المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

لا حلولَ وشيكةً..الشتاء يُفاقم أزمة المدمَّرة منازلُهم في غزة

يتذكر المواطن محمود غالي (٤٤ عاما)، بحسرة شقته التي أصبحت ركاما في برج الجلاء وسط مدينة غزة، فالشهور الستة الماضية كانت المعاناة قاسية، ولكن مع اقتراب فصل الشتاء تزداد هواجس ومخاوف مئات المواطنين الذين فقدوا منازلهم خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
فالمواطن غالي يتوجه كل يوم إلى موقع البرج المدمر، لعله يجد معدات أو آليات شرعت في إعادة بناء البرج الذي سكنه لأكثر من عشر سنوات، وأصبح الآن بلا مأوى يتنقل بين منازل الإيجار وسط معاناة متزايدة مع اقتراب فصل الشتاء.
يقول غالي لمراسل “الحياة الجديدة”: “أصبحت حياتنا بلا معنى بعد أن فقدنا شقتنا، فهناك كانت الذكريات، وتحويشة العمر راحت مع قصف وتدمير البرج، ونتمنى كل لحظة وكل دقيقة أن تبدأ عملية الإعمار، ولكن يبدو أن آمالنا وتطلعاتنا ستذهب أدراج الرياح، وسيقسو علينا الشتاء بأجوائه الباردة”.
ويضيف غالي: “مر علينا تقريبا ستة أشهر، وجميع وعودات إعادة الاعمار لم تنفذ، فأطفالي كل يوم يسألون عن عودتنا لشقتنا، ولا جواب عندي ولا عند المسؤولين في غزة، ونخشى أن تطول المدة الزمنية، وننتظر كما انتظر أصحاب المنازل المدمرة في الحروب السابقة سنوات طويلة”.
وتحدث غالي عن مشاعر الإحباط واليأس التي بدأت تسيطر على عائلته، قائلا: “تنقلت خلال الشهور الستة الماضية بين ثلاثة بيوت، وكانت التجربة سيئة وأثرت على نفسية أطفالي وزوجتي، إضافة إلى مصاريف أجرة المنزل ونقل الأثاث ومدارس الأطفال”.
المواطنة سعدية الداية (٥٠ عاما) تعيش هي الأخرى مع أبنائها الخمسة في منزل مسقوف من (الاسبست) في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بعد أن دمر الاحتلال منزلها واستشهد زوجها في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
تقول الداية لمراسل “الحياة الجديدة”: “عشنا لحظات قاسية خلال المنخفض الجوي الأخير، فقد اكتشفنا أن سقف المنزل مهترئ ويوجد به الكثير من الثقوب، وأفسدت مياه الأمطار الكثير من أثاثنا، وحاولنا الاتفاق مع صاحب المنزل لإصلاحها ولكن لم يتم الأمر حتى الآن”.
وتقول الداية التي تخشى هطول الأمطار خلال الأيام المقبلة،: ” تنتابني مشاعر الخوف عند سماع وصول منخفضات جوية، رغم أن المطر فيه الخير للزرع والشجر، ولكن صورة غرق منزلي بالمياه والبرد القارس الذي سنعيشه، يمنحني مشاعر سلبية تجاه فصل الشتاء”.
وتتمنى الداية أن تتم عملية إعادة الإعمار في أسرع وقت ممكن، وأن تتمكن من إعادة بناء منزلها، والاستقرار مع ابنائها، مشيرة إلى أن فقدان المنزل والزوج من أصعب المشاعر التي عاشتها في حياتها، ولكن أملها في أن تستعيد مسار حياتها الجديد متوقف على إعادة بناء منزلها.

ووفقا للإحصائيات الرسمية فقد دمر الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان الأخير على قطاع غزة (57186) وحدة سكنية، منها (1514) وحدة سكنية دُمرت بشكل كلي، و(880) وحدة سكنية دُمرت بشكل بليغ غير قابل للسكن، و(54792) وحدة سكنية أُصيبت بأضرار جزئية.
وخلف العدوان واقعًا إنسانيًا صعبًا مع نزوح أكثر من 120 ألف مواطن من منازلهم بسبب القصف، منهم 50 ألفا في مراكز الإيواء، وأكثر من 70 ألفا خارج المراكز لدى الأقارب، في ظل ظروف اقتصادية وإنسانية غاية في التعقيد.
ودمر الاحتلال بشكل كلي 5 أبراج سكنية كبيرة تتوسط مدينة غزة ، فيما بلغ عدد المرافق والمقار والمؤسسات التي تعرضت للتدمير 74 مقرًا ومنشأة عامة فيما تعرضت 66 مدرسة و3 مساجد للهدم الكلي، وقرابة 40 مسجدًا لأضرار طفيفة، كما تعرضت كنيسة واحدة للأضرار.
وأوضح تقرير صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الانسان أن العدوان الإسرائيلي الأخير فاقم من أزمة قطاع الإسكان، الناجمة عن الحصار وتدهور الأوضاع الاقتصادية، حيث يعاني قطاع الإسكان في الأساس عجزاً يصل إلى 100 ألف وحدة سكنية، نتيجة الحصار المستمر لأكثر من 15 عاماً، وتأثره بصورة كبيرة من تبعات الاعتداءات الإسرائيلية وجولات التصعيد المتوالية والمتكررة.
واستعرض التقرير التحديات والعراقيل التي تواجه عملية إعادة إعمار المساكن المدمرة خلال العدوان 2021، حيث يُرجع تأخير إعمار تلك المساكن إلى سببين رئيسيين هما: القيود الإسرائيلية على توريد مواد البناء إلى قطاع غزة، وعدم صرف أموال المنح الدولية المخصصة لإعادة إعمار غزة حتى اليوم.

الحياة الجديدة – أكرم اللوح

Exit mobile version