المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

7 سنوات من شوق محار لقول “بابا”

“أكثر إشي أنا بفتقده من 7 سنين هو إني أحكي كلمة بابا”.. بهذا الشوق لأبيها، تذرف محار الدموع أمام كاميرا “الحياة الجديدة” التي زارت منزل الشهيد زياد أبو عين تزامنا مع مرور 7 أعوام على استشهاده.
ففي العاشر من كانون الأول 2014، هاجم جنود الاحتلال فعالية لزراعة أشجار الزيتون في أراضي قرية ترمسعيا المهددة بالمصادرة، وأطلقوا سيلاً من قنابل الغاز، واعتدوا بالضرب على المشاركين فيها، وعلى رأسهم رئيس هيئة الجدار والاستيطان الوزير زياد أبو عين.. وما هي إلا دقائق حتى تم نقله إلى المشفى، ليرتقي بعد وصوله بدقائق شهيدا.

يقول طارق أبو عين نجل الشهيد لـ”الحياة الجديدة”: “والدي تعرض للضرب بالسلاح و(خوذ) جنود الاحتلال، كما تعرض للخنق من قبلهم، وهو ما أثبتته نتائج الفحوصات التي وجدت انقطاعا في بعض الشرايين في رقبته، وكسورا في بعض أضلاع صدره”.
والشهيد أبو عين أحد المناضلين الذين أثروا مسيرة النضال الوطني المستمرة، وأحد قيادي حركة فتح، ولد في الثاني والعشرين من تشرين ثاني عام 1959، ابن قرية دير طريف المهجرة، الذي اعتقلته الولايات المتحدة الأميركية في سجونها 3 أعوام قبل أن تسلمه لدولة الاحتلال كأول أسير عربي فلسطيني تسلمه واشنطن لإسرائيل عام 1981.

وحكمت دولة الاحتلال على أبو عين بالمؤبد عام 1982، إلى أن أفرج عنه في صفقة التبادل عام 1985، وبأوامر مباشرة من رابين كان الشهيد أبو عين أول معتقل ضمن سياسة ما سميت آنذاك بالقبضة الحديدية عام 1985، وشغل مواقع نضالية عديدة في الثورة الفلسطينية وقلاع الأسر وأطر حركة فتح، إلى أن ارتقى شهيدا وهو على رأس مهامه رئيسا ووزيرا لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
وعن المسيرة النضالية الطويلة لوالده، يقول طارق: “بعد كل هذه سيرة النضالية المليئة بالاعتقال ومواجهة الاحتلال في مختلف المواقع كان من الطبيعي أن يكون والدي يوما ما شهيدا، ونحن نعتز بأننا أبناء لرجل نذر حياته من أجل الشعب الفلسطيني، وكان يردد دائما أن شعبنا شعب عظيم، وأن الاحتلال إلى زوال طال الزمان أم قصر”.

وأضاف: “لذلك نحن سنبقى على العهد، عهد الحرية الذي قطعناه له دواما، بالمضي في درب الحرية الذي شقه ومناضلي شعبنا، ومواصلة نهجه حتى الحرية والاستقلال، وهي قريبة إن شاء الله”.
الشهيد أبو عين، متزوج ووالد لأربعة أبناء هم طارق، محمد، معتز.. ومحار التي تفتقد حنان زياد الأب وتشتاق له وتستذكر لحظات الفراق بكل ألم.
عن ذلك تقول محار لـ”الحياة الجديدة” التي كانت تتقدم لامتحانات الثانوية العامة آنذاك: “كنت بحاجة لوجوده إلى جانبي، كل فتاة في الدنيا تتطلع لالتقاط صورة لها مع والدها أثناء نجاحها في التوجيهي، لكن الاحتلال حرمني من هذه اللحظة، كنت أتمنى ان أهدي له تفوقي سواء في المدرسة أو الجامعة ومشاركته فرحتي بنجاحي في مسيرة حياتي”.
وحول لحظة سماعها الخبر، تقول محار بعيون ملؤها الألم: “في البداية رفضنا تصديق الخبر، صرخت مطالبا الأطباء بايقاظ والدي، لكن ما هي إلا دقائق حتى بدأنا باستيعاب ما حدث تدريجيا مع امتلاء مجمع فلسطين الطبي بالمواطنين الذين أتوا لإلقاء نظرة الوداع عليه”.

وأضافت: “العبارة التي يكررها المواطنون هو أن (الوقت بينسي)، لكنني مع مرور 7 سنوات ما زلت أذكر هذه اللحظات وكأنها 7 ساعات، لذلك لا أشعر أن هذه اللحظات فارقت مخيلتي”.
وتابعت: “مع شعور المتواصل بالفخر بأنني ابنة الشهيد زياد أبو عين، إلى أن شعور الحرمان من قول كلمة (بابا)، شبيه بشعور المكسور في أحد أضلاعه أو هدم عمود ارتكزت عليه دون أن أتمكن من اصلاحه أو إعادة بنائه، لكني رغم ذلك لم أشعر سوى بالفخر بأنني ابنة الشهيد زياد أبو عين، الذي ارتقى شهيدا بعد مسيرة نضالية طويلة سنواصلها بكل اعتزاز حتى يتحقق حلمه وحلم شعبنا الفلسطيني بالحرية والاستقلال”.
رحل الشهيد زياد أبو عين، غارس الزيتون، تاركا شجرته التي غرسها، يمتد فرعها، لتستظل بها الأجيال القادمة، وتواصل على ذات الدرب حتى الخلاص من الاحتلال وقيام دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس.

الحياة الجديدة- حنين شلطف

Exit mobile version