المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

لسنا باروداً لحروبكم الدينية

بقلم: موفق مطر

الخطاب والتصريح العقلاني الذي يتسم صاحبه بالحكمة والانسجام مع منهج ومبادئ السياسة المعتمدة، والعمل بصدق وإخلاص لإعلاء مصالح الشعب فوق كل اعتبار، لتحقيق أهداف وطنية، على درب انتزاع الحقوق التاريخية والطبيعية للشعب الفلسطيني، لا مجال لمقارنته مع خطاب أحمق يتخذ الكذب منهجا، والنفاق سبيلا لخداع الجمهور، لا يكل ولا يمل عن تحويل قضية ومصالح الشعب العليا إلى حشوة كالبارود، يشعلها ويحرقها لدفع مصالح جماعته إلى الفضاء بلا هدف، غايته الأولى والأخيرة إبهار البسطاء بلهيب لسانه المطلق للكلام بلا تفكير ولا حساب للتبعات، وبدخان قذائف مبرمجة على السياحة في الفراغ !.

يعلم محترفو تدليس الحقائق أن المناضل الفلسطيني من أجل الحرية تحكمه القيم والمبادئ والقوانين الإنسانية في كل مسارات كفاحه بما فيها المواجهة الميدانية مع الغزاة والمحتلين العنصريين، وأن الثبات عليها رغم إرهابهم وجرائمهم هو انتصار للشخصية الوطنية الفلسطينية، وانحياز لصورة المناضل الفلسطيني المقاتل من أجل الحرية، فالشعب الفلسطيني يخوض نضالا مشروعا ومكفولا في الشرائع والمواثيق والقوانين الدولية، وأهداف حركة تحرره الوطنية في الحرية والاستقلال وقيام دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وتطبيق حق العودة وحرية الأسرى معلومة لدى كل شعوب وحكومات ودول العالم، وأننا كشعب وحركة تحرر لا نفكر إطلاقا بحرب دينية ولا نريدها، لأنها رسمت أصلا في مخيلة قادة المنظمة الصهيونية، فهم أصل الإرهاب والعنصرية، وهم بكل بساطة يريدون هذه الحرب لتثبيت عملية تحويل اليهودية إلى عرق، ولتبرير احتلال فلسطين بملايين من يهود العالم لا تربطهم صلة عرقية أو قومية، استخدمتهم دول استعمارية وما زالت تستخدمهم لتحقيق أهدافها في السيطرة الكاملة على أقطار شرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط.

يدرك المفكرون بعقلية وطنية حيثيات التاريخ بتفاصيلها الدقيقة، فتراهم أحرص على مستقبل فلسطين، التي انهزم على أرضها كل الذين غزوها تحت رايات دينية، ونعتقد أن الحملة الصهيونية ستلحق بحملات الفرنجة، ففلسطين لا تدوم فيها إلا راية الوطنية الفلسطينية الحضارية الإنسانية، لذلك نقول إن البون شاسع بين من يحذر من العالم من مسعى منظومة العنصرية والإرهاب (إسرائيل) لإشعال حرب دينية عبر اضطهاد المؤمنين المسلمين والمسيحيين في أماكن عبادتهم، ومخالفة القوانين الدولية عبر منعهم من الوصول إليها، والسعي لتهويدها والاستيلاء عليها بالقوة، وتغيير معالمها التاريخية، وبين من ينجرف صاغرا في مخطط المنظومة الصهيونية، فيهدد – والزبد يملأ فاه – بالانخراط في ( حرب دينية ) شاملة، فيكون كفراشة الليل ظنت النار نورا فأحرقتها ألسنتها !!.

الأماكن المقدسة في فلسطين هي إرث تاريخي وحضاري فلسطيني أولا وأخيرا، والدفاع عنها واجب وطني، فالفلسطيني الوطني يهب لحماية المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والحرم الإبراهيمي وكنيسة المهد – كأمثلة وليس على سبيل الحصر- مدفوعا بطاقة الانتماء للوطن، وفخره بهويته وثقافته الوطنية الإنسانية، ومن أكبر المصائب التي قد تحل بشعب ما وتكون سببا بشرذمته ونهايته وتسهيل عملية اقتلاعه من جذوره، أن يلجأ البعض لاحتكار الإرث التاريخي الحضاري الثقافي، أو فرزه وفق رغبة فئوية عصبوية، ظواهرها دينية، لكن بواطنها سلطوية مرتبطة بقوى تتهيأ الفرصة للانقضاض، فتأخذ دور المحتل الذي سبقها بكل تفاصيل جبروته وجرائمه واستبداده وظلمه وعنصريته !.

Exit mobile version