المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الحرب على “رئة” طوباس الشرقية

الحارث الحصني كان نمر حسن مساعيد، بين لفيف من مواطنين قد منعتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي من الوصول إلى منطقة “عينون” لمعاينة الأضرار التي لحقت بالأشجار الحرجية التي دمرتها جرافات الاحتلال.

في تلك الفترة لم يكن يعلم مساعيد أن عشرات أشجار الزيتون التي زرعها قبل عشر سنوات، قد اقتلعها الاحتلال أيضا وسرقها. فالرجل الذي سمح له الاحتلال بشكل استثنائي الوصول إلى أرضه جاء بالصدفة لتفقدها بعمل روتيني.

“استقبلتني الأرض بكارثة”. وصف مساعيد ما حدث.

في الحقيقة لم تكن الكارثة بهذا الحجم فقط، فعلى امتداد ساعات كانت ثلاث جرافات يرافقها مئات العاملين تعمل على قص عشرة آلاف شجرة حرجية في المكان؛ بحجة تواجدها في مناطق تدريبات عسكرية.

لكن مساعيد الذي دأب على التواجد في المنطقة منذ عقد ونصف، قال لمراسل “وفا”، إنه لم تجر قوات الاحتلال أي تدريبات عسكرية في المنطقة، يكرر مواطنون يعملون بشكل مستمر في المنطقة الكلام ذاته.

ويقول مسؤول الغابات في مديرية زراعة طوباس، مهيوب صوافطة في المنطقة 300 دونم زُرعت قبل عشرة سنوات بحوالي 10 آلاف شجرة حرجية، وهذه الأشجار الحرجية هي ضمن مشروع تخضير فلسطين الذي تعمل عليه وزارة الزراعة.

خلال الأعوام 2007 و2008، شهدت المنطقة زيادة طفيفة في المساحات الخضراء؛ نتيجة اتجاه الحكومة والمواطنين إلى تشجير الأرض، كنوع من الحماية ضد المصادرة والإجراءات الإسرائيلية، ليتوج هذا النشاط بقرار مجلس الوزراء رصد 250 ألف دولار للبدء بتنفيذ مشروع تشجير فلسطين، لتصل مساحة الأرض المزروعة بالأشجار الحرجية في الأراضي الفلسطينية 3,452.26 دونمًا، حسب التعداد الزراعي لجهاز الإحصاء المركزي لعام 2010، منها 3,347.73 في الضفة الغربية، و104.53 في قطاع غزة.

وتشير الاحصائيات إلى زراعة 2306 دونمات في الضفة الغربية بأشجار الصنوبر الحلبي والسرو، بين عامي 1927 و1950، وزراعة 2500 دونم في قطاع غزة بأشجار الأكاسيا.

ومنذ خمسينيات القرن الماضي حتى اليوم، وصل عدد المحميات الطبيعية، والحرجية في طوباس لــ (12) محمية طبيعية.

هذه الأيام اللطيفة، شوهد عشرات الفلسطينيين وهم يتنزهون ضمن النطاق الجغرافي للغابات والأحراج، وتمنح الغابات والاحراج في عيون، المواطنين والزائرين إليها، شعورا بالارتياح، ومنفسا في أوقات عطلهم. وقد أمكن مشاهدة علامات تدل على وجود متنزهين في المنطقة.

لكن المنطقة التي تطل على سهل البقيعة الواسع، بدت هذا اليوم حزينةـ بعدما قصت قوات الاحتلال آلاف الأشجار الحرجية فيها، ولوحظت الأشجار الحرجية بأطوال متفاوتة وهي ملقاة بجانب حفرها بعد قصها.

يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات، إن الاحتلال أخطر علن 2014 بوقف العمل في الغابات، وعليه قدمت الجهات المختصة عام 2016 التماسا لدى المحكمة الإسرائيلية لوقف الإخطار، لكن المحكمة الإسرائيلية حكمت قبل أسبوع بإزالتها.

متنقلا بين أشجار الزيتون قال مساعيد: “لقد حلت كارثة في هذه المنطقة (..)، إنهم سرقوا حقنا”، وهو يعني أن الاحتلال يقتلع الزيتون بعد قصه ويستولي عليه.

يكرر صوافطة الكلام ذاته، غير أنه أخبر الموجودين عن نية الجهات المختصة بإعادة زراعة المنطقة.

محافظ طوباس والأغوار الشمالية يونس العاصي أدان في وقت لاحق الهجمة الشرسة التي قامت بها قوات الاحتلال في الأغوار الشمالية خلال اليومين.

ويقول التقرير السنوي لانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الفلسطينية في الأرض والسكن خلال عام 2019، ان الاحتلال حطم واقتلع واعتدى في الأراضي الفلسطينية على حوالي (19064) شجرة، منها (51%) زيتون.

حاليا خسرت محافظة طوباس واحدة من الغابات والأراضي الحرجية التي تطل على سهل البقعية في منظر يأسر الألباب.

وقد عملت قوات الاحتلال على رش أماكن الأشجار الحرجية بالمبيدات، خشية من أن تنمو من جديد.

حقوقيون وناشطون وصفوا أن الاحتلال يسعى بكل الطرق للاستيلاء على مزيد من الأراضي.

“لقد أعدموا الأرض كلها”. يقول محمود عامر وهو شاب في الثلاثينات من عمره جاء تلبية لنداءات مساجد طوباس للمواطنين بالتوجه إلى المنطقة.

وفا

Exit mobile version