المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

أهالي قرية الخان الأحمر.. الحق بالعودة وبناء المستقبل

بقلم: موفق مطر

“نعم فهذا يجسد حق العودة”، كانت هذه إجابتنا على سؤال عما إذا كانت عودة أهالي قرية الخان الأحمر البدوية من (عرب الجهالين) إلى موطنهم الأصلي في النقب يكرس مبدأ حق العودة للفلسطيني إلى أرض موطنه الأصلية، فالحق بالعودة يشمل ليس اللاجئين في عامي 1948 و1967 وحسب بل كل من أجبرته سلطات الاحتلال الاستعمارية العنصرية الاسرائيلية على مغادرة أرضه وبيته وموارده لكنه بقي ضمن حدود أراضي فلسطين التاريخية والطبيعية.

يحسب لأهالي قرية الخان الأحمر البدوية وعيهم وحسهم الوطني العالي، تماما كما يحسب لهم صمودهم وثباتهم على مواقفهم ودفاعهم المستميت عن حقوقهم وأولها عدم استبدال موطنهم الأصلي بأي بقعة أخرى في فلسطين المحتلة، فموطنهم الأصلي بادية القدس التي هجروا منها قسرا ما بين العامين 1952 و1953.

كما سيكتب في سجل التاريخ رفضهم المطلق إغراءات سلطة الاحتلال الاسرائيلي وتصديهم ومواجهتهم إرهابها بالصمود والثبات في أرض قريتهم في الخان الأحمر، رغم وعود سلطة الاحتلال بتأمين مكان تتوفر فيه ظروف عيش بإمكانيات وتقنيات حديثة لهم ولعائلاتهم وحلالهم (مواشيهم) التي تعتبر المصدر الرئيس لأرزاق معظمهم، حتى أن سلطة الاحتلال قد بنت فعلا قرية قرب مكب للنفايات ببلدة أبو ديس (شرق القدس) مجهزة بمستلزمات عيش- تحرمهم منها، وتمنعها عليهم في قرية الخان الأحمر.

أعضاء حكومة منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلي يكذبون كما يتنفسون، ويتخذون من الخروج على القوانين الدولية والتمرد على الشرعية الدولية وجرائم الحرب أسلوبا في حيواتهم، فهؤلاء قد تذرعوا قبل حوالي عامين أن أراضي قرية الخان الأحمر أملاك دولة وأنهم كسلطة احتلال يحق لهم استغلالها، لكن أهالي قرية الخان الأحمر أثبتوا أن الأرض أملاك خاصة، ومسجلة في دائرة “الطابو”.

هدف حكومة منظومة الاحتلال الحقيقي هو ضم أراضي القرية لصالح مستوطنة “معاليه أدوميم” وتوسيع التمدد الاستيطاني في المنطقة الممتدة من شرق القدس المحتلة والمعروفة بـ”E1″ وصولا إلى منطقة البحر الميت وذلك لقسم الضفة الغربية إلى شطرين يفصلهما شريط مستوطنات عريض” ضمن مشروع “القدس الكبرى” في خطة عشرية، أطلقت مرحلة جديدة في العام 1993 ولتحقيقه سعت وتسعى سلطة الإرهاب في دولة الاحتلال لإخلاء الخان الأحمر من سكانه وكذلك التجمعات البدوية المحيطة بغربي القدس المحتلة وشرقها، كالتجمع السكاني البدوي “جبل البابا” ببلدة أبو ديس، و”خلة الراهب” في أبو ديس، شرقي القدس، والعيزرية، فالسكان الفلسطينيون في هذه المناطق الواقعة شرقي القدس بلغ عددهم 7 آلاف نسمة ويسكنون في 26 تجمعا تعتبرهم منظومة الاحتلال عائقا كبيرا مانعا لتنفيذ مشروع عنصري خالص، وبالمقابل فإن الوطنيين الفلسطينيين الذين يناضلون لتثبيت القرية وسكانها على خريطة الجغرافيا السكانية والطبيعية في دولة فلسطين يدركون أن تهجير المواطنين من هذه المناطق ابتداء من بوابة القدس الشرقية (الخان الأحمر) سيمكن المشروع الاستعماري الاحتلالي من التمدد والإجهاز على روح المشروع الوطني الفلسطيني ومنع قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا.

“لا تدعوهم يهدمون مدرستنا” قرأت هذه العبارة المخطوطة في يافطة معلقة على جدار مدرسة الخان الأحمر المختلطة، التي أنشئت عام 2009 بالتعاون مع منظمة مساعدات إيطالية “Vento Di Terra” وتضم حوالي 180 تلميذا يداومون في مدرسة أنشئت بمواد أولية بدائية كالطين وإطارات السيارات المستعملة ومساند خشبية وسقفت بألواح تصلح لأي أمر إلا أن تكون سقفا لمدرسة يتلقى فيها أطفال بعمر البراعم تعليمهم، لكن نظرة سريعة على المدرسة ووسائل التعليم التكنولوجية المستخدمة فيها توحي لنا مباشرة بالمدى الذي يذهب اليه الفلسطيني لتعميق تجذره في أرض وطنه وتعزيز وتمتين هذه العلاقة الأبدية بالعلم والمعرفة، وقد لا يصدق البعض أن وسائل التعليم التكنولوجية المتاحة في هذه المدرسة تنافس في تقدمها ونظامها وسائل تعليم في مدن متقدمة، فهنا لدى كل تلميذ وتلميذة جهاز (لوح) الكتروني مع نظام ملابس موحد وزي جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية بشعاره المعروف (كن مستعدا) على زهرة اللوتس التي يتوسط تويجتها الوسطى علم فلسطين.

ويرتاد المدرسة للتعلم أبناء خمسة تجمعات سكانية بدوية كتجمع أبو فلاح، وأبو رائج عراره، والتبنه، أبو الحلو، سكنت بمحيط موقع المدرسة لتمكين ابنائها من فرص التعلم المنهجي، إلى جانب أبناء سكان قرية الخان الأحمر الواقعة جغرافيا ما بين مستعمرتي “معاليه أدوميم” و”كفار أدوميم” على مساحة 40 دونمًا، يعيش فيها أكثر من 50 عائلة في بيوت أنشئت من خيام وصفيح، و”كرفانات” متنقلة ممولة من الاتحاد الأوروبي، لتعويض فقدان مقومات البنية التحتية والخدمات الأساسية التي لا تسمح سلطات الاحتلال لوزارات السلطة الوطنية بإنشاء أي منها، لذا تعمل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان على مد القرية بكل أسباب الصمود باهتمام ومتابعة خاصة من الرئيس محمود عباس “أبو مازن”، الذي يعتبر معركة الخان الأحمر مصيرية بخصوص إنجاز الاستقلال الوطني وتجسيد المشروع الوطني.. وعد ببذل كل ما يمكن أهلنا في قرية الخان الأحمر وجوارها من الصمود واستمرار منهج التعليم وتوفير الرعاية الصحية بكل الوسائل الممكنة.

حكومة منظومة الاحتلال العنصرية وعدت جمعية “رغافيم” اليمينية المتطرفة بتنفيذ قرار هدم قرية الخان الأحمر، رغم اعتبار الجنائية الدولية لعملية الهدم إن تمت جريمة حرب، ستدمر مستقبل آلاف الأطفال والفتيان والشباب الفلسطينيين الذين تعمل سلطة إرهاب الدولة في إسرائيل على الحيلولة بينهم وبين العلوم والمعرفة بهدم مدرستهم، وإبقائهم مقطوعي الصلة مع المحيط والعالم.

Exit mobile version