المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

استهداف إيران لأربيل.. تداعيات خطيرة تتجاوز حدود الشرق الأوسط

اعتبر الباحث آدم لامون أن استهداف إيران الأخير لإربيل الأحد، أضاف المزيد من الفوضى السياسية في العراق، وأثار المخاوف من تداعيات خطيرة تتجاوز حدود الشرق الأوسط.

وكتب لامون، في تحليل لمجلة “ناشونال إنترست”، أن الضربات الجديدة تشير إلى أن إيران تزيد جرأة ورغبة في الرد المباشر بالصواريخ الباليستية على خصومها.
ويأتي الاستهداف بينما يستعد العراق لاختيار حكومة جديدة، وفي الوقت الذي دخل فيه الاتفاق النووي الإيراني مرحلة “مصيرية”.

هجمات سابقة
وهي ليست المرة الأولى التي تدعي فيها إيران أنها تملك معلومات عن وجود استخباراتي إسرائيلي في إقليم كردستان العراق، يعد نشر تقارير مماثلة في أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول) 2021.
ومع ذلك، رأى لاموند أن الغارة الأخيرة ليست سوى أحدث تصعيد في المواجهة الإيرانية الإسرائيلية المستمرة في كامل الشرق الأوسط.
وأصبحت إيران “أكثر حساسية” بشكل ملحوظ ضد الوجود الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، خاصة منذ اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، بمساعدة قوات خاصة كردية عراقية والاستخبارات الإسرائيلية في يناير(كانون الثاني) 2020.

مخاطر على الولايات المتحدة
وتشكّل نوايا إيران في تحدي الوجود الإسرائيلي المزعوم في العراق، مخاطر على الولايات المتحدة.
ووصفت الولايات المتحدة الهجوم بـ “انتهاك صارخ لسيادة العراق”، لكنها، في الوقت نفسه، قالت إن “لا مؤشرات على أن الهجوم كان موجهاً ضد واشنطن”.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، لبرنامج “واجه الأمة” على شبكة “سي بي إس”: “لم يصب أي أمريكي بأذى… ولم تصب أي منشآت أمريكية”.
واعتبرت المجلة أن هذه التصريحات، جديرة بالملاحظة لسببين، الأول أنها تشير إلى أن قدرات إيران الصاروخية أصبحت الآن متقدمة لدرجة أن الحرس الثوري الإيراني يمكنه تدمير أهداف على مقربة من الأمريكيين بدقة دون التسبب في أضرار جانبية، أو تدمير الصواريخ من قبل الدفاعات الأمريكية.
والثاني أن إيران أظهرت قدراً ملحوظًا من ضبط النفس عند الرد، ما خلق مساحة للانتقام، وخفض التصعيد اللاحق.

إيران تزداد جرأة
ومع ذلك، اعتبرت المجلة أن الضربات لأربيل تشير إلى أن إيران تزيد جرأة واستعداداً للانتقام المباشر بالصواريخ البالستية من خصومها.
وفي هذا الإطار، قال جون كرزيزانياك، الباحث المشارك في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إن إيران ضربت أهدافاً في العراق، وسوريا بالصواريخ البالستية ست مرات منذ 2001، خمس منها بعد 2017.
من جهته، قال المحلل الإيراني علي رضا أحمدي للمجلة، إن “الانتقام سيتكرر أكثر وسيكون مباشراً”. وأشار إلى أن “إيران تعمل على تعزيز تطور ودقة أسطولها الصاروخي لمثل هذا العمل الرادع بالضبط بدل القدرة على تحديث جيشها التقليدي بشكل صحيح”، لذلك فإن “من المرجح أن تستمر إيران في الاعتماد على الصواريخ البالستية في ردع ومواجهة التهديدات الأكثر خطراً على أمنها”.

عواقب تتجاوز الشرق الأوسط
واعتبرت المجلة أن هذه الضربات “غير جيدة” للولايات المتحدة، التي سعت منذ فترة طويلة إلى تجنّب الانجرار إلى الصراع الإيراني الإسرائيلي، حتى في الوقت الذي ألقت فيه بثقلها وراء إسرائيل، وقصفت بين الحين والآخر المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا.
وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أنه بعد أن دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية أهدافًا عسكرية إيرانية في سوريا في الشهر السابق، شنت إيران غارات بطائرات دون طيار على قاعدة عسكرية أمريكية في جنوب سوريا “المرة الأولى التي توجه فيها إيران ضربة عسكرية ضد الولايات المتحدة رداً على هجوم إسرائيلي”.
وبالتالي، رجّحت المجلة أن تتبع ذلك هجمات إضافية، لها عواقب تتجاوز منطقة الشرق الأوسط.

تعقيد المفاوضات النووية
ومن المؤكد أن التوترات بين الولايات المتحدة، وإيران، وإسرائيل أدت بشكل روتيني إلى تعقيد جهود واشنطن وطهران المضنية لإحياء الاتفاق النووي.
ولا تزال الحكومة الإسرائيلية تعارض بشدة العودة إلى الاتفاق، وتشكك في التزام إيران به.
وكتب الباحثان حميد رضا عزيزي، ونيكول غرايفسكي للمجلة أن قرار إحياء الاتفاق “لم يعد يعتمد فقط على ميول الولايات المتحدة، وإيران”.
واعتبرا أن مطالبة روسيا بـ “ضمانات مكتوبة” بأن العقوبات الغربية عليها بعد هجومها على أوكرانيا لن تؤثر على تعاونها التجاري والاقتصادي والاستثماري والعسكري مع إيران، أثارت مخاوف محاولة موسكو أخذ محادثات فيينا حول النووي “رهينة لجني الفوائد من خرق العقوبات، أو للاستفادة من خطة العمل الشاملة المشتركة باعتبارها ورقة مساومة للتوصل إلى اتفاق مع الغرب حول أوكرانيا”.
لكن وبغض النظر عن دوافع موسكو، توقفت المفاوضات. ورغم حرص إيران على تجنيب علاقاتها الوثيقة مع روسيا الخطر، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: “لن نسمح لأي عوامل خارجية بالتأثير على مصالحنا الوطنية” وطلب “توضيحاً” من روسيا.
ورفض المسؤولون الأمريكيون بشدة مطالب روسيا “غير ذات الصلة”، وهددوا باستبعاد موسكو من محادثات النووي.
لكن المجلة اعتبرت أن “الحديث أسهل من الفعل. فإيران والولايات المتحدة لم تحلا النقاط الشائكة النهائية للعودة إلى الاتفاق النووي، قبل توقفها بعد المطالب الروسية. والآن ربما زادت الضربة الصاروخية الإيرانية لأربيل، المفاوضات تعقيداً”.

شكوك في توقيت الهجوم
ورأت أنه رغم أنه لا يرتبط صراحة بمحادثات النووي، إلا أن توقيت الهجوم الصاروخي على أربيل “مشكوك فيه بالتأكيد، إذ يدرك الغرب جيداً أن إيران يمكن أن تُعطل مصالحه في الشرق الأوسط وخارجه دون أسلحة نووية، وهذا الدليل على القدرات الصاروخية الإيرانية يدفع إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق نووي، أكثر تعقيداً”.
وأكدت المجلة أنه في مثل هذه المرحلة الضعيفة من المفاوضات، فإن “أي مفاجآت أو تصعيد إضافي قد يقضي على أشهر من الجهد، ولن يترك خصوم الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمهوريون والمنتقدون، هذه الفرصة لتضيع”.

المصدر: 24 الاماراتي

Exit mobile version