المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

فايننشال تايمز: على الغرب ألا يخاطر بالتصعيد في رده على بوتين

دعا العالم السياسي البارز في مؤسسة راند الأمريكية صمويل شاراب العالم الغربي إلى الرد بقوة على الاعتداء الروسي ضد أوكرانيا، ودعا في الوقت نفسه الغربيين، إلى الأخذ في الحسبان إمكانية تسبب الرد في دوامة تصعيد قد تؤدي إلى النتيجة الوحيدة التي ستكون أسوأ من الاجتياح نفسه، حرب بين حلف شمال الأطلسي، وروسيا.

لا روسيا ولا ناتو يريدان الحرب. لكن التاريخ حافل بأمثلة لدول انزلقت إلى حرب دون أن تكون نيتها القتال، وحافل أيضاً بأمثلة لنزاعات صغيرة أطلقت شرارات حروب أوسع. وتمهد ظروف الاجتياح الروسي لمخاطر التصعيد.

ضبابية الحرب
كتب شاراب في صحيفة “فايننشال تايمز” أن روسيا شنت أكبر عملية عسكرية في أوروبا منذ جيل على الأقل، في دولة تحد أراضي أربعة حلفاء أطلسيين وتتقاسم حدوداً بحرية مع دولة أطلسية خامسة هي تركيا.
وبعد تكثيف العمليات الرئيسية، ارتفع احتمال الحادث العرضي مثل انتهاك مقاتلة روسية أجواء دولة أطلسية في عمليات قتالية.
وأشارت تقارير إلى أن صواريخ كروز روسية أصابت أهدافاً قريبة بما يكفي من الحدود البولندية ما أطلق صافرات الإنذار على الجانب الآخر.
إن خطأ في الاستهداف يؤدي إلى ضرب أراض أطلسية، أمر أكثر احتمالاً وسط ضبابية الحرب.

الخطة التي ألغيت سريعاً
وتابع الكاتب أن القوات المسلحة الروسية التي تخوض ما يشبه نزاعاً وجودياً يمكن أن تخطئ في تقدير جهود ناتو لتعزيز الخطوط الأمامية للحلفاء، فتعتبرها محاولة للتدخل ضد الروس في أوكرانيا، وقد ترد على ذلك فعلاً. وإذا كانت القوات النووية في حال تأهب قصوى كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن حواجز الحماية ضد التصعيد السريع ستتضاءل. وتحمل الجهود المستمرة لمساعدة الأوكرانيين في مقاومة الاعتداء الروسي مخاطر أيضاً.
انتشرت تقارير هذا الأسبوع عن طيارين أوكرانيين كانوا سيسافرون إلى بولندا لاستعادة مقاتلات سوفييتية والعودة بها للقتال. حين أصبحت علنية، دقت الخطة جرس الإنذار فألغيت بسرعة. لكن الرغبة المفهومة في المساعدة وبسرعة، ستتواصل ويمكن أن تؤدي إلى أفكار مشابهة لا تخلو من المخاطر.
باختصار، إن الحرب في أوكرانيا ترفع مخاطر حادث أو سوء تقدير يؤدي إلى دوامة حرب روسية أطلسية.

انتقام مباشر محتمل
لا شك كبيراً في أن الرئيس الروسي يرى العقوبات جزءاً من حملة للإطاحة بحكومته. وإن الخوف من تكثيف هذه الحملة قد يدفعه إلى الانتقام بشكل مباشر، ويمكن للهجمات الروسية السيبيرانية ضد مؤسسات مالية غربية أن تضغط على الغرب ليصعّد وهو أمر يعزز الدوامة.
ولكن القلق من التصعيد لا يجب أن يوقف الغربيين عن الرد بقوة على تصرفات بوتين، لكن يمكن اتخاذ خطوات قد تخفف المخاطر.

مصلحة غربية
أولاً، على القادة الأمريكيين والأطلسيين العسكريين الحفاظ على قنوات التواصل مع نظرائهم الروس. فبعد قطع العديد من آليات التشاور مع موسكو عن حق، تبقى هذه الروابط أساسية لتفادي سوء الحسابات.
ثانياً، في مرحلة العمليات القتالية الروسية النشطة، يمكن استخدام هذه القنوات لتوفير شفافية إضافية، طالما أن ذلك لا يقوض الأمن العملياتي، عن طبيعة تحرك القوات الأمريكية والأطلسية والدول الحليفة المحاذية لأوكرانيا. ومن مصلحة الولايات المتحدة والحلفاء ألا يتفاجأ الجيش الروسي، خلال عمله تحت ضغط شديد، بنشاط أطلسي، فيسيء تفسير الانتشار في دول حليفة، فيعتبره تدخلاً في أوكرانيا.

رافعة
ثالثاً، أضاف شاراب، يمكن للغرب استخدام العقوبات رافعةً لدفع بوتين إلى التخلي عن هدفه الأساسي من الحرب بقطع رأس الحكومة الأوكرانية وتنصيب حكومة موالية لروسيا.
وعلى سبيل المثال، فإن تخفيف العقوبات على البنك المركزي لإقناع روسيا بوقف إطلاق النار وبتسوية متفاوض عليها لن يخفف المعاناة الإنسانية في أوكرانيا وحسب، بل قد يؤشر على حدود النوايا الغربية، بما يوضح أن العقوبات لا تهدف إلى الإطاحة بنظام بوتين.

تنسيق وضبط
رابعاً، على دعم الجيش الأوكراني أن يكون منسقاً بين الحلفاء ومضبوطاً بعناية وبعيداً عن الرأي العام. على القادة العسكريين الأمريكيين وحلفائهم مراعاة المخاوف من التصعيد عند اتخاذ قرار حول ما يجب تقديمه، وكيفية تنفيذه.
سيكون الأمر صعباً للغاية لكن ضرورياً. لقد قاد بوتين دولته إلى حرب قاتلة وغير مبررة ضد جارته. بينما يرفع الكلفة الغرب، عليه فعل ذلك بطريقة تتفادى حرباً أوسع يمكن أن تُسبب المزيد من الموت والدمار.

المصدر: موقع 24 الاماراتي

Exit mobile version