المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

“التنين” يتوطّن طوباس

وحدها الصدفة قادت المواطن منير دراغمة من مدينة طوباس لزراعة فاكهة التنين، التي تعد من الفواكه المستوردة نادرة الوجود في السوق الفلسطينية.

استطاع دراغمة (40 عاما) بتجربته الفريدة وشغفه أن يكون أول مزارع في الضفة الغربية ينجح في هذا المجال، ويصبح رائد هذه الفاكهة محليا.

تنتمي شجرة فاكهة التنين إلى فصيلة الصباريات، وتنتج ثمرة بيضاوية الحجم ذات قشرة سميكة باللون الوردي الغامق، وتتنوع ألوان لب الفاكهة من الداخل وفقا للصنف، فمنها الأحمر والأبيض والأصفر، وتحتوي على بذور سوداء صغيرة.

وتعد المكسيك الموطن الأصلي لفاكهة التنين التي يطلق عليها أيضا اسم (البتايا)، لكنها تزرع الآن على نطاق واسع في الصين، وأندونيسيا، وماليزيا، والفلبين، وسيريلانكا.

تطرق دراغمة، خلال حديثه لـ”وفا”، إلى بداية الفكرة لديه، فخلال تسوقه من أحد محلات الخضار والفواكه شاهد هذه الفاكهة وفوجئ بسعرها المرتفع، مشيرا إلى أن التاجر أرجع سبب ارتفاع سعرها لكونها فاكهة مستوردة من الصين ونادرة الوجود في الأسواق الفلسطينية، فقاده الشغف للتفكير في زراعتها محليا، رغم أنه لم يكن يعمل بالزراعة من قبل، فعمله الأساسي في مجال الحاسوب.

وأوضح أن من أخبرهم بنيته خوض تجربة زراعة فاكهة التنين لم يشجعوه على ذلك، واعتبروا أن إمكانية نجاحها شبه مستحيلة كونها فاكهة تشتهر في دول شرق آسيا والمناطق والاستوائية، ومناخ فلسطين لا يناسبها، لكن ذلك لم يقلل من حماسه للتجربة.

شرع دراغمة بالبحث والقراءة عن فاكهة التنين وظروف زراعتها، مشيرا إلى أنه طيلة ستة أشهر كان يطالع بشغف كل ما يتعلق بهذه الفاكهة وأصنافها الكثيرة، فمنها العديد من الأصناف التجارية المنتجة للثمار، بالإضافة لبعض الأصناف التي تستخدم للزينة.

وقد تمكن من التواصل مع مزارعين صينيين يشتهرون بإنتاج هذه الفاكهة، من خلال شبكة الانترنت وعبر البريد الالكتروني وتطبيقات الهاتف المحمول، فاشترى منهم عُقَلا من أشجار فاكهة التنين، كما أنه تواصل مع عدد من التجار الفلسطينيين الذين يسافرون إلى الصين، الذين أمنوا وصول العُقَل له.

وبعد وصول العُقل صب دراغمة جهده، وعلى مدار أربع سنوات، على المرحلة الأهم من عمله، وهي غرسها والعناية بها لتتحول لاحقا إلى أشتال قابلة للزراعة في الأرض، وكذلك مضاعفة عددها.

زرع دراغمة دونمين في محيط منزله بالأشتال، علما أن طريقة زراعة هذه الشجرة مختلفة عن الطرق التي اعتاد عليها المزارعون، فكل شجرة حتى تنجح وتثمر تحتاج أولا لزراعة ثلاث شتلات متلاصقات، ولاحقا تكبر الأشتال وتتحول إلى أشجار.

يبدأ إزهار أشجار التنين في نهاية شهر أيار من كل عام، فيما يبدأ الإثمار منتصف شهر حزيران ويستمر حتى شهر تشرين الثاني، وخلال هذا الموسم يقطف المزارع من الشجرة حوالي خمس قطفات.

خلال العام الماضي، كانت باكورة ثمار التنين لدى دراغمة والتي أتت أكلها بعد سنوات من الجد والعناية، فهي تثمر بعد السنة الأولى من زراعتها في التربة.

وعبر دراغمة عن سعادته بنجاح أشجاره بعد طول عناء وانتظار، مشيرا إلى أن سعادته لدى قطفه باكورة الثمار لا يمكن أن توصف، وخاصة أن موسمه حقق نجاحا من حيث جودة الثمار وأحجامها، حيث يتراوح وزن الثمرة الواحدة منها ما بين 600 – 1000 غرام ( كيلو غرام).

وقال إن التجار أقبلوا على مزرعته من عدة مناطق في الضفة الغربية لشراء محصوله، مؤكدا أن الموسم حظي بتسويق ممتاز حقق له ربحا جيدا.

ومما ساهم في تسويق منتجه بشكل جيد وتواصل التجار معه من مناطق عديدة، هو استخدامه لمواقع التواصل الاجتماعي وإنشاء صفحة يوثق خلالها يوميات مزرعته وتطورها.

وأوضح دراغمة أن الشجرة الواحدة تنتج كمية تتراوح ما بين 6-10 كيلو غرام من فاكهة التنين في أول عام، ثم يزداد إنتاجها سنويا كلما تقدمت في العمر، فبعد السنة الخامسة قد يصل إنتاج الشجرة الواحدة إلى 90 كيلو غراما.

شجرة فاكهة التنين ذات جذور سطحية، ولا تتطلب جهدا مضنيا في العناية، وفقا لدراغمة، فهي تحتاج لري قليل، ولرش المبيدات الحشرية مرتين سنويا، والتغذية بالسماد العضوي والتقليم مرة واحدة سنويا.

وبدأ دراغمة يفكر في توسيع مجال عمله، فهو يخطط الآن لزراعة ستة دونمات إضافية، والتعاون مع مزارعين آخرين بحيث يوفر المزيد من الأراضي لزراعتها.

كما أن تجربة دراغمة ألهمت العديد من المواطنين والمزارعين لخوض التجربة، والذين قصدوه للحصول على الأشتال والاستشارة في هذا المجال.

ويؤكد دراغمة أنه سعيد ببدء الإقبال على هذه الزراعة بعد نجاح تجربته، منوها إلى أنه يعمل الآن على ثلاث قنوات في هذا المجال، وهي إنتاج الثمر من مزرعته، وتكثير الأشتال وبيعها، بالإضافة لتقديم استشارات في هذا المجال.

يتوقع دراغمة أن تلقى زراعة فاكهة التنين رواجا وانتشارا كبيرا في فلسطين خلال السنوات القادمة، بسبب نجاح التجربة الأولى وتوافر الأشتال حاليا، وهو ما قد يجعل هذه الثمرة تتوطن في فلسطين وتصبح وفيرة في الأسواق وذات سعر مقبول، لكن ذلك يحتاج لبضع سنوات، لأنه مرتبط بزيادة المساحات المزروعة ووجود إنتاج وفير.

وفا- إسراء غوراني

Exit mobile version