المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

أنامل معجونة بالفن

دون امتلاكها مرسما مخصصا لإكمال لوحاتها الفنية، تخرج شهناز دراغمة من مدينة طوباس شمال الضفة الغربية، بلوحات فنية لا يمكن تفريقها عن الواقع.

الفتاة التي أكملت دراستها الأكاديمية بعيدا عن الفنون بتخصص أساليب اللغة الإنجليزية من جامعة القدس المفتوحة بطوباس، امتلكت منذ سني عمرها الأولى موهبة الرسم.

تقول دراغمة لـ”وفا”، إنها في عمر الثالثة بدت عليها علامات واضحة لامتلاكها موهبة ستصبح فيما بعد على أعلى المستويات. ففي ذلك العمر، هزّ مشهد استشهاد الطفل محمد الدرة من غزة العالم حينما اغتاله جنود الاحتلال بشكل مباشر وهو يصرخ في حضن والده.

“عندما رسمت المشهد بشكل عفوي أخبرتني والدتي بعدها أن الموهبة قد ظهرت”. تضيف دراغمة.

وبعد أكثر من عقدين من الزمن أصبحت الشابة واحدة من الفنانات في طوباس اللواتي يتقن الرسم بطرق مختلفة، بشكل لا يظهر الاختلاف بين لوحاتها والصور الأصلية.

“أرسم اللوحات باستخدام الألوان الزيتية، والخشبية، وأقلام الرصاص، وأقلام الحبر الجاف، والفحم”، توضح دراغمة.

ويمكن مشاهدة تقارب بين اللوحات المرسومة بأقلام الرصاص والصور الحقيقية أكثر من غيرها. لكن لا يعني هذا أن باقي اللوحات المرسومة بأساليب أخرى لا تعطي تقاربا من الحقيقة، حيث تتقن دراغمة رسم “البورتريه” و”اللوحات الصماء”، وغيرها.

واللوحات المرسومة باستخدام أقلام الرصاص يمكن أن تصبح جاهزة بوقت قصير مباشرة بعد الانتهاء منها، عكس تلك التي ترسم باستخدام الألوان الزيتية الني يمكن أن تأخذ أيامًا لتجف وتصبح متاحة للعرض.

“عند رسم لوحة باستخدام الألوان الزيتية يمكن أن يمتد ذلك على مدار أسبوع، بمدة لا تتجاوز أربع ساعات مفرقة في اليوم الواحد، أرسم ببطء بانتظار أن تجف الألوان للبدء في المرحلة التالية”، تشير دراغمة.

وتضيف: “يحتاج هذا النوع من الرسم للصبر والمتابعة”.

في عام 2017 شاركت الفنانة دراغمة في معرض للصور أقيم في جامعة القدس المفتوحة فرع طوباس، بعدها بعام واحد شقت طريق بيع اللوحات بناءً على حجوزات مسبقة.

فبعدما أهدت دراغمة، شقيقتها لوحة بمناسبة زفافها، أعجبت الفكرة الكثير من الأشخاص الذين بدأوا بحجوزات مسبقة لرسمهم.

“اليوم امتلك رصيدا لحجوزات مسبقة علي تسليمها في مواعيدها”. تقول دراغمة.

وتضيف وهي جالسة على كرسي تتفقد صورا قد أتمتها في السابق: “أُري صاحب الصورة اللوحة قبل تسليمها لإدخال بعض التغييرات حسب الطلب”.

ويحوي ألبوم الصور في هاتفها النقال عددا كبيرا من اللوحات الفنية لوجوه أشخاص مرسومة باستخدام أقلام الرصاص. ولرسم صورة لوجه شخص ما، وهي ما تعرف بفن “البورتريه”، تبدأ شهناز برسم العيون أولا، لأنه حسب قولها هي مركز اللوحة، ثم تكمل رسم باقي التفاصيل.

وأمكن رؤية لوحات متنوعة لوجوه أشخاص من المدينة مكتملة، وأخرى قيد الرسم.

وبالنسبة لشهناز، يمكن اختصار خطوات إكمال اللوحة الفنية في أربع خطوات تبدأ بالتخطيط، وهي الخطوة التي تعتمد عليها باقي خطوات الرسم، ولهذا فهي أكثر المراحل حساسية، ثم يتبعها رسم التفاصيل، وتحديد مناطق الظل والضوء، وأخيرا تظليل اللوحة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، لا يمكن إتمام لوحة فنية “بورتريه” دون الاهتمام بمناطق الظل والضوء، فالجهة التي تقع تحت تأثير الإضاءة يمكن تسميتها بمناطق الضوء، مقابل ذلك فالمنطقة التي لا تصلها الإضاءة تعتبر مناطق ظل.

لكنّ هناك نوعا آخر من رسم لوحات “البورتريه”، فمن خلال فن “البوب” ترسم اللوحات دون تفاصيلها الكاملة. وبالنسبة لها، فإن لوحتها للفنانة اللبنانية فيروز بهذا النوع من الرسم هي الأفضل.

حينما بدأت دراغمة الرسم لم تكن تتبع الطريقة التي هي عليها الآن، فقديمًا كانت دراغمة تستخدم طريقة المربعات في رسم اللوحات. ويمكن تفصيل هذه الطريقة بتقسيم الصورة الأصلية لمربعات، ثم تبدأ برسم كل مربع على حدا.

هذه الأيام يمكن لها رسم الصورة من أول مرة، غير أن صورة تحوي تفاصيل عدة يمكن أن يكلفها ذلك تكرار الرسمة أكثر من مرة. وبالنسبة لدراغمة فرسم صورة لطفل صغير يبدو أسهل من رسم صورة لشيخ كبير. “إنه وجه مليء بالتجاعيد (..)، لا يمكن إهمال هذه التفاصيل الصغيرة”. توضّح.

وتضيف وهي تضع هاتفها النقال أمامها: “استغرقت لوحة خادمة الحليب للفنان الهولندي وهانس فيرمير، ثلاثة أيام بالألوان الزيتية”.

وفا- الحارث الحصني

Exit mobile version