المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

حمصة الفوقا.. كان للفلسطينيين هنا حياة

يسود هذه الأيام طقس منعش في سهل البقيعة بالأغوار الشمالية، يهب الحياة للفلسطينيين، لكن في خربة “حمصة الفوقا”، وهي امتداد جغرافي للسهل الكبير، كانت حياة الفلسطينيين تلفظ أنفاسها الأخيرة.

فهذا النهار الذي مر على الخربة التي تقع على سفوح سلسلة جبال مطلة على أراض سهلية زراعية، كان واحدا من الأيام التي حملت ذاكرة سوداء في نفوس الفلسطينيين.

يقول محمد أبو كباش، وهو أحد المواطنين الذين هدم لهم الاحتلال خيامه: “لقد دمروا كل شيء، لم نسترح بعد من عمليات الهدم السابقة”.

قبل يومين هدم الاحتلال أيضا قرابة الأربعين منشأة بين خيام سكنية للسكان وحظائر، وأمهلهم يومين للرحيل عن المنطقة، واليوم أجهز الاحتلال على كامل الخيام.

وفعليا هدم الاحتلال اليوم، عشرين منشأة بين سكنية وحظائر أغنام للفلسطينيين، كما هدم قبل يومين أربعين منشأة للعائلات ذاتها.

ذاتها العائلات المتضررة، تمتلك سجلا أسود خلال الأشهر القليلة الماضية في عمليات الهدم التي نفذتها قوات الاحتلال بحقها.

ففي الثالث من شهر تشرين الثاني الماضي، نفذ الاحتلال عمليات هدم قاسية لخيام المواطنين في الخربة، في واحدة من أعنف العمليات خلال العقد حيث هدمت سلطات الاحتلال 83 مبنى، أو حوالي ثلاثة أرباع التجمع، بما في ذلك 29 مبنى تم تقديمها كمساعدات إنسانية.

ويقول مدير عام العمل الشعبي ودعم الصمود في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة: “الاحتلال يريد الأغوار فارغة من الفلسطينيين”.

ويضيف: “الاحتلال يستهدف المنطقة منذ ثلاثة أشهر بعنف لا شبيه له”.

من جهته، قال نضال أبو كباش: “هدموا لي قبل يومين بضع خيام، واليوم أكملوا ما تبقى”.

وفي أقاويل أدلى بها متضررون من عمليات الهدم، فإن الاحتلال عرض عليهم الرحيل لمنطقة عين شبلي بالأغوار الوسطى، لكن الرد الفلسطيني أجمع على رفض الفكرة من أساسها.

وقال حرب أبو كباش: “لن نخرج من هذه البلاد”. يكرر الكلام ذاته الكل الفلسطيني في المنطقة المنكوبة.

جالسا جانب ركام إحدى الخيام بعد أن دمرها الاحتلال، قال حرب: “لن نترك هذه البلاد حتى الممات”.

منذ عام 2008 حتى هذه الأيام، هدم الاحتلال لحرب أبو كباش ثلاث مرات، لكن الرجل الذي كان يصمت أكثر مما يتحدث وهو يراقب ما يجري قال لمراسل “وفا”، إن هذه المرة هي الأعنف.

من جهته، يقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم”، خلال السنوات هدمت إسرائيل مئات المنازل وقامت بتجريف آلاف الدونمات من الحقول الزراعيّة والكروم تحت غطاء “الاحتياجات العسكريّة”. تطبيق هذه السياسة ترك آلاف السكّان بلا مأوى وبلا مصدر معيشة.

في الواقع، جرّد الاحتلال المنطقة، اليوم، من معالم الحياة فيها، وقد أمكن مشاهدة أماكن كانت فيها خيام عائلات فلسطينية.

لكن يؤكد حرب أبو كباش، قال إنه في الوقت الذي يغادر فيه الاحتلال المنطقة، سيعيد البناء.

ويقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف: “سيعاد بناء القرية الليلة، لن نترك الشعب وحيدا.

وأضاف: “اليوم سجلنا نقطة انتصار لصالحنا”.

حقوقيون ومهتمون بالأغوار قالوا إن صمود الفلسطينيين في أرضهم يفشل مخططات الضم الإسرائيلية للأغوار الفلسطينية.

هذه الأثناء، تعمل طواقم هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومتطوعون على بناء ما هدمه الاحتلال في الخربة، فيما أن سلطات الاحتلال داهمت الخربة مرة أخرى وفككت الخيام.

وفا- الحارث الحصني

Exit mobile version