المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

فوز بايدن وانعكاسه على عملية السلام ودور الجالية الفلسطينية في الانتخابات الأميركية

“الحياة الجديدة” تحاور نائب السفير والدبلوماسي السابق في بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن

فشل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في التحكيم على حلبة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل إنه ألحق الضرر ليس بالفلسطينيين فقط لصالح حكومة بنيامين نتنياهو، وإنما بصورة الولايات المتحدة ودورها وسيطا “دوليا” في حل النزاعات على الساحة الدولية.

حاول ترامب سلب الفلسطينيين هويتهم وتاريخهم عبر سلسلة قرارات كانت الدبلوماسية الأميركية أول المتشظين منها، إذ بدأت من واشنطن عبر إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، وانتهت في القدس المحتلة عبر جواز إدراج اسم إسرائيل على جوازات السفر الأميركية.. القيادة الفلسطينية التي حافظت على مساراتها القانونية والدبلوماسية في حفل الجنون “الترامبي” هنأ رئيسها محمود عباس، الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بفوزه في الانتخابات الرئاسية في إشارة جديدة إلى أن اليد الفلسطينية ما زالت ممدودة لمن يريد أن يتعاون جديا معها في تحقيق فرص السلام.

انتخابات الرئاسة الأميركية والكونغرس الأخيرة تعتبر حدثا تاريخيا على مستوى الداخل الأميركي وكذلك على المستوى الدولي. وعنها يقول الدبلوماسي الفلسطيني السابق في واشنطن عمر الفقيه لـ “الحياة الجديدة” إنها حدث كبير وهام ومميز وتختلف عن سابقاتها في تاريخ الانتخابات الأميركية، فلأول مرة يحصل رئيس أميركي على أكثر من 74 مليون صوت، لقد عكست رغبة شعبنا الفلسطيني على وجه الخصوص إلى جانب شعوب العالم والشعب الأميركي في التخلص من ترامب نتيجة سياساته المدمرة والتي أضرت بالقضية الفلسطينية ومستقبلها، وبالمصالح الأميركية وبالمنظومة الدولية بشكل عام، فقد عمل ترامب على إنهاء القضية الفلسطينية وعملية السلام من خلال “صفقة القرن” المزعومة والتي حاول فرضها على شعبنا الفلسطيني حيث لا تقل خطورة عن وعد بلفور المشؤوم الذي ألحق ضررا تاريخيا بقضيتنا.

وعن مستقبل العلاقة الفلسطينية – الأميركية في ظل الإدارة الجديدة برئاسة بايدن، أشار الفقيه إلى انه سيكون هناك تفاؤل وانفراج في العلاقة الفلسطينية- الأميركية برغم ما خلفته إدارة ترامب من إرث مدمر لهذه العلاقة من خلال القرارات الجائرة التي اتخذتها والتي ستشكل تحديا كبيرا أمام الرئيس الجديد مثل قضية نقل السفارة للقدس المحتلة، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني، ووقف المساعدات للأونروا، ووقف دعم مشافي القدس، و”شرعنة” المستوطنات، وإغلاق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية، ودمج القنصلية الأميركية في القدس المحتلة بالسفارة الأميركية.

وقد رحب الرئيس عباس وقدم تهنئة للرئيس المنتخب جو بايدن بفوزه في الانتخابات، والقيادة الفلسطينية تتطلع إلى علاقات ثنائية أميركية – فلسطينية دون ربط هذه العلاقة بإسرائيل، وأن تكون مبنية على أساس احترام قيم العدل والمساواة وحرية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره من خلال إنهاء الاحتلال.

وأضاف: هناك علاقات تربط الرئيس المنتخب بايدن بالقيادة الفلسطينية منذ سنوات وخصوصا في فترة الرئيس أوباما، بالإضافة الى ان نظرة بايدن تختلف عن سابقه في طريقة التعاطي مع القيادة الفلسطينية، وأتوقع ان يعلن خلال الأشهر الأولى بعد تسلمه عن إعادة المساعدات الأميركية خصوصا لوكالة “الأونروا”، وكذلك إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية وهذا له دلالته السياسية فيما يتعلق بوضع مدينة القدس، وكذلك إعادة المساعدات لمشافي القدس الشرقية كما كانت سابقا وهي مساعدات إنسانية.

كما سيتم العمل من قبل الإدارة الجديدة على إيجاد مخرج لإعادة المساعدات الأميركية المباشرة للسلطة الوطنية ولشعبنا الفلسطيني خصوصا بعد القوانين التي عملت إدارة ترامب بتمريرها في الكونغرس الأميركي عام 2018 المتعلقة بـ “الإرهاب” والتي تم اعتمادها والعمل بها عام 2019.

وحول إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن قال الفقيه: نحن نتطلع إلى علاقة استراتيجية دائمة مع الولايات المتحدة الأميركية، بطريقة تختلف عما كان سابقا، فقد كان يحتاج الأمر توقيع الرئيس الأميركي قرارا استثنائيا كل 6 أشهر لتمديد بقاء مقر البعثة مفتوحا، وبالتالي نحن ننظر إلى آلية تمثيل أفضل من ذلك وأن يكون مقر البعثة دائما وغير مرتبط بقوانين “الإرهاب” المقرة في الكونغرس والتي تقيد مستوى وشكل وطريقة وآلية عمل بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن الذي سيكون أحد قنوات الاتصال مع الإدارة الأميركية والكونغرس وصناع القرار وكذلك مع المجتمع الأميركي كما وسيمثل المصالح الفلسطينية في الولايات المتحدة الأميركية.

وفيما يتعلق بانعكاس فوز بايدن على عملية السلام لفت الفقيه إلى أن الرئيس المنتخب بايدن سيعمل ضمن سياسة إدارته الخارجية على إعادة الاعتبار للولايات المتحدة في العالم وكراعٍ لعملية السلام في الشرق الأوسط رغم التحديات التي ستواجهه في هذا الإطار نتيجة المواقف الأميركية التي اتخذتها إدارة ترامب، والتغيرات التي أحدثتها في العديد من الملفات خصوصا في منطقة الشرق الأوسط وخسارة الولايات المتحدة للعديد من الأصدقاء في العالم منها دول حليفة.

وتابع: عملت إدارة ترامب على إلغاء وعدم الاعتراف بمواقف الإدارات المتعاقبة في عملية السلام خصوصا في عهد إدارة الرئيس باراك أوباوما وطريقة تعاطيها مع عملية السلام والمفاوضات، حيث كان بايدن أحد أقطابها والمتمثل بتأييدها لمبدأ حل الدولتين للقضية الفلسطينية، وموقفها كان واضحا من الاستيطان والقدس، حيث صوتت الولايات المتحدة الأميركية على قرار مجلس الأمن 2334 في كانون الأول 2016. والمجيء بخطة جديدة تمثلت بما سماه ” صفقة القرن” والتي ضرب بها عرض الحائط الحقوق الفلسطينية المشروعة وقرارات الشرعية الدولية وعدم اكتراثه لجميع الاتفاقات والتفاهمات التي تمت على مدى أكثر من 25 عاما، وترامب كان يتعامل كشريك في المشروع الصهيوني وليس كرئيس للولايات المتحدة الأميركية.

وبخصوص المسار السياسي للإدارة الأميركية الجديدة يأمل الفقيه أن يكون مستندا إلى الشرعية الدولية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني القائم بحقه في إقامة دولته المستقلة وإنهاء الاحتلال، فالقيادة الفلسطينية تتطلع إلى العمل المشترك مع الإدارة الجديدة في سبيل إنجاح هذه الجهود، وأتوقع أنها تعمل على التحضير لذلك خصوصا بعد إعلان فوز بايدن بالرئاسة الأميركية، ومن المتوقع العمل على عقد مؤتمر دولي للسلام تكون الإدارة الأميركية ممثلة فيه بمستوى سياسي رفيع ومتفق عليه مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والدول العربية، بحيث يكون هدفه إعادة الاعتبار لعملية السلام وإعادة إطلاقها وتوفير الدعم السياسي والمالي لها.

وبالنظر للانتخابات الأميركية ودور الجالية الفلسطينية بها كشف الفقيه أنه لا شك أن هذه الانتخابات وما أفرزته هي تاريخية بالنسبة للأميركيين والعالم وذلك لحجم إقبال الأميركيين على صناديق الاقتراع، ولرغبة العالم والشعب الأميركي بالتخلص من حقبة الظلام التي رسختها إدارة ترامب من خلال سياساتها، وكان شعبنا الفلسطيني من أكثر شعوب العالم اهتماما بهذه الانتخابات بسبب الدمار الذي ألحقه ترامب بالقضية الفلسطينية ومصيرها، فشكلت خسارة ترامب فرحة كبرى لدى شعبنا الفلسطيني داخل الوطن والشتات.

وكان للجالية الفلسطينية دور فاعل ومميز وتاريخي في هذه الانتخابات، خصوصا بما أفرزته نتائجها من فوز الفلسطينية رشيدة طليب للمرة الثانية في الكونغرس الأميركي عن ولاية ميشيغان، وفوز أربعة فلسطينيين آخرين في كونغرس الولايات وهم أثينا سلمان في ولاية أريزونا، وفادي قدورة في ولاية إنديانا، وإيمان عودة في ولاية كولورادو، ووسام رسول في ولاية فرجينيا وجميعهم أعضاء في الحزب الديمقراطي، وهذا يعتبر إثباتا لدور الجالية الفاعل في الحياة السياسية الأميركية وأن الصوت الفلسطيني سيكون مسموعا أكثر من السابق، ويشكل فرصة ثمينة لنا كفلسطينيين لاستثمار هذا التواجد الفلسطيني في هذه المواقع المهمة من أجل التقدم في العلاقة الفلسطينية الأميركية.

وأردف: كانت آلية العمل الفلسطيني في هذه الانتخابات بثلاثة أشكال، من خلال الانخراط في حملة جو بايدن الانتخابية، فقد كان هناك أربعة فلسطينيين بشكل رسمي يعملون ضمن طاقم الحملة، من خلال حملة العرب الأميركيين لدعم مرشح الرئاسة بايدن، وأيضا من خلال نشاط أبناء الجالية ومؤسسات الجالية في عملية الترويج والتصويت غير المسبوق من أبناء جاليتنا في هذه الانتخابات، حيث أصبح كل فلسطيني في الساحة الأميركية يحمل مسؤولية ذاتية في العمل على الخلاص من ترامب من خلال صندوق الانتخابات، فعملوا في كل المحاور سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو في الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والاعلام الأميركي ومراكز الدراسات وأينما تواجدوا في أي موقع كان. فكانت الانتخابات الأميركية هي عملية استنهاض للعمل الفلسطيني بشكل أقوى من السابق، فعلا كانت مفخرة فلسطينية، وأننا نعمل على استمراره والبناء عليه ضمن استراتيجية العمل على الساحة الأميركية من أجل خدمة قضيتنا الوطنية والتأثير في الرأي العام الأميركي وصناع القرار الأميركي من أجل إقناعهم بعدالة قضيتنا الوطنية وحقوقنا المشروعة، ختم الدبلوماسي السابق عمر الفقيه كلامه لـ “الحياة الجديدة”.

الحياة الجديدة- هلا سلامة

Exit mobile version