الرئيسيةتقاريرشموع المسيرةالذكرى السنوية ال 20 على استشهاد وفاء إدريـس

الذكرى السنوية ال 20 على استشهاد وفاء إدريـس

وفاء إدريس فلسطينية هاجر أهلها من مدينة الرملة التي احتلها الصهاينة عام 1948 م ، واستقر بهم المطاف في مخيم الأمعري بالقرب من رام الله ، عاشت في بيت متواضع من الطوب المصفح بألواح الاسبست ، في ظروف اجتماعية صعبة فهي الابنة الوحيدة لوالدتها ، فهي بطلة سوف يتذكر اسمها جيدا الإسرائيليون، والفلسطينيون أيضا، وكل من يغار على فلسطين ويرفض سياسات شارون الدموية.

عملية نوعية

فالبطلة خطت بجسدها الطاهر واحدة من أشرف العمليات الاستشهادية في السنوات الأخيرة، والتي أصابت العدو الإسرائيلي بالذهول؛ لتضحية الفتيات الفلسطينيات بأنفسهن فداء لوطنهن. فقامت وفاء بتوديع أمها وأشقائها وقالت لهم : ” الوضع صعب وربما يستشهد الإنسان في أية لحظة ” .. تأخرت وفاء وجاء الليل ولم تحضر وبدأ أهلها بالبحث عنها وسألوا بعض صديقاتها فقلن إنها ودعتهن وكانت تطلب منهن الدعاء وهي تقول لهن : ” سأقوم بعمل يرفع رؤوسكن ” دون أن تفصح عن ذلك العمل . وبقي الجميع مرتبكا حتى وصلهم الخبر بأن وفاء فجرت نفسها في شارع يافا بالقدس المحتلة يوم الأحد28-1-2002مونجم عن العملية إصابة أكثر من 70 إسرائيليا بالقدس الغربية.

ووضعت “كتائب شهداء الأقصى” الجناح العسكري لحركة “فتح” نهاية لاسم منفذة العملية، وأعلنت الأربعاء 30-1-2002 مسئوليتها عن العملية الاستشهادية ، وأن منفذتها هي “وفاء علي إدريس”.

وأعلنت “كتائب الأقصى” في بيان لها “أنه في عملية نوعية لا سابق لها في قلب الكيان الصهيوني ، استطاعت إحدى مقاتلات هذا الشعب الثائر تنفيذ العملية الأخيرة في شارع يافا في قلب القدس الغربية”.

وأضاف البيان “أنها الشهيدة البطلة ، ابنة الكتائب الأبيّة ، وفاء علي إدريس، البالغة من العمر 26 عاما ، ومن سكان قلعة الصمود مخيم الأمعري قضاء رام الله” المشمولة بالحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية.

وأضاف البيان “أن النار التي يوقدها رئيس الحكومة الإسرائيلية إريل شارون لا بد وأن تُقابل بالنار التي لن تُطفأ إلا بزوال الاحتلال، وتحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة الدولة المستقلة ، وعاصمتها القدس الشريف”.

وكانت وفاء إدريس التي تعمل متطوعة في الهلال الأحمر الفلسطيني قد غادرت منزل ذويها الأحد 27-1-2002 واختفت من هذا الوقت، ويعد شقيقها “مسعود” مسئولا محليا في حركة فتح بمخيم الأمعري للاجئين الفلسطينيين. وكانت إسرائيل قد اعتقلته في السابق.

وكانت عائلة وفاء إدريس قد نفت في وقت سابق أن تكون وفاء هي التي نفذت العملية الاستشهادية في القدس ، لكنها أوضحت أنها لا تعلم أين كانت ساعة وقوع الحادث. وأوضح بعض جيرانها أن وفاء إدريس حسب علمهم لم تكن تنتمي إلى أي حركة فلسطينية.

ومن جانبها.. ذكرت مصادر في الهلال الأحمر الفلسطيني – رفضت ذكر اسمها “أن وفاء عملت منذ فترة كمتطوعة في لجان الهلال الأحمر، وقد اختفت آثارها قبيل ظهر الأحد (يوم وقوع العملية) ولم تظهر منذ ذلك التاريخ”.

وأضافت المصادر أن وفاء قد وصلت إلى عملها كالمعتاد الأحد 27-1-2002، غير أنها أخذت إذن مغادرة في موعد سابق على حدوث العملية، ولم تعد بعدها إلى العمل”. فإنه بإعلان كتائب شهداء الأقصى لاسم الشهيدة منفذة العملية تم وضع حد للتخبط في هوية منفذ العملية.

امرأة بألف رجل

وفاء كانت تعد لبيت الزوجية ثم فضلت الموت على البيت السعيد فقامت بتفجير نفسها لأن السعادة مع الاحتلال منتفية .. من رأى منكم وفاء .. وهي تحزم نفسها بالموت على قارعة الطريق عندما لبت نداء فلسطين .. من رأى منكم امرأة بألف رجل .. تعيد إلينا ذكريات شقيقاتها من السلف عندما كن يرافقن الجيوش الزاحفة نحو عالم جديد يلفه دين جديد يغطي هذا الكون بعدله وحلمه وبطولته .. من رأى منكم وفاء إدريس وهي دامعة العينين باكية على من يموتون بالمجان لكنها أبدا لم تبك على نفسها عندما قررت أن تخوض تجربة الموت وهي بعد صبية.من رأى منكم وفاء وهي تضمد جراحات المنتفضين تداوي هذا وتواسي ذاك وهي تعلم علم اليقين أنها ذاهبة للموت فلا تبتئس ..
وفاء إنسانة ككل البشر .. تحلم بالبيت السعيد والأمومة والحياة الجميلة .. أنها نموذج للآم والأخت والعمة والخالة والشقيقة .. كان يمكن أن تنجب أطفالا تربيهم على حب الموت في سبيل أن تظل كرامتها مصانة .. لكنها لم تنتظر .. فضلت أن تعطي مثلا على أن الكرامة جزء من الحياة .. وان الموت أيضا جزء من الحياة .. ففجرت نفسها في وقت مناسب تماما لكي تعطي مثالا لكل المتقاعسين أنها امرأة بآلاف الرجال .
من لا يمتلك منا أن يضع وفاء مثالا حيا للمرأة العربية التي تموت وعيناها تندى على أولئك الذين ماتوا قبلها لأنهم طالبوا بان يعيشوا حياة مثلما يعيش خلق الله في هذا العالم دون احتلال ودون حواجز في الطرقات أو حجزا لرغيف الخبز الذي يعطيه الجيش الإسرائيلي للناس نقطة اثر أخرى في عملية تجويع لم يشهد التاريخ لها مثيلا ..

أسطورة عربية

من منا رأى وفاء قبل أن تموت .. فهي أسطورة عربية خالدة سوف يسجلها التاريخ بأحرف من نور لتعطي مثالا حيا على أن المرأة العربية لم تخلق فقط لزينة .. لكنها خلقت أيضا لكي تقول لبنات جنسها وللجنس الآخر أن الحب هو الموت .. وان الموت هو أقصى معاني الحب للأرض والإنسان .. إنها الحياة الجديدة التي يشكلها الشعب الفلسطيني وهو يموت بين نظرات الأهل والأقارب وأولاد العمومة والخانعين من حكام العرب .
في الزمن القديم قالت امرأة وامعتصماه .. فتحركت الجيوش وكلنا يعرف الحكاية .. ولكن وفاء لم تقدم لنا صكا بنداء استغاثة .. لأنها تعرف أن شهادة وفاة العرب قد سجلت ضمن القوائم في دائرة المواليد الإسرائيلية .. وان موتها لا يحرك شعرة من لحى حكام العرب الذين فضلوا أن يكونوا نعاجا على أن يقاتلوا ويموتوا .. أنها المفارقة العجيبة بين من يريد الموت بكرامة وبين من يريد أن يعيش بذل وحذاء الأعداء فوق رأسه ..
وفاء سر هذا الكون .. أنها الأم التي صرخت بأعلى صوتها فلم يسمعها احد من العرب .. لكنها فضلت أن تكون صرختها موتا حقيقيا لكي تحرك بعض الضمائر التي ماتت منذ زمن بعيد .. فهي تعلم أنها تصرخ في واد عميق لا يجيب صوتها غير الصدى .. لكن ذلك الصدى كان أعمق لديها من آلاف الكلمات والبيانات التي تصدر حبرا على ورق .. إنها مأساتنا في عالمنا الواسع .. ولكن هذا العالم يغمض عينيه تماما عما يجري .. ووفاء حاولت تذكير هذا العالم وتذكيرنا بأنه ما زال في هذا الكون أناسا يحبون الموت مثلما يحب الأعداء الحياة .

الجهاد ليس حكراً على الرجال

هل بقي لنا من أثر وفاء ما كان يجب أن تقوله ولم تستطع .. نعم .. لقد قالت بان شوارب الرجل ليست دليلا على رجولته .. وقالت بان الكثير من الحكام هم نسوة في ثياب رجال .. وتحدثت عن كل ما يمكن أن يوصم بالكرامة .. تحدثت عن الصبايا وهن يردن مواسم القطاف ويحملن جرارهن زرافات إلى عين القرية لملء جرارهن بالحياة .. قالت لنا بصريح العبارة أن بذور الأرض يمكن أن تنبت السنابل إذا ما سقيت بالدماء .. وطالبت ببيان غير مكتوب جميع الناس في الوطن أن يكونوا مثل رمال الطريق وطين الأرض ورائحة الزيزفون بعد هطول المطر .. قالت كثيرا .. ولكنها لم تقل لنا أنها تريد أن تعيش لترى أطفالا أذلاء يركعون تحت بأساطير الاحتلال دون أن تحرك دموعهم وآهاتهم هذا العالم المتحجر .. قالته فعلا ففجرت نفسها حتى لا تراهم وقد ركعوا يطلبون الغفران من القاتل ففضلت أن تكون هي الضحية حتى لا يقال أنها قصرت في حق أطفال المستقبل .
ماذا قالت لنا أيضا وفاء .. قالت أن ربيع فلسطين لا ينبت إلا إذا سقيته بالدماء .. وهو البلد الوحيد في هذا العالم الذي يكبر فيه الزيتون وأشجار البرتقال وفسائل الورود دون مياه ..انه يشرب ويطلب المزيد .. وهناك الكثير من الناس ممن آمنوا بما آمنت به وفاء ينتظرون في صف طويل لأخذ دورهم في سقاية زروع بلادهم
قالت لنا وفاء أن عشقها لم يكن حبا طبيعيا .. انه الوله الذي قادها إلى أن تكون الضحية البطلة التي سيذكرها الناس لمدى عقود طويلة ..قالت لنا وفاء أن الجهاد ليس حكرا على الرجل .. وليس النضال وإلقاء الحجارة حكرا على الأطفال .. إن تعبئة الناس على ارض الرباط يمكن أن يتم حتى وهم يلتهمون طعامهم القليل وماءهم الشحيح ..لقد أعطتنا وفاء مثالا حيا عن مدى ما يمكن أن يكون عندما تتحرك الدماء في جسد المرأة تطلب الشهادة .. كما تطلب السعادة .. ووفاء وجدت سعادتها في اختيار العديد من المحتلين وهم يقفون على قارعة الطريق لكي تقول لهم بالفعل لا بالكلمات .. أن وجودهم على الأرض التي سرقوها لا يمكن أن يستمر حتى نهاية التاريخ .. فحاولت أن تضع نهاية تراجيدية لقصة مضحكة .. يضحك عليها العالم وسع فمه .. أما أطفال فلسطين .. فيبكون دما دون أن تمتد إليهم يد أو تواسيهم كلمة ..

ما قيل عن الشهيدة

وفاء
قمرٌ فلسطيني ليس كمثله قمر
تزفه فلسطين اليوم في عرسٍ كما الخيال..
قمرٌ جديد يختلف عن كل أقمارنا التي عرفناها..
الله اكبر يا فلسطين…الله اكبر يا وفاء
من أي زمان أتيت أيتها البطلة وأي مدينة أنجبتك يا زهرة فلسطين
تحية الإسلام للدم الزكي الطاهر..تحية الإسلام للبطولات تشرق علينا من جديد
يا زينب العصر أتيت تكتبين التاريخ وتملئين فلسطين مجدا” وعزا” وفخرا”
علمينا بعضا” من دروس الجهاد فحق لك أن تكوني معلمةً وقدوةً وصانعة جيل
يا سيدتي على أعتاب مجدك تسقط الشعارات
وعلى أعتاب بطولتك يتهاوى المتاجرون والنخاسون
وتشرق فلسطين في وجهك الوضاء أجمل من طلوع الشمس
وتأتيننا على موعد مع الحق بعد غياب طويل
وتكتبين المجد حكاية سنتلوها على أسماع أطفالنا جفرا
ويتغنى بها الحادي الفلسطيني أبد الدهر أنشودة الجهاد
يا أخت أسماء لا وداعاً
أنت كل الأرض تحتضنك فلسطين
وأنت الباقية أبداً ولا تنساك ذاكرة الفلسطيني
أنت تشبثنا بالأرض وطهارة أبنائها
أنت حلم بالغد يبكينا من شدة الفرح
لا تسع الكلمات روحك السامية
وأنت ابنة العز والكرامة تكتبين بالدم أسطورةً جديدة من أساطير المقاومة

المصدر: نساء من أجل فلسطين

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا