المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

المعتقلون الإداريون يتصدرون مواجهة سلطات الاحتلال وإدارات السجون ‏

بقلم: المحامي علي أبو هلال

يتصدر المعتقلون الاداريون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، منذ أكثر من أربعة أشهر معركة المواجهة مع ‏سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وإدارات سجون الاحتلال لانتزاع حقوقهم القانونية في الحرية والكرامة الإنسانية ‏التي تكفلها لهم كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية والقانون الدولي الإنساني، وكان نحو 500 معتقل إداري ‏قد أعلنوا مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال الإسرائيلي منذ مطلع شهر كانون الثاني الماضي موقفاً جماعياً يتمثل ‏بإعلان المقاطعة الشاملة والنهائية لكل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري (مراجعة قضائية، ‏استئناف، عليا). تحت شعار “قرارنا حرية”، في إطار مواجهتهم لسياسة الاعتقال الإداري غير القانوني. ‏

ووجه المعتقلون إداريا في حينه بيانا للرأي العام، جاء فيه: “اتخذنا موقفا وطنيا وجماعيا يتمثل بإعلان ‏المقاطعة الشاملة والنهائية وغير المسبوقة لكل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري من مراجعة ‏قضائية أو استئناف أو التوجه للمحكمة العليا‎”.‎‏ وأضاف المعتقلون الاداريون: “لن نكون جزءا من هذه ‏المسرحية التمثيلية والمستفيد منها هو الاحتلال وأجهزته الأمنية وخصوصا جهاز المخابرات (الشاباك) ‏المُقرر الفعلي لإبقاء المعتقلين رهن هذا الاعتقال‎”.‎‏ والاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، ‏ودون السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون ‏الدولي الإنساني، لتكون إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة. ‏

وتتذرع سلطات الاحتلال وإدارات السجون بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها ‏مطلقا، فلا يعرف المعتقل مدة محكوميته ولا التهمة الموجهة إليه. وغالبا ما يتعرض المعتقل الإداري لتجديد ‏مدة الاعتقال أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ‏ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات كما في حالة المناضل علي الجمّال. يذكر أن عدد الأسرى في ‏سجون الاحتلال بلغ أكثر من 4500 أسير، بينهم 31 أسيرة، وقرابة 180 طفلا.‏

وكانت الحركة الأسيرة في معتقلات الاحتلال قد أعلنت دعمها وتأييدها الكامل لقرار المعتقلين الإداريين ‏بالمقاطعة الشاملة للمحاكم العسكرية، موضحة أن هيئاتها التنظيمية ستقوم بمتابعة القرار، ودعت جميع ‏المعتقلين الإداريين في مختلف المعتقلات إلى الالتزام الكامل بهذه الخطوة، والتحلي بالصبر والنفس ‏الطويل، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة بإلغاء سياسة الاعتقال الإداري‎.‎

‏ لم تقتصر مواجهة المعتقلين الاداريين ضد الاعتقال الإداري على مقاطعة المحاكم الإسرائيلية، من أجل ‏إلغاء الاعتقال الإداري، بل واصل بعضهم أشكال أخرى من المواجهة ومن ضمنها الإضراب عن الطعام، ‏حيث يواصل المعتقل خليل عواودة (40 عاما) من بلدة إذنا غرب الخليل، إضرابه عن الطعام منذ 70 يوما ‏على التوالي، والمعتقل رائد ريان (27 عاما) من قرية بيت دقو شمال مدينة القدس منذ 34 يوما، رفضا ‏لاستمرار اعتقالهما الإداري في سجون الاحتلال. ‏

وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تصريح سابق، إن سلطات الاحتلال، نقلت الأسير عواودة من ‏عيادة سجن الرملة إلى إحدى المستشفيات، بعد تدهور صحي خطير طرأ عليه، ويعاني الأسير عواودة من ‏آلام في الرأس والمفاصل، وصداع وهزال وإنهاك شديد، وعدم انتظام في نبضات القلب، وتقيؤ بشكل مستمر ‏وانخفاض حاد في الوزن، حيث فقد من وزنه أكثر من 16 كغم، فيما ترفض سلطات الاحتلال الاستجابة ‏لطلبه بإنهاء اعتقاله الإداري، أو التعاطي معه، في ظل تراجع وضعه الصحي بشكل ملحوظ‎.‎

يذكر أن المعتقل عواودة أب لأربع طفلات، وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلته بتاريخ 27/12/2021، ‏وحولته للاعتقال الإداري بدون أن توجه له أي اتهام، كما اعتقل سابقا في معتقلات الاحتلال عدة مرات‎.‎

وفي السياق، فإن الأسير ريان والمحتجز حاليا في سجن “عوفر”، اعتقل بتاريخ 3/11/2021 بعد مداهمة ‏قوات الاحتلال لمنزله واستجواب ساكنيه، حيث تم تحويله للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر، إلا أنه وبعد قرب ‏انتهاء مدة الاعتقال تم تجديده إداريا لمدة 4 أشهر إضافية، ليعلن بعدها إضرابه المفتوح عن الطعام‎.‎

فيما شرع الأسير عبد الله العارضة من جنين، منذ نحو 4 أسابيع، بالإضراب عن الطعام رفضًا لتمديد أمر ‏عزله الانفرادي، الذي فُرض عليه منذ شهر أيلول/ سبتمبر العام الماضي‎.‎

إن تعزيز الاسناد الشعبي الجماهيري والوطني الفلسطيني، وتوسيع التضامن في كل المحافل الدولية ‏والعربية، يشكل مهمة عاجلة لإلغاء الاعتقال الإداري وتحرر المعتقلين الاداريين من سجون الاحتلال.‏

المعتقلون الاداريون يخوضون مواجهة جماعية وفردية شاملة، من أجل إلغاء الاعتقال الإداري والتحرر من ‏سجون وقيود الاحتلال منذ عدة أشهر، كما يبرزون في هذه المواجهة وخاصة المتعلقة منها بمقاطعة المحاكم ‏الإسرائيلية، أنهم لا يعترفون بشرعية ونزاهة القضاء الإسرائيلي، بل يؤكدون أن هذا القضاء منحاز للاحتلال ‏وجزء من نظامه القمعي وأدواته التي تمارس اضطهاد الشعب الفلسطيني بكل فئاته، بل يكشفون للرأي العام ‏العالمي والمؤسسات الحقوقية والقانونية والقضائية، مدى تبعية المحاكم الإسرائيلية والقضاء الإسرائيلي ‏لمنظومة الاحتلال غير الشرعية وغير القانونية.‏

‏*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.‏

Exit mobile version