المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

متلازمة “الصمود” في مواجهة متلازمة الهمجية

بينما كان الشاب محمد العجلوني جالسًا مع المعتصمين أمام منزل عائلة السعو في الجزء الغربي من حي الشيخ جراح، باغته جنود الاحتلال الاسرائيلي، بالاعتداء عليه ومحاولة اعتقاله، رغم صراخه وهلعه الشديدين، ولولا تدخل المتواجدين من الأهالي والمتضامنين وتخليصه من بين أيديهم، لكان الآن رهن الاعتقال.

الشاب محمد مرشد العجلوني (24 عاما)، المصاب بمتلازمة داون، شارك في حفل زفاف لأحد شبان حي الشيخ جراح قرر أن ينظم حفل زفافه في محيط عائلة السعو المهددة بالإخلاء في الشيخ جراح، بمشاركة المعتصمين والأهالي، مشاركة العجلوني وترديده للأغاني الوطنية استفزا جنود الاحتلال الذين يتولون حراسة المستوطنين المتطرفين في المكان، فما كان منهم إلا أن هاجموا العجلوني ومن معه في محاولة لاعتقاله، أصيب العجلوني ومن معه خلال الاعتداء ونقل الى مستشفى المقاصد لتقي العلاج.

رغم أنه لا يعي بصورة كاملة ما يدور حوله، لكنه معروف عنه أنه لا يترك اعتصامًا إلا ويتواجد فيه، حتى بات يعرف بالمصاب بمتلازمة الصمود.

اشتهر العجلوني بوجوده الدائم في المسجد الأقصى والأحداث الميدانية الساخنة في القدس رغم إصابته بمتلازمة داون، فهو يحظى بشعبية واسعة بين المقدسيين.

لكنّ ما حد مع العجلوني، قد يترك آثارًا نفسية عنده، وفي ذلك يقول الأخصائي النفسي محمد الطويل لـ “وفا”: “الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون يرون الحياة وردية ويتعاملون بالفطرة مع الجميع، وعندما يتعرض المصاب بهذه المتلازمة لصدمة نفسية مثل حالة محمد عجلوني جراء الاعتداء عليه، ستترك لديه مضاعفات، وبالتالي يفضل عدم تركه يذهب وحده للأماكن التي اعتدي عليه فيها، ومن الضروري تواجد أشخاص حوله للتعافي ولكن مع الوقت سيصبح لديه تخوف من الاقتراب من الأماكن أو الجنود الذين اعتدوا عليه والتخوف من اللغة العبرية بسبب الصراخ عليه، وقد يرى كوابيس ليلية في منامه، ومن الضروري الدعم النفسي وتواجد الآخرين حوله لتخطي هذه الصدمة”.

ما مر به الشاب العجلوني، يعيد إلى الذاكرة الفلسطينية، اعتداءات الاحتلال على ذوي الاحتياجات الخاصة في القدس، منهم من ارتقى شهيدًا، ومنهم من بات أسيرًا، ومنهم من صار جريحًا.

فما زال الجميع يتذكر إياد الحلاق (٣٢ عاما)، الشاب المصاب بالتوحد من حي وادي الجوز بالقدس المحتلة، الذي أعدمته قوات الاحتلال قرب باب الأسباط في القدس المحتلة، خلال توجهه إلى مدرسة البكرية في القدس القديمة، في الثلاثين من أيار من عام ألفين وواحد وعشرين، وزعمت انه كان يحمل شيئًا يشبه المسدس واتضح لاحقًا أن الشاب لم يكن يحمل شيئًا.

سلسة من الجرائم الاحتلالية بحق ذوي الهمم الذين كفلت لهم اتفاقية جنيف الرابعة الحق بالحياة الكريمة وحرّمت استهدافهم أثناء الحروب، وطالبت بتوفير الحماية لهم إلا أن حكومة الاحتلال لا تفرق بين أبناء الشعب الفلسطيني وتواصل عدوانها بشكل همجي في تحدٍ لكل المواثيق والأعراف واللوائح القانونية الدولية.

مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري يقول لـــ”وفا”: “على ما يبدو ان جنود الاحتلال تلقوا تعليمات من قادتهم باستهداف الفلسطينيين صغارًا وكبارًا وأطفالاً وذوي الاعاقة، هذه الاعتداءات والاعتقالات متكررة بحق ذوي الاعاقة، منهم من ارتقى شهيدًا كإياد الحلاق، وبعضهم تعرض للضرب المبرح دون أي رحمة مثل ما حدث مع محمد العجلوني على مشهد ومرأى العالم أجمع، كل ذلك يأتي في إطار التحدي الاحتلال لكل المواثيق والشرائع الدولية والسماوية”.

ويضيف: “المعروف عن الشاب محمد الحلاق انتماؤه للقدس وتواجده الدائم في الوقفات والمسيرات وفي المسجد الاقصى وهو إنسان طيب مسالم، ورغم أنه واضح للجميع أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن مع هذا كله لم يشفع له أمام همجية ووحشية الاحتلال، هذه حالات وثقت لكن هناك العديد من الحالات التي لم يتم توثيقها وكثير من الاعتداءات التي لسوء الحظ لم توثق، كل هذا يعني أن جنود الاحتلال لديهم الضوء الاخضر للاعتداء على المقدسيين من كافة الاعمار والحالات، لأنه المقدسي يخيفهم بصموده مهما كانت حالته.

يذكر أن الرئيس محمود عباس هاتف الشاب العجلوني، وأعرب عن استنكاره وإدانته لهذا الاعتداء الآثم الذي يأتي في إطار الجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال ضد شعبنا الأعزل بكل فئاته، وقال: إن على العالم التدخل لوقف جرائم الاحتلال بحق شعبنا.

وفا- ليالي عيد

Exit mobile version