المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

بعد أن تضع الحرب الروسية الأوكرانية أوزارها

بقلم: عبدالله نمر أبو الكاس ،،

بعد أن تضع الحرب الروسية الأوكرانية أوزارها ، ويتحقق لطرف ما كان يصبو إليه ،، تطرح تساؤلات عدة ، أهمها هل بعد انتهاء الحرب ستعود الأوضاع العالمية كما كانت قبلها ؟؟ أم ستتشكل وجهة جديدة لقيادة العالم تنهي حقب زمنية لهيمنة وتفرد أمريكا تبدأ معها حقبة جديدة بتحالف جديد يغير وجه المنطقة ؟؟ فهذا كله متوقف على انتهاء هذه المعركة ،، وما ستؤل نتائجها ، التي يرجح البعض بأنها ان استمرت ستحسم لصالح الدب الروسي بسبب التفوق والتطور العسكري الروسي ، واكتفتاء أمريكا وحلفاؤها من فرض عقوبات اقتصادية على روسيا دون دخول أرض المعركة ، وتركت أوكرانيا تقاتل لوحدها في الميدان بمعركة غير متكافئة من كل الاتجاهات ،، مع العلم أن الجيش الأوكراني يقاتل بكل بسالة وشجاعة ، ولازال صامدا في هذه المعركة يسانده فيها أفراد شعبه .

مما لا شك فيه أن الكثيرون في هذا العالم وممن اضطهدتهم الولايات المتحدة الأمريكية ، ينتظرون بفارغ الصبر ان يكون بعد هذه الحرب ليس كما قبلها وأن تبدأ حقبة جديدة بازاحة الولايات المتحدة عن المشهد الدولي ،، بل وينتظرون مشاهدة أمريكا تزحف على أناملها ،، وكثيرون يتمنون أن تنتهي سياسة القطب الواحد ، والتفرد ، والهيمنة الأمريكية على العالم ،، بسبب سياساتها الخارجية الفاشلة ،، وزعمها زورا بأنها راعية الديمقراطية ،، وتدخلها السافر في بعض الدول ،، وشن حروب على دول أخرى ، منها عربية ، وتدمير شعوب بأكملها تحت ذرائع وحجج واهية وكاذبة ،، وأيضا انحيازها الأعمى لكيان الإحتلال الإسرائيلي على حساب العرب والفلسطينيين وقضيتهم العادلة .

ولكن علينا في نفس الوقت أن لا نسمح لأنفسنا بأن تسرقنا تلك الأمنيات والعواطف عن الحقيقة والواقع ،، ومنها عاطفتنا بالغزو الروسي لأوكرانيا ، كنوع من التحدي الروسي للناتو وواشنطن ، وإمكانية أن تفضي هذه الأزمة تغييرا في وجه المنطقة ،، كسحب بساط الهيمنة والتفرد من تحت أقدامهم بسهولة دون كلفة أو أثمان .

لنترك لغة التهديد والوعيد الأمريكية ، وقيادتها لتحالف ضد روسيا ، إثر غزوها لاوكرانيا ،، فالغزو الروسي يتم تحت نظر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ، أو بالأحرى ضمنا ، هناك مساحة ممنوحة للروس التحرك فيها ،، ولن تسمح الولايات المتحدة بتجاوزها أيا كان ،، فأوكرانيا بكافة جمهورياتها وولاياتها باتت لقمة سائغة لروسيا برضى أمريكي ، ولكن أي تجاوز لتلك الحدود فنعتقد ان الأمر سيكون مختلف ، ومن غير المستبعد أن يشهد تطورا دراماتيكيا ، ونكون على أعتاب حرب عالمية ثالثة ، وستكون حرب نووية مدمرة تطال الجميع ، فالمسألة ستكون بالنسبة لأمريكا مسألة كرامة وهي كذلك بالنسبة لروسيا ، ولن تسمح أمريكا بأن تنتهي هذه المعركة بتشكيل قطب جديد من روسيا والصين ومن لف لفيفهم ينهي دورها الريادي ، خاصة أن أمريكا تعتبر التنين الصيني الأخطر في المنافسة من الدب الروسي على قيادة العالم .

من يظن أن الولايات المتحدة اليوم تعيش حالة من الانهيار وسقوط عرشها وفقدان عالميتها ونجوميتها ، فهو مخطئ ، فهناك أوراق كثيرة تمتلكها أمريكا ، وتوازنات دولية تؤهلها بالحفاظ على مكانتها ويمكن من خلالها حسم كل القضايا برغم اخفاقاتها بتقدير بعض الأزمات السابقة والحالية ، ولكن كل ذلك يتوقف أولا على مدة بقاء الأزمة الروسية الأوكرانية وبالتالي مدة استمرار الغزو عسكريا ؟؟ أو أن يتخطى الغزو الروسي عتبات لما بعد أوكرانيا ؟؟ واعتقاد شخصي بأن الأزمة ستنتهي قريبا خاصة بعد محاولات لعقد لقاءات سياسية بين البلدين المتنازعين .

وفي النهاية يبقى الواقع والمعطيات على الأرض شيء ،، ومأمولنا شيء أخر ،، يمكن أن يكون بعيد المنال ،،

عبدالله نمر أبو الكاس ،،
غزة – فلسطين ،، 2022-2-28

Exit mobile version