المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الطلب الأخير

“أحضر لي دشداشة بيضاء مثل دشداشتك السوداء”…كان هذا الطلب الأخير للشاب أحمد عويدات (20 عامًا) من والده إبراهيم المتواجد في مكة المكرمة لأداء العمرة، خلال محادثة بينهما ليلة أمس الاثنين بعد الإفطار.

وخرج أحمد من منزل عائلته في مخيم عين السلطان غرب مدينة أريحا، في زيارة لأحد أصدقائه في مخيم عقبة جبر جنوب المدينة، لقضاء بعض الوقت في ليلة الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، إلا أن الاحتلال الذي يتربص بحياة الفلسطينيين وأحلامهم، أصاب أحمد برصاصه الحي في الرأس، خلال اقتحامه للمخيم.

وبحلول فجر الخامس والعشرين من رمضان، استيقظت مدينة أريحا على خبر استشهاد أحمد، متأثرًا بإصابته الحرجة.

وفور تلقيه نبأ استشهاد ابنه البكر، نشر إبراهيم عويدات صورة عن المحادثة الأخيرة بينهما على صفحته في “فيسبوك” وكتب: “الله يرحم روحك يا غالي.. مع الشهداء والصديقيين وحسن اولئك رفيقا طلبت دشداشة بيضاء ونلت ثوب الجنة”.

وعند وصوله استراحة أريحا قادمًا من المملكة العربية السعودية لوداع نجله، قال الوالد المكلوم لـ”وفا”: “وقع علينا الخبر كالصاعقة، وانا في السعودية بعد صلاة التراويح وصلتني رسالة من ابني يطلب فيها دشداشة بيضاء كهدية، وبعد أقل من 6 ساعات تلقيت نبأ استشهاده..هذا أقل شيء يمكن تقديمه فداء للوطن”.

ويتابع بحرقة وألم يعتصر قلبه، “ربما كان هذا طلبه الأخير ليزف في كفن أبيض في ثوب الحجاز عريسا محمولا على الأكتاف في شوارع مدينة أريحا”.

وأصيب خلال الاقتحام شابين آخرين بالرصاص الحي، فيما أعلنت حركة “فتح” إقليم أريحا والأغوار الحداد العام والشامل في المحافظة.

وقال عم الشهيد فيصل عويدات لـ”وفا”، إن أحمد أصيب برصاصتين بمنطقة الرأس خلال إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار بشكل عشوائي، مشيرًا إلى أن الشهيد كان طالبا في جامعة القدس، وهو الإبن الأكبر بين 6 أشقاء، ويعمل بشركة خاصة في أريحا، حيث يوفّق بين عمله وتعليمه متل بقية الشبان الفلسطينيين المحبين للحياة.

من جانبه، أشار رئيس دائرة ذوي الشهداء والجرحى في الوطن والشتات ناصر شلون لـ “وفا”، إلى أن الشهيد أحمد عويدات أول شهيد يرتقي في محافظة أريحا والأغوار منذ بداية العام الجاري.

وأضاف أن الاحتلال يستهدف المدنيين والعزّل، والمخيمات الفلسطينية بشكل خاص، ما يتطلب التصدي للاحتلال في مختلف الميادين والساحات النضالية وعلى جميع المستويات.

وشيعت جماهير غفيرة من أبناء شعبنا في محافظة أريحا والأغوار، جثمان الشهيد أحمد إلى مثواه الأخير محمولا على الأكتاف، وانطلق موكب التشييع من أمام مستشفى أريحا الحكومي وصولا إلى منزل الشهيد في مخيم عين السلطان، حيث ألقت عائلته نظرة الوداع عليه، ومن ثم أدى المشيّعون صلاة الجنازة على الجثمان في مسجد أريحا القديم، قبل مواراته الثرى في مقبرة أريحا الجديدة.

وباستشهاد الشاب عويدات، يرتفع عدد الشهداء الذين ارتقوا منذ مطلع شهر نيسان الجاري إلى 21 شهيدًا، بينهم شهيدتان وطفل (13 عامًا)، خلال اقتحامات قوات الاحتلال المتكررة للمدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية.

وفا- نديم علاوي

Exit mobile version