المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

صحف عربية: أوروبا أمام “رهان صعب” لاحتواء الأزمة الأوكرانية

يواصل الغرب مساعيه لنزع فتيل الأزمة بين أوكرانيا وروسيا من خلال الطرق الدبلوماسية، في الوقت الذي يطرح البعض تساؤلات عن تداعيات الغزو الروسي المحتمل، حيث يشدد هؤلاء على أن القارة الأوروبية ستكون أول من يكتوي بناره.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الثلاثاء، إن التصعيد الروسي لتهديداتها ضدها مرة أخرى باتت مصادر الطاقة أحدث سلاح في سياق هذه الأزمة من طرف موسكو.

تفجر الأوضاع
وقال صحيفة “العرب” إن روسيا تزود نحو 40 % من الغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي، وبينما لا تشتري بريطانيا الغاز الروسي بطريقة مباشرة، إلا أنها مرتبطة بالقارة وجزء من نفس السوق. وارتفعت أسعار الغاز في كل من أوروبا والعالم إلى مستويات قياسية منذ شهر سبتمبر(أيلول)، مما أدى أيضًا إلى ارتفاع أسعار الكهرباء في القارة إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ونقلت الصحيفة عن روبن إم ميلز، وهو الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة ومؤلف كتاب “أسطورة أزمة النفط”، إن “أي نزاع جديد بين روسيا وأوكرانيا قد يؤدي إلى قطع إمدادات الطاقة الأوروبية من خلال ثلاث طرق، فمن الواضح أن أيًا من الجانبين يمكن أن يلحق الضرر بالبنية التحتية من خلال الهجمات الإلكترونية أو التخريب، وسيشمل التخريب خطوط أنابيب الغاز الرئيسية التي تمر عبر أوكرانيا والتي تنقل حاليًا حوالي 13 % من إجمالي واردات أوروبا، بالإضافة إلى الفرع الجنوبي من خط أنابيب النفط ‘دروزبا’، الذي يمر عبر بيلاروسيا إلى غرب أوكرانيا وإلى سلوفاكيا والتشيك والمجر”.
وأوضح إم مليز أن “الطريقة الثانية هي أن تقطع روسيا الإمدادات عن عمد كجزء من عمليتها العسكرية السياسية، وسيؤثر ذلك أيضًا على الغاز القادم عبر بيلاروسيا إلى بولندا، وخط أنابيب ‘نورد ستريم’ تحت بحر البلطيق مباشرة والمتجه إلى ألمانيا، ويعتبر خط أنابيب نورد ستريم 2 الجديد جاهزاً من الناحية الفنية، والذي سيحل محل معظم الكميات التي تعبر من أوكرانيا، ولكن لم تتم الموافقة عليه قانونيا من قبل ألمانيا لبدء العمليات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة الأوكرانية التي تتصاعد بسبب عدم التوصل إلى اتفاق مع روسيا يحول دون غزوها لأوكرانيا تضع كييف في موقع حاسم بالنسبة إلى أزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا، حيث سيفضي تفجر الوضع على الحدود الروسية – الأوكرانية إلى قطع الإمدادات عن القارة الأوروبية.

موازين القوى الدولية
ومن جانبه قال الكاتب الدكتور يوسف مكي في صحيفة “الخليج” إن الصراع الروسي- الغربي بلغ من خلال الأزمة الأوكرانية، حداً غير مسبوق، منذ انتهاء الحرب الباردة، في نهاية الثمانينات من القرن الماضي.
وأوضح الكاتب أن دور الدعاية الغربية في التحريض ضد روسيا الاتحادية، والاتهامات المتبادلة بين الغرماء، بأشكال فاقت كل تصور، لدرجة دفعت الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وهو الحليف للغرب، إلى اتهام حلفائه بتغذية الخوف والهلع من حرب روسية على بلاده، وأن التسعير الغربي للحرب الإعلامية على روسيا، إلى الإضرار بالاقتصاد الأوكراني، ما تسبب بخسارة مئات ملايين الدولارات، وجعل العملة الأوكرانية تهبط بمعدل 8 % مقابل الدولار منذ بدء الأزمة، وفقاً لتصريحات الرئيس الأوكراني، وبأن الحشود العسكرية الروسية على بلاده ليست جديدة، وإنما الجديد هو موقف الغرب منها.
وأشار مكي إلى أن القراءة المتأنية للمتغيرات في موازين القوى الدولية، التي حدثت بشكل تصاعدي، لمصلحة روسيا والصين، وهلع أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، من هذا التغيير، توضح أن الخلاف الأوكراني الروسي، رغم أنه، محور الأزمة الراهنة، إلا أن الأزمة في جوهرها هي استمرار للصراع الدائر الآن بين روسيا وأمريكا، من أجل تأكيد تفوقهما السياسي والعسكري على الصعيد الدولي، واكتساب مواقع نفوذ.
كما أكد الكاتب في مقاله أن روسيا تدركا جيداً، مخاطر التمدد العسكري الغربي، وتسعى جاهدة إلى لجمه، ملوّحة باستخدام القوة العسكرية، لمنع الغرب من تنفيذ أجنداته، في الحديقة الخلفية الروسية، وأن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، إذاً مرتبط بنوايا حلف الناتو، والانتشار العسكري فيها، وليس ضمن الاستراتيجية الروسية، إلا في حالة تهديد أمنها القومي، بما يضع هذا التدخل في حالة الدفاع عن النفس.

رهان صعب
فيما ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” أن الرئيس الفرنسي يبدو الأكثر انغماساً في البحث عن سبيل لخفض التصعيد على الحدود الروسية – الأوكرانية وبين روسيا والغرب كما يبدو الأكثر تمسكاً بلعب دور «الوسيط» إن بصفته رئيساً لفرنسا أو رئيساً لستة أشهر للاتحاد الأوروبي. ورغم أن إيمانويل ماكرون لم يستحصل على «تكليف» غربي رسمي للقيام بهذه المهمة الشاقة، فإنه احتاط سلفاً للاتهامات التي يمكن أن توجه إليه من خلال إجراء مشاورات مكثفة تركزت بالدرجة الأولى على الرئيسين الأمريكي والأوكراني وتوسعت لتشمل المستشار الألماني ورؤساء دول البلطيق الثلاثة ورئيس الوزراء البريطاني ورئيس المجلس الأوروبي وأمين عام الحلف الأطلسي وقادة آخرين من شرق ووسط أوروبا.
وأشارت الصحيفة إلى أن كل هذه العناصر ليست كافية لتمكين الرئيس الفرنسي من النجاح في مهمة تبدو في غاية الصعوبة وذات نتائج متعددة الأبعاد بما فيها على الصعيد الداخلي حيث يقترب موعد الانتخابات الرئاسية التي ستجرى جولتها الأولى في 10 أبريل (نيسان) القادم.
ويقول سفير فرنسي سابق تحدثت إليه الشرق الأوسط إن ما يقوم به ماكرون “رهان صعب إلا أنه يندرج في سياق طبع ماكرون الذي خبرناه في سنوات رئاسته”. ويضيف أن ماكرون خاض رهانين لم يحالفه فيهما النجاح: الأول، عندما وضع كامل ثقله للجمع أو على الأقل للتواصل بين الرئيسين الأمريكي والإيراني بخصوص الملف النووي وكان يرأس وقتها “في عام 2019” مجموعة السبع ولم تفض وساطته إلى أي نتيجة.
وأثني مصدر دبلوماسي آخر على مبادرة ماكرون الشجاعة ويرى أن مسؤوليته المزدوجة توفر له قاعدة وشرعية التحرك متسائلاً: من هي الشخصية الأوروبية التي لديها الخبرة والوزن الكافي والقدرة على التواصل مع بوتين للقيام بما يقوم به ماكرون؟ وجوابه أن المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، كان بمستطاعها تحمل هذا العبء بينما خليفتها أولاف شولتز لم يتمكن حتى اليوم، من فرض نفسه على المسرح السياسي الأوروبي والعالمي وأن خبرته في الشؤون الدولية، حتى اليوم، ما زالت محدودة.

أسابيع حاسمة
وقالت صحيفة “النهار” إن هذه الأجواء المشحونة على أبواب أوروبا وبعد تشاوره في اتصال هاتفي مع بايدن الأربعاء الماضي حول الموضوع وبعد اتصالات عدة مع المعنيين أولهم الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي والروسي فلاديمير بوتين الذي تحدث معه مرتين مطولاً، ومع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورؤساء بولندا اندريه دودا وليتوانيا وهنغاريا، قرر ماكرون أن يقوم بمهمته لخفض التوتر.
وأوضحت الصحيفة أن ماكرون يعتزم تكثيف مشاوراته خلال مهمته وهو عازم على نجاحها بصفته رئيس فرنسا ورئيساً للاتحاد الأوروبي، فمنذ تسلمه الرئاسة يقول باستمرار إنه يفضل الحوار مع بوتين.
وسيحاول ماكرون الحصول على تعهد من بوتين بتخفيف التصعيد العسكري وخفض التوتر قبل أن يتوجه الى كييف للقاء زيلنسكي وليبلغه نتيجة حواره مع بوتين.
وتشير الأجواء إلى أن بوتين بحاجة الى الرئيس الفرنسي ويسعى إلى عدم القطيعة معه. وكان أرسل ماكرون مبعوثه الخاص، بيير فيمون، وهو دبلوماسي فرنسي مرموق عمل في عهد الرئيس الراحل جاك شيراك الذي كان على علاقة مميزة مع بوتين، وهو أيضاً سفير سابق في واشنطن وموسكو والاتحاد الأوروبي ومدير مكتب وزير الخارجية آنذاك دومينيك دو فيلبان. كما أن المستشار الألماني أولاف شولتز سيلتقي بدوره بوتين في 17 شباط (فبراير) بعد زيارة الى واشنطن حيث يلتقي بايدن.
وأكدت الصحيفة أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للوضع العسكري الروسي على حدود أوكرانيا وستظهر ماذا يجول في ذهن بوتين وهل ينوي فعلاً استرجاع أوكرانيا بغزوها رغم كل التحذيرات؟ فالتهديد بالعقوبات الأمرريكية والأوروبية جدي والوضع الاقتصادي الروسي سيئ ولو أن لدى بوتين عائدات كبرى من العملة الصعبة حالياً بسبب سعر برميل النفط المرتفع والذي بلغ أكثر من 93 دولاراً الأسبوع الماضي.

موقع 24 الإلكتروني

Exit mobile version