المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

“تفاؤل” إسرائيلي بترسيم الحدود مع لبنان.. وبيروت تنتظر عودة الوسيط

محطة الزهراني لإنتاج الطاقة الكهربائية بالقرب من صيدا، لبنان - 18 سبتمبر 2021. - AFP

قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن تل أبيب ترى “بوادر انفراجة” في ملف ترسيم الحدود البحرية مع بيروت، بعدما منح زعيم “حزب الله” حسن نصر الله موافقته للحكومة اللبنانية على المضي قدماً في المفاوضات، فيما قالت مصادر لبنانية رسمية “للشرق”، إن لبنان ينتظر عودة المبعوث الأميركي أموس هوشستين من تل أبيب، للاطلاع على الموقف الإسرائيلي

واعتبر المسؤولون، في تصريحات لصحيفة “هآرتس”، الخميس، أن الطريق “بات ممهداً أمام إبرام اتفاق بين إسرائيل ولبنان بوساطة أميركية”، لإنهاء الصراع على الحدود البحرية بين الدولتين، إذ سيؤدي ذلك إلى “تسوية تقسيم أرباح احتياطيات الغاز في هذه الرقعة البحرية المتنازع عليها”.

وأشارت الصحيفة إلى أن المؤسسة الأمنية تعتقد أن هذه الانفراجة تأتي بمثابة “رسالة نقلها عاموس هوشستين، مبعوث وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة، والتي منح بموجبها زعيم حزب الله موافقته للحكومة اللبنانية للمضي قدماً في المفاوضات، التي وصلت إلى مراحل متقدمة، وتنص على شروط قليلة ومقبولة للطرفين”.

وصرّح مصدر أمني لـ “هآرتس” بأنه عند تعيين هوشستين في المنصب وتجديد المحادثات في مايو الماضي “بات هذا الموضوع يمثل أولوية قصوى للولايات المتحدة، بسبب إصرارها على التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يساعد على تخفيف حدة أزمة الطاقة في لبنان، والتي تنظر إليها واشنطن على أنها عنصر استقرار محتمل في المنطقة”.

“عائق”
ورأت الصحيفة أن “حزب الله” كان العائق الوحيد أمام التوصل إلى الاتفاق، لأنه يرى أن الاتفاق “محاولة للتطبيع مع إسرائيل أو اعتراف بملكيتها في المنطقة”.

لكن الأسابيع الأخيرة شهدت لقاء الممثلين الدوليين بنظرائهم اللبنانيين المقربين من “حزب الله”، إذ سعوا جميعاً إلى التوصل إلى اتفاقات يمكن للحزب أن “يتعايش معها”، وفق التقرير.

وبعد تبادل الرسائل بين جميع الأطراف، وتفهم أن الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان اتخاذ خطوة باتجاه إبرام اتفاق بهذا الشأن، أعطى نصر الله إجابته.

وفي مقابلة أجراها معه التلفزيون الإيراني قبل أيام، قال نصر الله إن “ترسيم الحدود البحرية للبنان مع إسرائيل مسؤولية الحكومة اللبنانية.. وهذا ترتيب اقتصادي لا علاقة للحزب به”.

“موافقة مضمرة”
لكن هوشستين، بالإضافة لمسؤولين لبنانيين وإسرائيليين خلصوا إلى أن تصريحات نصر الله “تعني موافقة مضمرة على منح الحكومة اللبنانية الضوء الأخضر لصياغة اتفاق، من شأنه تسوية النزاع حول تلك الرقعة البحرية التي تطالب الدولتان بالسيادة عليها”.

وبموجب الاتفاق الذي يُجرى حالياً بلورته، تبدأ شركات الطاقة التي تمتك حقوق البحث عن الغاز الطبيعي واستخراجه، عملها بعد سنوات من التأخير بسبب هذا النزاع.

وتوقعت “هآرتس”، أن ينص الاتفاق على تعيين “جهة وساطة دولية تحظى بقبول جميع الأطراف، لتحديد العائدات المستحقة لكل طرف، كما تتولى مسؤولية الإشراف على تحويل الأموال ونقل الغاز لكل دولة من شركات الاستخراج”.

وكانت مصادر إسرائيلية قالت للصحيفة، إنه على الرغم من محاولة “حزب الله” تفادي تقديم موافقة علنية على الاتفاق، وما يترتب على ذلك من إلزام نفسه بعدم مهاجمة مواقع الطاقة البحرية الإسرائيلية، إلا أن ذلك “لا يُخفي أنه مهتم بأن تؤدي المحادثات إلى اتفاق”.

وتستند تقديرات المصادر الأمنية إلى الأزمة الاقتصادية اللبنانية غير المسبوقة والتي تلقي لبنان بلائمتها على حزب الله، ومن ثم فإن نصر الله ينظر إلى تدفق الغاز والأرباح النقدية بوصفها “خطوة من شأنها أن تخفف من حدة الانتقادات الموجهة إليه”.

وتعتقد إسرائيل أنه “حتى من دون أن يعلن حزب الله التزامه بالاتفاق، فإن المزايا التي ستعود على لبنان من الأرباح الهائلة، ستردع نصر الله، وتجعله يفكر مراراً قبل أن يحاول إلحاق أي ضرر باحتياطيات الطاقة الإسرائيلية”.

والأسبوع الماضي، نقلت “هآرتس” عن هوشستين قوله إن إسرائيل ولبنان “تجسران الفجوات من أجل حل النزاع على الحدود البحرية”، كما كرر التصريح ذاته في مقابلة مع قناة “إل بي سي” اللبنانية، في أعقاب سلسلة من الاجتماعات التي التقى خلالها العديد من المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين رفيعي المستوى، من بينهم وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين الحرار.

وفي المقابلة، أكد هوشستين أن “تلك هي اللحظة الفاصلة”، موضحاً أنه ينصح المواطنين اللبنانيين “بالتركيز على المكاسب، وليس ما سيفقدونه، أو ما قد يخسرونه، في حال التوصل إلى تسوية”.

لبنان ينتظر هوشستين
وقالت مصادر لبنانية رسمية لـ”الشرق”، إن الوسيط الأميركي هوشستين، اطلع على وجهة نظر لبنان من المفاوضات غير المباشرة.

وقالت المصادر إن موقف لبنان سيعلن بعد عودة هوشستين من إسرائيل، حيث سيطلع المسؤولين اللبنانيين على وجهة النظر الإسرائيلية من الطرح الأخير من ترسيم الحدود.

وفي هذا السياق أكدت المصادر الرسمية اللبنانية أن بيروت رفضت في بداية انطلاق المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل عبر الوسطاء، “الخط الإسرائيلي رقم واحد”، كما رفضت “خط هوف”، و”طرح الخط 29″، الذي رفضته اسرائيل فتوقفت المفاوضات غير المباشرة التي عقدت في مقر الأمم المتحدة في الناقورة جنوب لبنان.

وأشارت المصادر ألى أن الوسيط هوشستين، طرح خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان “الخط 23″، وكان الجواب اللبناني إيجابي، إلا أن هذا الأمر لم يعلنه لبنان رسمياً، بانتظار أن يناقش هوكشتاين الأمر مع الجانب الإسرائيلي.

ويبقى الانتظار سيد الموقف حتى انتهاء الجولة المكوكية لهوشستين بين لبنان وإسرائيل.

وتوقفت المفاوضات التي بدأت في أكتوبر 2020، في مايو 2021، حين قدم لبنان خرائط جديدة مطالباً بحقه في 2290 كيلومتراً مربعاً بدلاً من 860 كيلومتراً مربعاً.

تجدر الإشارة هنا، إلى أن الدراسات التي أجرتها قيادة الجيش اللبناني، أظهرت أن الخريطة المتعلقة بـ860 كيلومتراً مربعاً والتي أرسلها لبنان للأمم المتحدة في 2011، استندت إلى تقديرات خاطئة، ليطالب لبنان بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً وتشمل أجزاء من حقل “كاريش” النفطي الذي يقع جزء كبير منه داخل الحدود اللبنانية.

وطالب لبنان في سبتمبر 2021، مجلس الأمن الدولي، والأمم المتحدة، بوقف أعمال التنقيب في المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل، وذلك بعدما منحت تل أبيب شركة “هاليبرتون” الأميركية، عقداً للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة.

وسعت الحكومة اللبنانية السابقة لتقديم شكوى إلى المحاكم الدولية المختصّة، لمنع شركة النفط اليونانية “إنرجيان” العاملة في حقل “كاريش” الإسرائيلي من استكمال عملها.

ولطالما اتهمت إسرائيل لبنان بـ”تغيير موقفه بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في المتوسط”.

الشرق نيوز

Exit mobile version