المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

إسرائيل تضغط على إدارة بايدن لاشتراط عودة العلاقات مع الفلسطينيين بعدم توجههم “للجنائية الدولية”

يعتقد خبراء أن ثمة بوادر تشير إلى اضطرار إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في وقت أبكر بكثير مما كان متوقعًا، وذلك بسبب قرار لجنة المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي بإفساح الطريق أمام تحقيق محتمل في جرائم حرب ضد ارتكبتها إسرائيل.

وأثار قرار المحكمة الجنائية الدولية غضب الحكومة الإسرائيلية ، وأنصارها في العاصمة الأميركية واشنطن “وأكد اضطرار إسرائيل للاعتماد على إدارة بايدن في مواجهة قرار المحكمة بعد الإعلان عن القرار مباشرة ، حيث فتحت إسرائيل على الفور مشاورات عاجلة مع المسؤولين الأميركيين” بحسب موقع آكسيوس .

ونسب الموقع لمسؤوليين إسرائيليين قولهم أن “القائم بأعمال السفير الأميركي في إسرائيل التقى صباح الاثنين (8/2) بوزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي لبحث الأمر، وبعد ذلك بساعات ، تحدث وزير الخارجية الأميركي توني بلينكين مع أشكنازي وطمأنه بأن الولايات المتحدة ستساعد إسرائيل في معارضة حكم المحكمة الجنائية الدولية”.

ويعتقد خبراء أنه على عكس إدارتي أوباما وترامب ، فإن إدارة بايدن لا ترى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كأولوية في السياسة الخارجية ولديها توقعات قليلة بإحراز تقدم.

يذكر أن بلينكين ظهر في مقابلة على شبكة سي إن إن يوم الاثنين الماضي بعد مكالمته مع أشكنازي ولخص نهج الرئيس بايدن الأولي تجاه قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالإقرار العلني أن إدارة بايدن تعتبر القدس عاصمة إسرائيل، وإرجاء مسألة القدس الشرقية (كعاصمة الدولة الفلسطينية) إلى بحثها في مفاوضات الحل النهائي، مطالبا الطرفان بعدم اتخاذ أي خطوات أحادية قد تلحق الضرر بمستقبل المفاوضات بينهما و”تزيد من عرقلة الطريق نحو السلام”، إلى جانب الإقرار بحق إسرائيل في الحفاظ على الجولان المحتل طالما وأن الرئيس الأسد في السلطة.

وألمح بلينكن إلى أن بايدن لا يعتقد أن هناك فرصة واقعية لاستئناف المفاوضات بين الطرفين في المدى المنظور ، وبالتالي لا يخطط لتعيين مبعوث خاص لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.

وبحسب آكسيوس ، “حذر مسؤولون إسرائيليون نظرائهم الأميركيون من أزمة عميقة في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية إذا ما بدأ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم الحرب ، الذي طلبته في البداية الحكومة الفلسطينية”، وأن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو “بحاجة ماسة الآن إلى دعم بايدن في قضية ذات أهمية قصوى لإسرائيل”.

وكانت زارة الخارجية الأميركية قد اعترضت على قرار المحكمة الجنائية الدولية الجمعة، 5 شباط 2021 ، الذي يقضي بأن المحكمة ومقرها لاهاي لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية ما يمهد الطريق للتحقيق في جرائم حرب فيها.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس على “تويتر”، أن “الولايات المتحدة تعترض على قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن الوضع الفلسطيني”.

وأضاف برايس قائلا “سنستمر بدعم التزام الرئيس بايدن القوي بأمن إسرائيل، بما في ذلك مواجهة المساعي لاستهداف إسرائيل بشكل غير عادل”.

كما وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا الجمعة، 5 شباط 2021 يقول ” الجنائية الدولية اليوم ، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) قرارًا يدعي الولاية القضائية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة ، في الوقت الذي يعتري مسائل قانونية وواقعية خطيرة تحيط بقدرتها على القيام بذلك”.

وبحسب آكسيوس، تعمل الحكومة الإسرائيلية الآن على دفع إدارة الرئيس الأميركي بتكثيف الضغط على الدول الأعضاء في المحكمة والمدعي العام ، فاتو بنسودا ، لعدم متابعة التحقيق، “الأمر الذي قد يمنح الولايات المتحدة نفوذاً عندما تسعى إلى ردع الحكومة الإسرائيلية عن اتخاذ خطوات استفزازية مثل المزيد من بناء المستوطنات ، أو قد تحصل على موافقة إسرائيلية لإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس”.

ويعتقد البعض أن حكم المحكمة الجنائية الدولية قد يعقد أيضًا جهود إدارة بايدن لتجديد العلاقات مع الفلسطينيين – ولا سيما خطة إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ، والتي أغلقتها إدارة ترامب في عام 2018، حيث يتطلب أحد القوانين ألأميركية الحالية من وزير الخارجية أن يشهد أمام الكونغرس بأن السلطة الفلسطينية لا تتخذ إجراءاتً ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية من أجل السماح لمنظمة التحرير الفلسطينية بأن يكون لها مكتب في واشنطن.

وقد جاء قرار قضاة المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي ليفتح الباب أمام إمكانية محاكمة إسرائيل، ومجرمي الحرب الإسرائيليين، وربما يحصل الفلسطينيون على بعض “العدالة” في مواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية.

ونص قرار المحكمة على أنه “فيما يخص الأوضاع في فلسطين، الدولة المنضوية في معاهدة روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن اختصاص المحكمة يمتد إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، وهي غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية”، بما يفتح الباب أمام تحقيق في الشكاوى المقدمة للمحكمة، ويلزم المدعية فاتو بنسودا اتخاذ القرار بشأن التحقيق، في عملية قد تستغرق شهوراً طويلة، علماً أن المدعية الحالية تنهي عملها في حزيران المقبل.

وجاء الرد الإسرائيلي على قرار المحكمة الدولية، غاضباً ومستنكراً، حيث تراوحت ردود الفعل الإسرائيلية بين ادعاء رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو بأنّ القرار هو “لاسامية صافية” ويستهدف إسرائيل “الديمقراطية” ويتجاهل دولاً ترتكب الفظائع، على حدّ قوله، مثل سوريا وإيران، وادعاءات بأنّ القرار غير قانوني، وبأن المحكمة تجاوزت صلاحياتها.

بدوره، أصدر وزير الأمن الإسرائيلي بيانا مطوّلا حاول فيه طمأنة الجنود والضباط بأن الدولة ستقوم بحمايتهم، ولن تسمح بالمس بهم.

ولم تكتف إسرائيل بالرد الاستنكاري، بل بدأت على الفور بالتحضير لحملة ضغط محمومة هدفها اتخاذ إجراءات احتياطية، ووقف إجراءات المحاكمة تماماً إن أمكن، بما في ذلك هز شرعية المحكمة وقرارها من خلال تصوير القرار بأنه سياسي وليس قضائيا، ويستهدف إسرائيل لاعتبارات “لاسامية”، وطرح ادعاءات قانونية بأن فلسطين ليست دولة، ولا يحق للمحكمة التعامل معها كدولة لها حق المشاركة وتقديم الشكاوى.

وتحاول إسرائيل استهداف المدعية فاتو بنسودا وتشويه سمعتها بالادعاء أنها أيّدت نظاماً ديكتاتوريّاً، حين عملت وزيرة القضاء في غامبيا، وأنّها فاقدة للحياد بسبب نصائحها للمرحوم الدكتور صائب عريقات، حول كيفية ضمان النجاح في الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، وكيفية تقديم الشكاوى لها بالشكل المقنع والصحيح.

كما تحاول إسرائيل الضغط على السلطة الفلسطينية لردعها عن الاستمرار في الدعوى، كما فعلت في الماضي، حيث قامت بتهديد السلطة الفلسطينية، وفرض عقوبات عليها لمنعها من التوجه إلى الهيئات الدولية ضد إسرائيل.

القدس” دوت كوم- سعيد عريقات

Exit mobile version