المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

نتنياهو يترنح لكنه لم يسقط بعد..

بقلم: د. وجيه أبو ظريفة*

حلت الكنيست نفسها بنفسها بعد أن فشلت حكومة نتنياهو – جانتس في الاتفاق علي الموازنة العامة التي تتيح المجال لاستمرار الحكومة وأيضا لتبادل رئاستها وهو الخيار الذي لا يريده نتنياهو ليس فقط الآن ولكن منذ تشكيل هذه الحكومة رغم محاولات جانتس لإقناع نفسه بصدق نتنياهو.

ولدت هذه الحكومة بعد مخاض عسير وبالتالي من الطبيعي أن تكون حكومة مشوهة وهي تحالف بين خصوم وليس بين حلفاء وبالتالي منذ اللحظة الأولى كان متوقعا سقوطها في أغسطس الماضي علي ابعد تقدير ولكن رغبة نتنياهو في كسب اكبر فتره ممكنه من الوقت جعلته يقبل تأجيل إقرار الموازنة حتى ٢٣ ديسمبر ليؤخر حل الكنيست لثلاثة أشهر إضافية يكون فيها رئيسا للحكومة.

حل الكنيست ترافق مع استمرار إعادة الاصطفاف الجديد في الساحة السياسية الإسرائيلية والذي بدا بتفكك ازرق – ابيض وبدء تفكك القائمة المشتركة وتفكك حزب العمل وبدء تفكك بوتيرة اقل في حزب الليكود وربما يستمر في شكل نشوء أحزاب جديدة أو بناء تكتلات احدث لخوض الانتخابات أو حتى تفكك في بعض الأحزاب القائمة.

المتتبع للحياة الحزبية في إسرائيل يري أن العملية السياسية تقوم علي صراع بين أشخاص يبحثون عن الزعامة ليس أكثر فلا خلاف برامجي حاد في الساحة السياسية فالجميع لديهم نفس الرؤية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويتبنون نفس الخطط الإستراتيجية بل لديهم نفس الأفكار اليمينية واليمينية المتطرفة وربما باستثناء العرب والشيوعيين اليهود لا يوجد ما يختلف عليه احد في دوله الاحتلال خاصة تجاه القضية الفلسطينية.

أن هذا التنافس بين رجال اليمين واليمين المتطرف يجعل كل الخيارات مفتوحة في الانتخابات القادمة فرغم تراجع الليكود إلا انه ما زال الحزب الأول ورقم تقدم ساعر فانه ما زال حزبا جديدا لم تتضح تركيباته ولم تنشب الخلافات بين أعضاءه ورغم تقدم بينيت إلا انه ليس محل ثقة الجمهور كرئيس للحكومة ولم يعد بإمكان جانتس أو لبيد ان يشكلا حكومة ولا حتى أن يتزعما معارضة ولن يتبقى للعرب أو لحزب ميريتس قدرة علي التأثير من اجل إزاحة اليمين عن الحكم في إسرائيل وبالتالي لم يعد مهما من سيحكم إسرائيل بعد الانتخابات فكل الخيارات لا تقل سوءا عن خيار نتنياهو الذي قد يستمر رئيسا للحكومة القادمة فهو يترنح نتيجة الضربة الشديدة التي وجهها له جدعون ساعر ومن تحالف معه من أعضاء الليكود ولكن نتنياهو لم يسقط بعد فلدية الكثير من أوراق المناورة وملفات التفاوض مع الحلفاء والخصوم وخبرة سنوات طويلة في تركيب وتفكيك الأحزاب الإسرائيلية وربما أهم ما لدى نتنياهو هو غياب الخيارات فإما أن يكون رئيسا للحكومة وإما أن يذهب للمحاكمة التي ستقوده ربما إلي السجن.

نتنياهو سيواصل استغلال كل إمكاناته خلال الأشهر الثلاثة قبل الانتخابات من اجل أن يضعف خصومة ويواصل الاستثمار في الجمهور خاصة انه ضمن أن لا منافسة له في الليكود بعد خروج ساعر ولذا سيركز على الجمهور والإعلام والسياسة خاصة مواجهة كورونا والاستفادة من التطعيم الواسع للجمهور واستكمال التطبيع وتمرير استلام بايدن للإدارة الأمريكية دون صدام معه واستعادة عجلة الإنتاج والحفاظ على قوة الاقتصاد الإسرائيلي ومواصلة الاختراقات السياسية في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وضمان عدم اشتعال حرب حدودية تدفع إسرائيل ثمنا لها.

نتنياهو اقل حظا من أي وقت مضى ولكن هذا لا يعني انه سيغادر الحلبة بسهولة فهو لن يخرج منها إلا بالضربة القاضية وسيبقى يقاتل ليطيل أمد الصراع مع خصومه لعله يفوز عليهم بالنقاط ويمدد بقاءه في الحكم إلى ما بعد الصيف القادم بعدما ضمن انه سيبقي رئيسا للحكومة حتى أيار القادم على الأقل.

* رئيس المركز الفلسطيني للحوار الديمقراطي والتنمية السياسية

Exit mobile version