المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

“حونينو”.. منظمة إسرائيلية لتبييض صفحة الإرهاب اليهودي وتشريع قتل الفلسطينيين

تتقاسم جمعيات صهيونية الأدوار في انتهاك حقوق الفلسطينيين والاعتداء عليهم وعلى حقوقهم المتنوعة سرا وعلانية، ومنها من يتولى عملية تبييض صفحتها والدفاع عنها كما تفعل جمعية “حونينيو” المتشددة الناشطة في تغطية الإرهاب اليهودي قضائيا.

وحسب موقع “واينت” العبري، تنشط منظمة “حونينو” المتطرفة في الدفاع عن منظمات يهودية إرهابية مثل عصابة “تدفيع الثمن” و”شبيبة التلال” وغيرهما، وباتت ذراعها القانوني، وقد جاء اسمها من إحدى آيات أسفار المزامير التوراتية الداعية الربّ للرحمة.

تعرّف المنظمة نفسها على موقعها الإلكتروني بلغة مثيرة للعواطف، حيث تستهل تقديمها لنفسها وتبرير وجودها بمقاطع من رسالة “وصية” والدة أحد الجنود ممن قتلوا في عملية عسكرية على حاجز عسكري قرب قرية عين عريك المحاذية لمدينة رام الله إبان الانتفاضة الثانية، وتوصيه فيها أن يحافظ على نفسه بأن “يسمح لنفسه (أو هي تسمح له) بأن يطلق النار حتى لو خالف في هذا الأوامر العسكرية الخاصة بالحالات المسموح فيها بإطلاق النار” لأن حياته أهم من قتل أي شخص آخر من بين صفوف الأعداء.

ويتقاطع هذا مع كتاب “عقيدة الملك” وهو كتاب فتاوى أصدره حاخامان قبل سنوات، ويبيح قتل الفلسطينيين حتى الأطفال منهم. وقد شكّلت الفتاوى مرجعية لعدد من جرائم القتل بحق الفلسطينيين.

ترميم الروح

أما فلسفة منظمة “حونينو” التي تقدم نفسها على أنها منظمة غير حكومية وجزء من المجتمع المدني الإسرائيلي ويقتصر عملها على الدفاع عن اليهود “وحلفائهم فقط”، فتقوم على هذا المقطع من الرسالة التي بقيت كلماتها يتيمة ومهملة إلى أن جاءت هذه المنظمة وحولتها إلى دعوة لـ”إصلاح روح” المجتمع الإسرائيلي، وباتت تساق كمسوغ لتبرير اللجوء إلى العنف، طالما أن المستهدف غير يهودي. وتشجع المنظمة اليهودية على هذا السلوك، وتعتبر أن وظيفتها الأساسية منذ تأسيسها في 2001 هي “الدفاع عن الجنود والمدنيين اليهود الذين يحاكمون أو يتم إيقافهم لأسباب لها علاقة بالوضع الأمني”. يشار إلى أن الوضع الأمني الذي يدور الحديث عنه وتجري من خلاله محاولة تمييع الصبغة العدوانية العنصرية التي تتبناها المنظمة، يمكن التعرف عليه من خلال سيرة المنظمة والحالات التي تمثلها من جهة، ومن خلال التصنيف الواضح الذي تقوم به بين الإرهاب (المقتصر على الفلسطينيين حصرا) وبين ردة الفعل الانتقامية النابعة من عجز الدولة والإحباط الذي يقابله على شكل عمليات قتل أو انتقام، ومن خلال الأمثلة التي تستشهد بها وتعتبرها النموذج المثالي الذي تنشط من أجل تبنيه في دوائر الجيش والنيابة وصناع القرار في إسرائيل من جهة أخرى.

المستوطن المؤسس

ويوضح المركز الفلسطيني للشؤون الإسرائيلية “مدار” أن مؤسس منظمة “حونينو”، شموئيل ميداد، يعتبر أن مساهمته الشخصية ما قبل تأسيس المنظمة تعد جزءا من تاريخ “حونينو” وإرثها، وأنها امتداد للحملات التي قام بها لإطلاق سراح أعضاء التنظيم السري اليهودي الذي يصنف على أنه تنظيم إرهابي تشكل عام 1979 ونفذ عمليات إرهابية خطيرة، مثل تفجير سيارات رؤساء بلديات الضفة في الثمانينات، ومؤامرة تفجير قبة الصخرة، والهجوم على الجامعة الإسلامية في الخليل، وخلية الإخوة كهلاني من كريات أربع، التي حاولت قتل شاب عربي في بداية التسعينات.

ويرى “مدار” أن الروح التي يذكرها ميداد في تعريف منظمته لنفسها على موقعها الرسمي ويريد الإسرائيليين التماهي معها، تتجسد في نماذج مثل الوحدة 101 وهي وحدة الكوماندوز الإسرائيلية التي أسسها أريئيل شارون في عام 1953 للرد والانتقام على العمليات الفدائية التي تستهدف الإسرائيليين، وكانت أبرز عملياتها التي نفذت خارج حدود إسرائيل في نفس العام الذي تأسست به، هي مجزرة قبية التي قتلت فيها الوحدة 60 مدنيا فلسطينيا من أهالي القرية الآمنة، وقامت بهدم ما لا يقل عن 45 منزلا على رؤوس ساكنيها.

وهناك خريج آخر وأحد مؤسسي الوحدة 101 يعتبر الرمز المثالي الآخر الذي يجسد النموذج الذي تريد منظمة “حونينو” تعميمه، هو مئير هار تسيون، أحد الآباء الروحانيين للإرهاب اليهودي، الذي قاد عملية انتقامية ضد تجمعات عرب العزازمة والجهالين البدوية في عام 1955 ردا على مقتل شقيقته وصديقها.

هار تسيون نفذ العملية بطريقة العصابات الصهيونية التقليدية، حيث اختطف خمسة من أبناء القبيلتين، قتل أربعة بالسكاكين مع التمثيل بجثثهم، وترك الخامس ليفرّ إلى قبيلته ليخبرها بما شاهده من فظائع والسبب الذي قتل أبناؤها من أجله ليعتبروا ويرتدعوا.

وهار تسيون لم يسجن رغم أن الجريمة التي ارتكبها أثارت جدلا واسعا، حيث قرر موشيه دايان رئيس هيئة الأركان في تلك الفترة، ووزير الأمن ديفيد بن غوريون عدم محاكمته “لعدم كفاية الأدلة” وبدل ذلك نال وسام الشجاعة مرتين في عام 1955 وعام 1973.

شهوة الانتقام

وتتمثل الروح العنيفة القائمة على الإرهاب وغريزة الانتقام التي تستلهمها منظمة “حونينو” بشكل عملي في نشاطها والدور الذي أخذت على عاتقها تأديته في سياق تمثيل والدفاع وتمويل الجنود والمستوطنين الذين يجدون أنفسهم متهمين بسبب أعمال نفذوها ضد عرب وفلسطينيين إما بشكل مباشر أثناء المواجهة وتأدية الخدمة العسكرية، أو على شكل رد فعل نابع “من الإحباط وعجز الدولة والرغبة في الانتقام.

وحسب موقع “واينت” فإن أول الملفات التي تولت المنظمة الدفاع عنها ونظمت حملات رأي عام لصالحها، كان في الدفاع عن أربعة جنود من “حرس الحدود” نفذوا عملية انتقام في مدينة الخليل ردا على مقتل أحد زملائهم، ثم تلتها خلية “بت عاين” التي نفذت عمليات انتقام وزرع عبوات أمام مدرسة في الطور في عام 2002، وصولا إلى قتلة الطفل محمد أبو خضير، ومنفذي عملية حرق عائلة دوابشة والجندي إليئور أزاريا، قاتل الشهيد الشريف في الخليل، وعشرات الحالات التي يتم ملاحقتها واعتقالها من منفذي عمليات “تدفيع الثمن” و”شبيبة التلال” مثل قتلة الشهيدة عائشة الرابي في حوارة قرب نابلس.

وضمن محاولة تبييض الجريمة وتسويغها، ترى منظمة “حونينو” في هذه النماذج أبطالا وليسوا مجرمين، لأن “العمل لا يجب أن يفصل عن قرن من الصراع ولا الظروف التي قادت إليه”.

التمويل وتورط الحكومة الإسرائيلية

ويستدل من ملفات “حونينيو” أن عمليات الدفاع عن المتهمين أمام المحاكم، وتنظيم حملات دعائية، ورفع عرائض وجمع تواقيع للإفراج عن المعتقلين اليهود على خلفية أمنية أو إرهابية، هي الجزء العلني والظاهر لنشاط هذه المنظمة الذي تتباهى به.

أما الجزء الأقل علنية، فهو المتعلق بنشاطها المالي، حيث كشف تقرير نشرته القناة العبرية 13 عام 2015 عن أن منظمة “حونينو” قدمت منحا مالية مباشرة كبيرة لمعتقلين يهود أدينوا بعمليات إرهابية ضد فلسطينيين على خلفية أمنية قومية، وبدوافع عنصرية، مثل عامي بوبر المعتقل على خلفية قتل سبعة فلسطينيين وإصابة أحد عشر ببندقيته في ريشون لتسيون (بلدة عيون قارة المدمرة) خلال الانتفاضة الأولى، كما تلقت زوجته مساعدات مالية من المنظمة تحت عنوان “مساعدات معيشية”.

دعم حكومي

ومقابل الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على السلطة الفلسطينية لتسديدها مخصصات لعائلات الشهداء والأسرى تتهمها بـ”الإرهاب”، فقد كشفت وقتها القناة 13 عن أسماء أخرى تلقت مساعدات مالية مثل يوسف حاييم بن دافيد، المحكوم بالمؤبد و20 عاما لقيادته الخلية التي أعدمت الطفل محمد أبو خضير، بالإضافة إلى مئير إتينغر، الذي يعتبر إحدى أخطر الشخصيات الخاضعة للمراقبة من قبل القسم اليهودي في جهاز “الشاباك”، وأيضا يعقوب سيلع، وهو جندي أدين بنقل معلومات أثناء خدمته في الجيش لمجموعات إرهابية يهودية، وأيضا جاك تايتل المدان بقتل فلسطينيين اثنين في نهاية التسعينات وبمحاولتي قتل أيضا.

كذلك يستدل من تقرير ” واينت ” أن تمويل المنظمة يتم من خلال جمع التبرعات من قبل منظمات وجماعات يهودية في إسرائيل والعالم، إلا أن مساهمة الحكومة الإسرائيلية تكمن فيما كشفت عنه القناة العاشرة من أن المنظمة تحظى بإعفاء ضريبي من قبل الحكومة على الأموال والتبرعات التي تصلها.

ودفع هذا الكشف عضو الكنيست في “المعسكر الصهيوني” (تحالف حزبي العمل وحزب الحركة سابقا) عمانويل ترختنبرغ إلى الطلب من وزير المالية موشيه كحلون في عام 2015 وقف هذه التسهيلات فقط بعد الكشف عن أنها جندت أموالا لصالح يغئال عمير، قاتل رئيس الحكومة الأسبق إسحاق رابين.

وحسب “واينت” تثير نشاطات المنظمة قلقا متزايدا في أوساط أجهزة الأمن الإسرائيلية ولدى قيادة الجيش على ضوء تزايد نشاطها في أوساط الجنود، حيث قامت بتوزيع عشرين ألف منشور داخل معسكرات الجيش مع أرقام هاتف خاص بها ودعوة للجوء إليها إبان عدوان “الجرف الصامد” على قطاع غزة في 2014.

وكشف الموقع أيضا عام 2015 عن أن عشرات الجنود المتهمين بمخالفات ضد الفلسطينيين تتعلق بأوامر إطلاق النار، وجدوا في المنظمة عنوانا لهم بديلا عن النيابة العسكرية والأطر التابعة للجيش والتي تهتم بمتابعة هذا النوع من القضايا، ما يجعلها تشكل جسما موازيا لها. وأشار إلى أن هذا التوجه أصبح ظاهرة تقلق قادة الجيش، خاصة على ضوء الشعار الذي تحمله حملات المنظمة تحت عنوان “الجيش لن يحميني” وهو ما يهدد روح الانضباط في أوساط الجنود وأفراد الشرطة وحرس الحدود.

تمدد فاشي يميني

ويرصد مركز “مدار” عددا كبيرا من التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن منظمة “حونينو” ونشاطها في السنوات الأخيرة، مما يعكس تعاظم قوة وحضور اليمين الفاشي الاستيطاني وأفكاره ومؤسساته داخل المجتمع الإسرائيلي، وقوته الآخذة في التعاظم في مفاصل الدولة والجيش ومنظومة إنفاذ القانون، وصدور أحكام قضائية تشكل أرضية خصبة لنمو هذه الجماعات ومرجعياتها كما حدث في فتوى الحاخام شموئيل إلياهو، حاخام صفد، التي نصت على أن “كل من يرفع يده على يهودي يجب قتله، ويجب الانتقام منه، حتى لو أنه لم يقتل، بل فقط ضرب أو أراد أن يقتل” حيث اعتبرت محكمة الاستئناف بشأن تلك الفتوى، أنها تقع في حدود “حرية تعبير الحاخامية” المشروعة، وهي تأتي من “منظور ديني قومي”.

من جهته قال محرر الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس” تسفي برئيل معقبا على هذه الفتوى إنها تذكر بتصريح الحاخام إلياهو وقرار حكم الحاخام إسحاق يوسف الذي قرر في 2016 بأنه “يجب إطلاق النار على كل من أسماهم (مخربين) من أجل قتله، ولا يهم ماذا تقول المحكمة العليا”. وتذكّر أيضا بما قاله وزير الأمن الداخلي السابق، إسحاق أهرونوفيتش، بأن “(المخرب) الذي يمس بالمدنيين حكمه هو القتل”، وبأقوال الوزير في حينه نفتالي بينيت في 2013 بأنه “إذا تم إلقاء القبض على (مخربين) فيجب ببساطة قتلهم”.

“القدس العربي”

Exit mobile version