المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الصحة أم الاقتصاد؟.. السؤال الأصعب في زمن “كورونا”

الصحة أم الاقتصاد؟.. المعادلة الأصعب، التي واجهت الحكومة الفلسطينية، كغيرها من حكومات العالم، في التعامل مع جائحة “كورونا” التي ضربت البلاد منذ الخامس من آذار/ مارس المنصرم.

ذات المعادلة طفت على السطح من جديد، بعد جملة من الإجراءات التي أقرتها الحكومة يوم الاثنين المنصرم، للحد من انتشار الفيروس، سيما انها شملت هذه المرة محافظات بعينها واستثنت أخرى.

تجربة الاغلاق الشامل، الذي فرضته الحكومة لكسر سلسلة الوباء، وانتهت في حزيران/ يونيو المنصرم، كان لها آثار سلبية على مختلف قطاعات الاقتصاد الفلسطيني بدرجات متفاوتة، إلا انها ساهمت إلى حد كبير بالسيطرة على الفيروس والحد من انتشاره، وبالتالي تقليل خسائره البشرية.

القيود التي فرضتها الحكومة الفلسطينية، لمكافحة تفشي “كورونا”، لم تكن بمعزل عن تلك التي فرضتها الحكومات حول العالم، بتوصية من منظمة الصحة العالمية، رغم تسببها بخسائر فادحة باقتصاداتها.

وتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد العالمي بنحو 5% للعام الجاري، واستبعد ان يعود إلى مستواه ما قبل الجائحة قبل حلول العام 2023، بينما كان متوقعا عودة الاقتصاد العالمي إلى النمو في الربعين الثالث والرابع من 2020، إلا أن عودة العديد من الدول خصوصا في أوروبا والولايات المتحدة إلى تشديد القيود في مواجهة موجة ثانية من تفشي الفيروس، أدت إلى انتكاسة اقتصادية جديدة.

الشخرة: لدينا 240 جهاز تنفس اصطناعي 80% منها مشغولة

الناطق باسم وزارة الصحة كمال الشخرة، قال إن الوضع الوبائي خطير جدا، وعدم التزام المواطنين هو السبب في ارتفاع اعداد الوفيات والاصابات والحالات الحرجة.

وأضاف: أن المحافظات التي تم شملها بقرار الاغلاق الشامل تقع ضمن المناطق التي صنفتها وزارة الصحة بـ”الحمراء”، وأنه في حال ظهور مناطق أخرى ضمن هذا التصنيف سيتم اغلاقها أيضا.

وأوضح أن تصنيف المناطق بـ”الحمراء” كان بداية، عندما تبلغ نسبة الإصابات 6% من العينة، وفيما بعد تغيرت النسبة إلى 28-30 % من العينة.

وبين أن المحافظات التي أعلن عن اغلاقها تعاني من اشغال كامل لأسرة العناية المكثفة في مستشفياتها بنسبة 100%، ما استدعى نقل المصابين فيها إلى محافظة أخرى.

وأشار الشخرة إلى أن الصحة زادت عدد الأسرة الخاصة بالعناية المكثفة من 5 الى 10 أسرة في كل مستشفى مخصص لعلاج مرضى “كورونا”، بمجموع 50 سريرا مزودة بأجهزة تنفس صناعي، وجرى اليوم تركيب 10 اجهزة منها في مستشفى دورا الحكومي، فيما بلغ اجمالي اجهزة التنفس الاصطناعي في فلسطين 240 جهازا، يشغل منها حاليا 80%.

وتوقع الشخرة انخفاض المنحنى الوبائي بعد أسبوعين، اذا ما التزم المواطنون بالاغلاق، منوها إلى توفر المسحات الخاصة بفحص “كورونا” لشهرين مقبلين.

وحول الوضع الوبائي في قطاع غزة، بين أن نسبة اشغال اسرة العناية المكثفة تقدر بـ80%، وان الحصار الاسرائيلي المفروض على القطاع، وارتفاع عدد السكان يشكل تهديدا جديا لتفشي الفيروس.

وأكد أن وزارة الصحة وبتعليمات من الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء محمد اشتية، تقوم بتوفير جميع المستلزمات والأجهزة الطبية التي يحتاجها الى قطاع غزة لمواجهة الفيروس، وانها تجري كل جهد ممكن لادخال طواقمها إلى القطاع لمتابعة الوضع الوبائي عن كثب.

توقع بتوفر لقاح “كورونا” في فلسطين نهاية الشهر الجاري

وقال الشخرة إن طعومات فيروس كوفيد 19 ستتوفر في فلسطين كما في دول العالم بعد موافقة ومصادقة منظمة الصحة العالمية، وتوقع ان يكون ذلك في نهاية الشهر الجاري، محذرا من تداول اي اخبار حول المطاعيم الا من مصدرها في وزارة الصحة.

رئيس جامعة الخليل: للإغلاق ثمن اقتصادي لكن صحة الإنسان أولوية

رئيس جامعة الخليل صلاح الزرو، قال إن للإغلاق ثمن اقتصادي ولا تدفعه الخليل وحدها، وانما جميع الوطن، ويجب أن تبقى صحة الإنسان أولوية، على حساب أي شيء آخر، مع ضرورة تحقيق وعي من المواطنين بخطورة الفيروس لتقليص حجم الخسائر.

وأضاف: أن الحكومة تبذل جهدها ضمن الامكانيات المتاحة وذلك بسبب اشتداد الوباء والحصار الذي كان مفروضا من الاحتلال وقلة موارد السلطة. وأعرب عن تفهمه لموقف التجار في المحافظات التي أعلنت الحكومة عن اغلاقها، داعيا إلى تضافر الجهود الرسمية والشعبية في الوطن لتجاوز هذه الجائحة.

وذكر رئيس جامعة الخليل، بحالة الانسجام والتعاون بداية انتشار الوباء، ما كان له اثر كبير في انخفاض عدد الإصابات وحسر انتشار الفيروس.

وقال: للأسف بعد تخفيف القيود المفروضة من قبل الحكومة للتخفيف على المواطنين والسماح لعجلة الاقتصاد بالدوران من جديد، لم يلتزم المواطنون باجراءات السلامة العامة، ما أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات والاصابات بشكل أكبر، وهو ما دفع الحكومة للعودة إلى سياسة الاغلاق.

وأعتبر ان الاجراءات الحكومية الأخيرة بالاغلاق جاءت متأخرة، داعيا إلى ضرورة أن يتم دراسة الموضوع بشكل أعمق مع مراعاة الوضع الخاص في المحافظة.

ودعا وزير الاقتصاد الوطني ومحافظ الخليل للقاء ممثلي القطاع الخاص ورجال الأعمال في المحافظات المغلقة للحديث عن أهمية الالتزام بالاجراءات الحكومية التي جاءت في اطار الضرورة لتفادي أن يفتك الفيروس بالمواطنين.

وحث المواطنين على الالتزام بالاجراءات الحكومية، محذرا من خطورة الالتفاف عليها، او مخالفتها بأي شكل كان.

أمين سر حركة “فتح” اقليم نابلس جهاد رمضان، قال لـ”وفا” إن قطاع الصحة يتقدم على أي ملف آخر مع أهمية الاقتصاد، وأن هناك تشاركية بين الحكومة والفصائل والقطاع الخاص للوقوف ضد الجائحة، وأن الإغلاق يجب أن يشمل كل مناحي الحياة والقطاعات في المدينة والريف والمخيم.

وأضاف أن الوضع الصحي والوبائي صعب؛ نظرا للارتفاع الكبير في عدد الإصابات وأعداد الوفيات المتزايدة، وأنه رغم أن قرار الإغلاق الشامل لمدة أسبوع صعب إلا أنه مهم لكسر سلسلة الانتشار؛ حفاظا على أرواح المواطنين وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعيدا عن أية اعتبارات، وذلك كون حياة المواطن الفلسطيني أغلى وأثمن من أية أموال أو اقتصاد واستثمار.

بدوره، قال الناشط المجتمعي في مدينة نابلس عامر طوقان لـ”وفا”، إن “موضوع الوباء صعب سهل، المواطن ذاته الذي يملك خيار أن يكون الوباء صعبا أو سهلا، وعدم التزام المواطن بشروط الوقاية والسلامة والاستمرار بإقامة الأفراح والأتراح وممارسة الحياة الاجتماعية على أكمل وجه أدى لانتشار الوباء”.

وأضاف أن الوضع الصحي غير مبشر بخير؛ خاصة أن قطاعنا الطبي متواضع، مؤكدا أن قرار الإغلاق قرار حكيم حتى لا نصل لمرحلة لا يستطيع فيها المريض العادي أن يعالج أو يجد له سرير في المستشفيات، وأن الإغلاق سيؤدي إلى تراجع عدد الإصابات إذا ترافق مع الالتزام بشروط الوقاية والسلامة.

وردا على احتجاج بعض القطاعات الاقتصادية على الإغلاق، اكد طوقان أن الصحة أهم من كل الأموال والملايين، فجميع القطاعات متضررة وليست الاقتصادية وحدها فطلبة الجامعات والمدارس والجميع متضرر، مؤكدا أن الصحة أولا.

من جهته، قال منسق تجمع مؤسسات المجتمع المدني في نابلس الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي لـ”وفا”، أن ما نشهده هو بداية انهيار القدرات الصحية سواء من مستشفيات أو معدات وطاقة بشرية بعلاج كل هذه الأعداد المتزايدة من الإصابات.

وأضاف أن الحالة الصحية خطرة جدا ودخلت للمرحلة الحمراء وأن التخوف من انهيار القطاع الصحي وأن يكون هناك أفضليات ويحرم البعض من العلاج، مؤكدا على تغيير الآليات والسياسات لمواجهة الوباء، وذلك بفرض الإغلاق الشامل في كافة المناطق بالضفة ضمن آليات معينة، وأن تشدد الأجهزة الأمنية إجراءاتها والاستعانة بلجان الطوارئ واللجان الشعبية بالمناطق.

وشدد عنبتاوي لـ”وفا” على أهمية الإغلاق الشامل، لخفض أعداد الإصابات والوفيات حتى تتمكن الطواقم الطبية من تقديم العلاج اللازم لها وتخفيض أعداد الإصابات حتى وصول اللقاحات اللازمة لعلاج كورونا.

“مُكرَهٌ أخاك لا بطل”

الحكومة الفلسطينية حذرت مرارا وتكرارا على لسان رئيسها محمد اشتية، ومن خلال وزيرة الصحة مي الكيلة، من تدهور الأوضاع الصحية في فلسطين، وناشدت المواطنين الالتزام باجراءات السلامة العامة وأهمها وانجعها التباعد الاجتماعي، إلا أن مناشداتها لم تلق اذان صاغية في كثير من الأحيان، وامام الزيادة المضطردة في اعداد الوفيات والاصابات جراء الفيروس، وجدت الحكومة نفسها مرة ثانية امام خيارين إما استمرار الوضع على ما هو عليه وإنقاذ الاقتصاد، أو الحفاظ على أراح مواطنيها.

وأمام غياب أي لقاح فعال للوقاية من الفيروس حتى اللحظة، لم تجد الحكومة حلا أفضل من فرض الحجر الصحي الشامل على بعض المحافظات (الخليل، نابلس، وبيت لحم، طولكرم)، بسبب نسبة إشغال الأسرّة في مستشفياتها والمراكز الطبية المخصصة لعلاج المصابين بفيروس كورونا، إضافة إلى ارتفاع نسبة النتائج الإيجابية في الفحوصات التي تجرى فيها.

وفا- أسيل الأخرس

Exit mobile version