المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

صحف عربية: بوتين…قيصر جديد أم صدام روسي؟

استيقظ العالم الخميس على غزو روسي شامل لأوكرانيا، يهدد بإعادة تشكيل العلاقات الدولية التي قامت على أنقاض الاتحاد السوفييتي السابق، وما تبعه من نظام القطب الواحد، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي وجدت بعد ثلاثة عقود، ريادتها مهددة من جديد، بالطموحات الصينية من جهة، وبأحلام روسيا القيصرية من جهة ثانية.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الجمعة، فإن ما بعد غزو أوكرانيا ليس كما قبله، وصورة بوتين بعد الغزو ستختلف تماماً عما كانت عليه قبله.

رائحة حرب
في صحيفة “الشرق الأوسط”، قال غسان شربل، إن “قرار بوتين لغزو أوكرانيا أيقظ كل أشباح الماضي الأوروبي”، مؤكداً “لسنا في الطريق إلى حرب عالمية ثالثة لكن رائحة ذكريات الحرب العالمية الثانية فاحت فجأة”.
وتابع “ما بعد غزو أوكرانيا ليس كما قبله. وصورة بوتين بعد الغزو تختلف تماماً عما كانت عليه قبله”، مضيفاً أن “روسيا ستعاني قدراً غير قليل من العزلة. ستستهدفها العقوبات الصارمة وستُقفل في وجهها خزائن التكنولوجيا الغربية المتقدمة. من هذه التجربة الدامية ستولد روسيا أخرى بصورة مختلفة”.
وأوضح “وقع الغرب في الامتحان الأوكراني الصعب. على جو بايدن اتخاذ قرارات صعبة وإثبات أن سيد البيت الأبيض لا يزال جنرال الغرب، وأنه يملك الحلول إذا استلزمت الردود قطع شرايين التعامل مع روسيا في الطاقة وغيرها”.
ويضيف الكاتب “أطلق بوتين انقلاباً كبيراً على التوازنات والأعراف. صحيح أن أوروبا هي المسرح المباشر لكن الشرق الأوسط ليس بعيداً، خصوصاً أن قوات بوتين ترابط في سوريا محققةً الحلم الروسي القديم بالوصول إلى المياه الدافئة”.

إحياء الاتحاد السوفييتي
وفي صحيفة “العرب” اللندنية، تسآل خير الله خير الله، هل “تستأهل استعادة الاتحاد السوفياتي حرباً جديدة في أوروبا يمكن أن تتحوّل حربا عالمية؟”، وقال: “ليس الاعتراف الروسي بجمهوريتين مستقلتين في أوكرانيا هما لوغانسك ودونيتسك ومباشرة غزو أوكرانيا سوى تأكيد لمدى جدية بوتين في مجال السير في مشروعه الفاشل سلفا. من لديه أدنى شك في ذلك يستطيع أن يسأل نفسه، هل الدول التي كانت تحت الهيمنة السوفياتيّة في وضع أفضل الآن أم لا؟”
ويرى خير الله أن “الغرب، بزعامة أمريكا، لن يتمكن من التصدي لفلاديمير بوتين في أوكرانيا، الرجل مندفع ويؤمن بأن في استطاعته استعادة موقع الاتحاد السوفييتي في هذا العالم، غير مدرك أن ثمة معطيات أساسية تغيرت وأخرى لم تتغير. ما تغيّر هو ضعف أمريكا وصعود الصين التي باتت قوة اقتصادية يستحيل تجاهلها. ما لم يتغير أن روسيا لم تستطع في يوم من الأيام تحقيق أي نجاح خارج حدودها. أكثر من ذلك، لم يدرك بوتين أن الصواريخ والسلاح النووي شيء، فيما تطوير الاقتصاد الروسي ورفع مستوى عيش المواطنين شيء آخر”.

بوتين يصنع عصره
ومن جهته، يقول فاروق يوسف، في موقع “ميدل إيست أونلاين”، إن “شيطنة بوتين لم تغير شيئاً من حقيقة الوضع التي يحاول الغرب إخفاءها واللعب عليها وتمرير أكاذيب كثيرة من خلالها. وإذا كان إشهار سلاح العقوبات قد حطم شعوبا في أوقات سابقة، فإن إشهاره هذه المرة في وجه روسيا إنما يعبر عن غباء المتسلط الذي لا يدرك أن لغة القوة لا تنفع دائماً”.
وأضاف “صارت وسائل الإعلام الغربية تستحضر صورة صدام حسين وحماقته في غزو الكويت”، مشيراً إلى أن “استحضار صدام حسين في هذه اللحظة التاريخية، إنما يعبر هو الآخر عن غباء، أولاً لأن روسيا دولة نووية عظمى وهي ليست العراق، الدولة التي وصلت بها العقوبات الاقتصادية الدولية إلى الحضيض. وثانيا لأن فلاديمير بوتين ليس صدام حسين، الذي جروه إلى غزو الكويت”.
ويرى الكاتب أن “الغرب يتعامل مع المسألة الأوكرانية وكأنها عدوان يعبر عن حماقة روسية”، مضيفآ “هناك مَن تحدث عن المستنقع الأوكراني. لا تزال هناك إمكانية لصيد روسيا. مكيدة لا تعني سوى الجهل بروسيا التي صارت بالنسبة لأوروبا كما لو أنها لم تعد منجذبة إلى جزئها الأوروبي. أسيوية كما لو أنها خُلقت كذلك منذ الأزل. سيُتعب بوتين الغرب من غير أن يتعب. ليست معركته الحقيقة في أوكرانيا. تلك فكرة ستزول ما أن يكف الإعلام الغربي عن الحديث عن حرب أوكرانيا، كما سكت عن حرب القرم”.
ويختم يوسف مقاله قائلاً: “سيكون هناك دائما صداع روسي. ولكن وجود بوتين يزيده ألماً. سوء الفهم الغربي يكمن كله في بوتين الذي صار بالنسبة للإعلام صدام حسين الجديد، وهي مقاربة شعبية تنطوي على اللعب بالحقيقة”، مضيفاً “بوتين ليس بطلاً ولكنه رجل دولة. أوكرانيا ليست ضحية ولكنها مكيدة. الغرب يكذب من أجل أن تظل ترسانة أسلحته ضرورية”.

تجاذبات
من جهتها قالت صحيفة “الرياض” السعودية في افتتاحيتها، إن “قرار الرئيس الروسي بوتين الاعتراف باستقلال المناطق التي تخضع لسيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو في دونيستك ولوهانسك شرقي أوكرانيا، قد فتح فصلاً جديداً في التوتر الغربي الروسي المتواصل منذ شهور، ورفع من فرص تحول الصراع إلى مواجهة عسكرية شاملة، لا سيما أن الناتو عزز وجوده في أوروبا الشرقية، ونشر سفناً وطائرات حربية إضافية”، مضيفةً أن “روسيا ترى أنه لا يمكنها القبول بهذه الهزيمة الاستراتيجية، وبالمقابل، لا يبدو أن الغرب في أحسن حال، فأقصى ما يستطيعه هو معاقبة روسيا دبلوماسياً ومالياً واقتصادياً”.
وأوضحت الصحيفة، أن “روسيا اعتمدت على تصعيد الروح القومية ليصبح الأساس الذي ترتكز إليه سياسة مقاومة التقدم الغربي، باعتبار خسارة أوكرانيا ليست خسارة جيوسياسية وحسب، بل خسارة لجزء من التاريخ والذاكرة ومكونات الهوية الروسية”.
واعتبرت الصحيفة أنه مهما كان الاتجاه الذي ستأخذه الأزمة الأوكرانية، “فالواضح أنها وبصورة مفاجئة وغير متوقعة، لن تنتهي قبل أن تترك أثراً بالغاً على روسيا والغرب والجوار الإقليمي”.

موقع 24 الاماراتي

Exit mobile version