المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

معهد روسي: واشنطن تقود حرباً ضدّ أوروبا في حرب أوكرانيا

اعتبر عالم الاقتصاد الروسي فالنتين كاتاسونوف أن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة في أوكرانيا هي في الحقيقة حرب ضد ألمانيا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام، بهدف التخلص من منافس في العالم القديم وأخذ مكانه.

وكتب كاتاسونوف، في تحليل لـ “المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات”، أنه من المعروف أن أي عقوبات اقتصادية يصاحبها تأثير معاكس، أي عواقب سلبية على الدولة التي بدأت العقوبات. وفي الحالة الأوكرانية، يعتبر تأثير الارتداد أقوى بكثير بالنسبة لأوروبا منه بالنسبة للولايات المتحدة. كما أن التداعيات السلبية داخل الاتحاد الأوروبي كبيرة أيضاً.
ألمانيا الأكثر تضرراً
وشرح أن العقوبات التي فُرضت على روسيا عام 2014 جراء ضمها شبه جزيرة القرم، كشفت عن اختلاف تداعيات ذلك من دولة إلى أخرى. وبينما تكبّدت دول الاتحاد الأوروبي 76.7 % من حجم هذه الخسائر، لم تتجاوز نسبة خسارة الدول الغربية (الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والسويد وسويسرا) 23.3% من القيمة الإجمالية للخسائر.
وفي هذا الإطار، بلغ حجم الخسائر التي سجّلتها ألمانيا 2.566 مليون يورو، بينما بلغت خسائر إيطاليا 668 مليون يورو، وفرنسا 612 مليون يورو، وهولندا 591 مليون يورو، وبولندا 521 مليون يورو، وهو ما يعني أن ألمانيا- وهي الاقتصاد الوطني الأكبر في الاتحاد الأوروبي- هي الدولة الأكثر تضررًا من العقوبات.

تكرار سيناريو عقوبات 2014
ويبدو أن سيناريو العام 2014، يتكرّر مع حرب العقوبات على روسيا بعد هجومها على أوكرانيا.
وقدّر تقرير مشترك بين معهد كايل للاقتصاد العالمي والمعهد النمساوي للبحوث الاقتصادية أن تناهز الخسائر الاقتصادية للدول التي بادرت بفرض العقوبات 0.17% من إجمالي الناتج المحلي، بينما يتوقّع الخبراء أن تبلغ خسائر ألمانيا 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، وأستراليا 0.3%، بينما قد لا تتعدى نسبة الخسائر هذه في الولايات المتحدة حدود 0.04%.
وتحدّث الموقع عن اختلاف درجة اعتماد دول الاتحاد الأوروبي على النفط، والغاز، والأسمدة والحبوب، والمعادن وغيرها من السلع المستوردة من روسيا؛ ما ساهم في خلق تناقضات سياسية في ما يتعلق بتقييم قادة هذه الدول لمدى أهمية فرض العقوبات ضد روسيا.
وأكد أن الولايات المتحدة هي التي بادرت إلى شنّ العقوبات على روسيا، باعتبار أنها لن تتأثر من ذلك في ظل انخفاض مستوى التعاون التجاري الذي يربطها بروسيا. ففي العام الماضي، استحوذت الولايات المتحدة على 4.4% فقط من حجم التجارة الخارجية لروسيا، بينما استحوذ الاتحاد الأوروبي على 35.9%. وعليه؛ فإن قطع العلاقات التجارية بين روسيا والاتحاد الأوروبي يوجه ضربة لكلا الطرفين.

انقسام الاتحاد الأوروبي إزاء الإملاءات الأمريكية
وفي هذا الإطار، لخّص كاتاسونوف حرب العقوبات ضد روسيا على النحو التالي: واشنطن تخطط للحرب، وتفرض عقوبات “جهنميّة” على موسكو، ويُعهد بتنفيذ العقوبات المبتكرة إلى بروكسل، التي تنقل الأوامر الأمريكية إلى 27 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي.
ولكن كلما زادت ضغوط واشنطن على بروكسل، زادت الانقسامات داخل هيكل الاتحاد الأوروبي. وبناء عليه، يتوقّع بعض الخبراء أن فرص إنقاذ الاتحاد الأوروبي استنفدت، وقد تؤدي انتهازية بروكسل وبرلين وباريس إلى انهيار الاتحاد الأوروبي. وتدرك كل من برلين وباريس أنه سيكون عليهما دفع ثمن الضرر الناجم عن تأثير ارتداد حرب العقوبات.
وكشف الموقف الذي اتخذته ألمانيا بشأن العقوبات، عن وجود خلافات داخل دول الاتحاد الأوروبي. ففي حين لا يدخر فريق المستشار الألماني أولاف شولتز، جهداً في تنفيذ مقترحات العقوبات التي تمليها واشنطن، يحتجّ ملايين الألمان ضد قرار فرض عقوبات ضد روسيا.
في 10 مارس (آذار)، أعربت جمعية الشركات الصغيرة والمتوسطة في ألمانيا عن مخاوفها من أن يؤدي بدء ارتفاع أسعار الطاقة إلى حالات إفلاس جماعية للشركات.

اضعاف الصناعة الأوروبية
ويعتقد بعض الخبراء أن العقوبات الأمريكية لا تستهدف روسيا فقط، واستناداً إلى حجم الخسائر التي تتكبدها أوروبا يمكن القول إن أوروبا ليست حليفاً لواشنطن بقدر ما هي جهة مستهدفة من طرفها.
ونقل عالم الاقتصاد عن الخبير الإسرائيلي والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية “ناتيف” ياكوف كيدمي، قوله إن “فرض العقوبات على روسيا الطريقة المثالية لإضعاف الصناعة الأوروبية، وهو ما تسعى إليه الولايات المتحدة لأن تحقيق ذلك يخدم مصالح مؤسساتها الصناعية. ومن خلال اتباع مثل هذه السياسة تضاعف الولايات المتحدة مكاسبها عن طريق بيع موارد الطاقة إلى أوروبا بأسعار باهظة، مما يجعل من الصناعة الأوروبية غير مربحة، وتقوم بتطوير صناعتها بالتوازي مع ذلك”.

قتل عصفورين بحجر واحد
وفي هذا الإطار، اعتبر كاتاسونوف أن النظرة الجديدة لحرب العقوبات أصبحت على النحو التالي: “بعدما شنّت الولايات المتحدة حرب العقوبات، تريد قتل عصفورين بحجر واحد. ليس فقط روسيا، ولكن أوروبا أيضاً. علاوة على ذلك، لدى واشنطن فرص أكبر بكثير لقتل الأرنب الثاني”.
وتعقيباً على ذلك، يقول عالم الاقتصاد الأمريكي مايكل هدسون: “الأطراف التي خطّطت لشنّ حرب عقوبات في واشنطن ملمة بجميع الأمور، وتدرك أن العقوبات ليست الضربة الكفيلة بتدمير موسكو. في المقابل، يمكنها المساعدة في التخلص من منافس في العالم القديم وأخذ مكانه”.
وأضاف هدسون: “هذه حرب لكبح جماح حلفائنا حتى لا يتمكنوا من إجراء مبادلات تجارية مع روسيا وشراء النفط الروسي. في المقابل، يتعيّن عليهم الاعتماد على النفط الأمريكي، الذي يتوجّب عليهم دفع أربعة أضعاف ثمنه للحصول عليه”.
واعتبر أن “ألمانيا هي المنافس الرئيسي لأمريكا، وسيؤدي تدميرها حتمًا إلى تدمير بقية أوروبا”، مضيفًا أن “الحرب الأمريكية في أوكرانيا هي في الواقع حرب بالوكالة ضد ألمانيا وأوروبا، وهو ما تكشف عنه ممارسات الولايات المتحدة”.

المصدر: موقع 24 الاماراتي

Exit mobile version