المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

“افرضوا ضرائب علينا نحن الأغنياء، افرضوها الآن”!

بقلم: د. رمزي عودة

في رسالة مفتوحة إلى منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، وجه أكثر من مئة مليونير نداءً غير مسبوق الأربعاء الماضي لزيادة الضرائب التي يدفعونها لدولهم، وذلك بعد أن خلصت دراسة إلى أن فرض ضريبة على الثروات الكبرى يكفي لتوفير مطاعيم لكل سكان العالم وانتشال أكثر من 2,3 مليار شخص من الفقر. واستندت حجة الأثرياء في رسالتهم إلى أن النظام الضريبي الحالي غير عادل و”مصمم بشكل مدروس لجعل الأثرياء أكثر ثراء”. بالمقابل، فإن الفقراء يزدادون فقراً لاسيما في فترة الجوائح. وطالب هؤلاء الأثرياء بدفع نصيبهم العادل من ثرواتهم.

للأسف، لم أتمكن من الحصول على قائمة بأسماء المئة مليونير، ولكن يبدو أنه لا يوجد منهم أي فلسطيني. في الوقت الذي تعاني فيه السلطة الوطنية الفلسطينية مصاعب مالية خطيرة جداً لا سيما في جائحة كورونا وعدم تعافي الاقتصاد الفلسطيني من آثار هذه الجائحة. في هذا السياق، يشير الكاتب أيهم أبو غوش في مقالة سابقة له نشرت في الحياة الجديدة إلى أن متوسط حجم المساعدات الخارجية للسلطة الوطنية والبالغ 1.3 مليار دولار سنوياً، أخذ بالانخفاض التدريجي عاماً بعد عام ليصل إلى أقل من نصف مليار دولار. ليس هذا فقط، فقد أضاف أبو غوش أن ارتفاع قيمة الخصومات والاقتطاعات الإسرائيلية غير العادلة من المقاصة، والتسريبات المالية في ملفات تماطل الحكومة الإسرائيلية في تسويتها، تتجاوز 1.4 مليار دولار منذ بداية العام 2021. وبالمحصلة، فإن تراجع المؤشرات الاقتصادية هذا أدى إلى ارتفاع الدين العام إلى 3.5 مليار دولار، وارتفاع معدلات البطالة إلى 27.8%، واستمرار العجز في الميزان التجاري مع تراجع حجم التبادل التجاري إلى نحو 10% حسب بيانات جهاز الإحصاء المركزي.

وفي ظل هذه المعطيات الاقتصادية، فإن الحكومة الفلسطينية تعاني من تحديات جمة، أهمها سد العجز العام وتوفير الاحتياجات الضرورية وترشيد النفقات العامة، إلا أن هذه الإشكاليات الضخمة تبدو أكبر بكثير من الإمكانات المتاحة. ولم تستطع السلطة الوطنية دفع فاتورة الرواتب كاملة منذ شهر تشرين الثاني الماضي، كما أن النشرات العسكرية تجمدت منذ ثلاث سنين، وتواجه الحكومة الفلسطينية في هذه الأثناء مصاعب كبيرة في تجنيد المنح الخارجية، خاصة أن جزءاً كبيراً من هذه المساعدات مرتبط بالمواقف السياسية الثابتة للقيادة الفلسطينية.

تقترح هذه المقالة فرض ضريبة على ثروة الأغنياء. وتقدر بعض المصادر غير الرسمية عدد المليونيرات في فلسطين بنحو 22 ألف مليونير. وفي حال تم فرض ضريبة مقدارها 3% على ثرواتهم، فإن حصيلة الخزينة الفلسطينية الإضافية يمكن تقديرها بنحو 3.5 مليار دولار سنوياً في حال بلغ متوسط ثروة كل مليونير نحو 5 ملايين دولار. وهذه القيمة المضافة للخزينة الفلسطينية ستساهم في سد عجز الموازنة، وتغطية جزء مهم من النفقات العامة. والأهم من ذلك أنها ستؤدي إلى تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية في فلسطين من خلال توزيع أكثر عدالة للثروة. ويبقى السؤال الأهم هو: هل الأغنياء في مجتمعنا مستعدون أن يساهموا في دفع ضريبة الثروة تماما كما اقترحت رسالة المئة مليونير في مؤتمر دافوس؟ هل سيقدم الأثرياء الفلسطينيون رسالة مفتوحة إلى القيادة الفلسطينية يعربون فيها عن تضامنهم مع الفقراء ويستعدون من خلالها بدفع ضريبة على ثرواتهم؟

Exit mobile version