الشعب الفلسطيني منذ انطلاقتها وفي هذا السياق فتح ضخت في السلطة الوطنية كل امكانياتها البشرية و المالية والسياسية والمعنوية … وبذلك اصبحت في مقام ” حزب السلطة” مع مراعاة عدم الانزلاق في حالة ديكتاتورية في الحكم ففتحت الباب لجميع الفصائل والمستقلين لمن يرغب في الشراكة وحمل الحمل … فمنهم من دخل ومنهم من أبي …ومنهم من كان بين البينين …
بعد انقلاب حماس عام ٢٠٠٧ بدات حماس بتكريس حكم منفرد في غزة حتى تتمكن من تكوين امارتها المستقلة في غزة … وهذه قضية واسع الشرح فيها و لم تدع حماس من مناسبة او تغيير اقليمي الا وحاولت استغلاله .. ومازالت تسعى حتى هذه اللحظة ….
وبالتالي تنظيم فتح ومنذ عام ٢٠٠٧ لم يعد له اي شكل من اشكال السلطة السياسية والامنية والادارية داخل مؤسسات الحكم ذات الطابع الحمساوي البحت ….
وبالتالى فتح التنظيم اصبحت خارج الحكم …
فهل اصبحت في المعارضة .؟
المسألة ليست بهذه البساطة …
ففتح والتى تقود منظمة التحرير و السلطة الوطنية ممثلة بالرئيس ابو مازن … والحكومة التى يكلفها …
ما تزال تحتفظ بالسلطات السياسية و الادارية بين الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات … وغزة جزء من هذا الشعب ..
و يمثلها في هذا الامر قاعدة جماهيرية وشعبية لم تتواني في التعبير عن هذا الامر في اكثر من مناسبة واكثر من صورة..
فلذلك السلطة الوطنية ومنظمة التحرير بقيادة الرئيس ابو مازن استمرت في التعامل مع غزة بنفس النمطية التى كانت قبل انقلاب ٢٠٠٧ بقدر الامكان وبالقدر التى تسمحه ظروف الانقلاب السياسية والامنية المعقدة و بالقدر الذي تسمح به حماس التى بدورها تعامل مع المسألة بمنطق نفعي بحت خاص بها بحيث جعلت انشطة السلطة ومنظمة التحرير في غزة بقرة حلوب تضمن لها مصدر مالى يضخ في غزة كل شهر على شكل رواتب و مصروفات حكومية و غطاء سياسي حسب الحاجة وعند الزنقة .. مثل ماكان يحدث في المفاوضات التى كانت تواكب كل حرب كانت تشن على غزة …
في هذه المرحلة فتح كانت تعيش حالة من عدم الوضوح بل حالة من الاستكانة ….. ولم يصدر عنها اي شكل من اشكال الثورة والحراك لتغيير هذا الواقع واكتفت بانتظار نتائج مفاوضات المستويات السياسية فيما يتعلق بالمصالحة مع حماس … بل على العكس عدد كبير من فتح وقواعدها في غزة استكان للوضع القائم واستثمره فهو يتلقى راتب ثابت من رام الله وعنده وقت فراغ لانشاء مشروع اسثماري حتى ولو اشترى سيارة اجرى و عمل عليها سائق ….
هذا الامر لم يستمر طويلا … فمع ازدياد الحملة الامريكية الاسرائيلية الشرسة على القيادة الفلسطينية وحصارها المالي و السياسي
بدأت السلطة الوطنية مجموعة اجراءات مالية مست رواتب اعداد كبيرة من كوادر وقواعد فتح …في الضفة وغزة
وفي غزة بالتحديد هزت ذلك السكون والاستكانة … و ابرزت قضية مهمة جدا بان المستقبل غير آمن للموظفين الذين بنوا خططهم وبرامجهم المالية والاجتماعية على فرضية ان الوضع السابق سيستمر …
وهنا وجدت فتح في غزة نفسها مطالبة من قواعدها بالقيام بجهد حثيث لدى الرئيس ابو مازن ورئيس الحكومة والوزراء .. لايجاد حلول لهذه المشكلات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي البحت ….
وهي مشكلات متشابهة في كل المجتمعات و الدول في انحاء المعمورة وبالتالي كان لزاما على فتح ان تضع برامجها في غزة للدفاع عن حقوق قواعدها الاجتماعية بما لا يتعارض مع الموقف السياسي العام للحركة ومصلحتها العليا و بالالتزام بقرارات قائدها العام و لجنتها المركزية ..
بمعنى ان فتح غزة كان لازم عليها ان تحيي ورشة نقاش واسعة حول تلك الحقوق داخل الحركة ومؤسساتها اولا … ومن ثم جعلها جدول برفد نهر سياسات الحركة العام و يتحول لقوة دافعة لتحقيق مصالحها العليا… هذا داخليا في فتح …
اما خارجيا فان اي قضية اجتماعية مطلبية … تقوم فيها الفئات المتضررة بانشطة المدافعة والمناصرة بهدف اجبار السلطات الحاكمة على تحسين اوضاع تلك الفئات …
وبالتالى فانه لزاما على فتح في غزة ودفاعا عن حقوق قواعدها الاجتماعية والاقتصادية وحتى المعنوية لزاما عليها ان تطالب سلطة الامر الواقع التى تمارسها حماس في غزة تطالبها بهذه الحقوق ….
فاصرار حماس على الحكم لا يعفيها من مسؤولياتها تجاه الجميع مسؤولياتها في ضمان الحقوق الاساسية المادية والمعنوية للمواطنين …
فان عجزت … تفتح المجال واسع ليختار الشعب من يحكمه عبر رؤيته السياسية و الوطنية …
باختصار فتح في غزة لا يجب ان تتعامل مع نفسها حزب سلطة و تحمل نفسها وتحمل فتح ما لا طاقة لهما به … ولا يمكن لها ان تتجاهل واجبها كمعارضة خارج السلطة في غزة وانه يجب عليها تخوض كقاح اجتماعي مدني سلمي في مواجهة سلطات حماس الحاكمة دفاعا عن الحقوق المدنية المعنوية والمادية والاجتماعية ليس للموظفين فقط وليس لابنائها وقواعدها فقط بل حقوق كل ابناء الشعب الفلسطيني المظلومين والمقهورين

Exit mobile version