المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

إسبانيا تذيب صخرة الجليد مع المغرب والسفيرة بنيعيش تعود إلى مدريد

أفاد مصدر محلي أن سفيرة المغرب في إسبانيا، كريمة بنيعيش، عادت الأحد إلى مدريد. وأوردت وكالة ايفي الاسبانية تأكيداً منها للخبر، حيث قالت الدبلوماسية المغربية: «إنه لمن دواعي سروري العودة إلى العمل في مدريد وتعزيز العلاقات بين إسبانيا والمغرب».
إلى ذلك، اعتبر مراقبون مغاربة أن قرار إسبانيا الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء جاء لتكسير صخرة الجليد التي انتصبت مع جارتها الجنوبية المغرب، منذ استضافة زعيم البوليساريو وإدخاله إلى مدريد بهوية مزورة بهدف الاستشفاء من «كورونا»، وما تلا ذلك من أحداث أزمت الوضع بين البلدين، لا سيما الهجرة الجماعية لشباب وأطفال مغاربة نحو سبتة، وتأجيل اللجنة العليا المشتركة، وإغلاق معابر التجارة غير القانونية مع المدينتين المغربيتين المحتلتين.
رسالة رئيس الحكومة في مدريد بيدرو سانشيز، التي وجهها إلى العاهل المغربي محمد السادس، لم تكن رسالة عادية في إطار التوجهات الدبلوماسية المعروفة، بل كانت اعترافاً بموضوعية وجدية وواقعية المقترح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية للمغرب، وفق تقدير محللين.
بالنسبة للمغاربة، كان موعداً للاحتفاء بالموقف الإسباني الجديد، حيث كتب الباحث إدريس الكنبوري، تدوينة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، قائلاً: «أخيراً اعترفت إسبانيا بمبادرة الحكم الذاتي للمغرب في الصحراء التي قدمها عام 2007».
واستعرض بعض مقاطع الرسالة التي وجهها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس، مؤكداً أن هذا الموقف «هو تحول تاريخي كبير في الموقف الإسباني من قضية الصحراء غير مسبوق. هذا التحول نتج عن الموقف الأمريكي الأخير لإدارة بايدن بعد الزيارة الأخيرة لنائبة كاتب الدولة الأمريكي في الخارجية للمغرب».
وحسب الكنبوري، فإن «التحالف مع الأقوياء يجعل الآخرين يأتون سريعاً»، وأضاف: «هذا التحول في الموقف الإسباني يبين لنا بأن المغرب يستطيع أن ينتصر في قضاياه الخارجية لو اعتمد دبلوماسية صارمة وفعالة حتى لو خسر بعض أوراقه في البداية؛ لأن الدبلوماسية الناجحة تتطلب طول النفس وعدم التسامح في الأولويات. لقد كانت الأزمة مع إسبانيا قبل 15 شهراً أزمة كبيرة، ولكنها في النهاية تمخضت عن نتيجة أكبر».
وختم الباحث تدوينته بالإشارة إلى أنه «بسبب دبلوماسية متعثرة تقف في منتصف الطريق أضاع المغاربة نصف قرن تقريباً من أعمارهم في انتظار حل، لكن الملك محمد السادس أحدث الفارق بدبلوماسية نشطة متعددة المحاور».
وأكد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن «الموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء المغربية تطور لافت في واقع العلاقات الثنائية». وفي تصريح أدلى به لوكالة الأنباء المغربية، أوضح «أن هذا الموقف الجديد يشكل أيضاً نصراً للدبلوماسية المغربية بفضل الرؤية الحكيمة والمتبصرة للملك محمد السادس».
وحسب بودن في التصريح نفسه، فإن «هذه الدبلوماسية أكدت مهارتها في إدارة العلاقات مع القوى الدولية والإقليمية وحرصها على تحقيق أهدافها بالتوازن المطلوب بين القناعات الجوهرية والمصالح الاستراتيجية في ظل بيئة دولية متشابكة».
وأكد أن ثمة إعادة ضبط للعلاقات بين البلدين على أسس ومحددات صريحة كما حددها العاهل المغربي في خطاب 20 آب/ أغسطس 2021 والتي تتجلى في الثقة والشفافية والاحترام المتبادل والوفاء بالالتزامات.
ووصف بودن الموقف الإسباني الجديد بـ«خيار واقعي ينسجم مع حقائق الأمور، كما جاء منسجماً مع قرارات مجلس الأمن وأسسها المعيارية خاصة القرار 2602».
كما اعتبر المتحدث أن الموقف الإسباني بخصوص مبادرة الحكم الذاتي يأتي كذلك في ظل الدينامية الدولية التي تؤكد مصداقية ووجاهة المبادرة المغربية وفي ظل الاتجاه الدولي المتزايد لدعم سيادة المغرب على صحرائه بالطرق الدبلوماسية والعملية والاقتصادية.
وواصل المحلل السياسي قراءته للموقف الاسباني، الذي يمثل التزاماً جديداً لإسبانيا مع المغرب كشريك استراتيجي أساسي في شمال إفريقيا، كما يعكس «تعبيرها بوضوح عن قناعاتها بخصوص قيمة مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية سنة 2007 كحل منطقي ومرجعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية».
وأبرز بودن أن «ثمة وعياً إسبانياً صريحاً لمكانة المملكة المغربية في الفضاء الإقليمي وما تمثله قضية الصحراء المغربية بالنسبة للمغاربة ومدى الترابط الوثيق بين مصالح البلدين جيو – استراتيجياً واقتصادياً وأمنياً».
في الاتجاه نفسه، كتب إدريس الكريني تدوينة أكد فيها أن الأزمات كثيراً ما تمثل «محطة للاستفادة من الأخطاء وإعادة ترتيب الأوراق والعلاقات».
وأضاف أن «الموقف الإسباني القاضي باعتبار مبادرة المغرب للحكم الذاتي الأساس (الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف) المتعلق بقضية الصحراء المغربية، هو رد واضح على التوجهات التي كانت تريد إقحام العلاقات بين البلدين في متاهات من الصراع والأزمات».
وختم الخبير السياسي تدوينته بالتأكيد على الموقف الإسباني الجديد: «هو منطلق يدعم تعزيز وتمتين العلاقات بين الجارين في إطار التوازن والاحترام المتبادل».
على الصعيد الحزبي المغربي، كان «التجمع الوطني للأحرار» سباقاً إلى إصدار بيان في الموضوع، حيا فيه «عالياً المواقف الإيجابية الواردة في رسالة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز».
كما ثمن حزب رئيس الحكومة «المواقف الإيجابية المعبر عنها في الرسالة الموجهة» إلى الملك محمد السادس، من طرف رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز.
ودعا الحزب نفسه إلى «تعزيز العلاقات الثنائية والرقي بها إلى مستوى أعلى وفق المحددات والأسس التي أشار إليها الملك في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب».

المصدر: القدس العربي

Exit mobile version