المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

استغلال عنصري قبيح

بقلم: تحسين الاسطل

لم يكد رئيس دولة فلسطين الرئيس محمود عباس ينهي مؤتمره مع المستشار الألماني “أولاف شولتس” حتى انبرى الاعلام الصهيوني في دولة الاحتلال وقادة اليمين الإسرائيلي المتطرف لشن هجوم اعلامي عنيف عليه وعلى القيادة الفلسطينية، في محاولة يائسة لحرف الأنظار عن الحقيقة التي فجرها الرئيس في العاصمة الألمانية “برلين”، التي وضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته اتجاه ما يرتكب من جرائم بحق الشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال.

وانصب الاعلام الصهيوني والساسة الإسرائيليون في هجومهم بالزعم ان الرئيس أبا مازن أنكر المحرقة النازية ابان الحرب العالمية الثانية، على الرغم من ان الرئيس لم يتطرق اليها، وانما اكدها من خلال المقارنة بينها وبين ما يقارب 50 محرقة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وما زال المجتمع الدولي عاجزا امام اتخاذ أي موقف حقيقي لحماية الشعب الفلسطيني.

واستطيع القول ان الرئيس استطاع أن يخاطب الحس الإنساني عند الالمان والعالم، الذي ما زال يتألم للمحرقة النازية، وعليه ان يشعر بذات الألم للمحرقة المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، الامر الذي التقطته المكينة الإعلامية والسياسية الإسرائيلية، التي تعتبر المانيا الساحة الأكثر عرضة للابتزاز الصهيوني حتى اللحظة بسبب الجرائم النازية، وكثير من المواقف الألمانية المتقدمة لصالح القضية الفلسطينية تم احباطها بفعل الضغط اللوبي الصهيوني، واستمرار اللعب على وتر المحرقة النازية وانكارها، كلما تحدث أحد عن حقوق الشعب الفلسطيني لتبقى الكرباج الذي تهدد به الصهيونية أي متضامن مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

الرئيس محمود عباس اليوم في مواجهة الدعاية الصهيونية، وفي مواجهة المحرقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وفي مواجهة المحرقة النازية التي يريد قادة الاحتلال الإسرائيلي استغلالها من اجل نكران الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وكأن الفلسطينيين هم من ارتكب المحرقة النازية، فالرئيس اليوم يلتف حوله الشعب الفلسطيني، واحرار العالم، والذي ظهر في ابهى صوره في الاستقبال الجماهيري الحاشد، في مدينة رام الله عند عودته في اختتام زيارته لألمانيا، الذي يعتبر احد الأسباب الأساسية من الهجمة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ومؤسسته الإعلامية، بعدما انكشف امام كل أبناء شعبنا مدى المؤامرة التي تحاك بحق شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة في تقرير مصيره.

والرئيس محمود عباس تحدث بكل صراحة ومصداقية، وحمل الجميع مسؤولياته اتجاه الجرائم الاسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني الاعزل، التي تحتاج الى تدخل من المجتمع الدولي وفتح تحقيق من الامم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية، في ظل استمرار افلات قادة الاحتلال من الملاحقة القانونية، واراد سيادته من العالم اجمع الذي يشعر بالألم من المحرقة النازية حتى الان، ان يشعر بذات الالم تجاه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، ويتدخل بجدية من اجل وقفها وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، وقادة الاحتلال كانوا الأسرع في التقاط الرسالة من الرئيس عباس في قلب العاصمة الألمانية، فبدأت الهجمة وكأن الرئيس انكر المحرقة النازية، وهو عارٍ عن الصحة تماما، وانما تندرج في اطار الهجوم المضاد المبني على الكذب والافتراء، حتى لا ينشغل العالم وخاصة الشعب الألماني، بالمحرقة الحالية التي يرتكبها الاحتلال بحق الإنسانية وبحق الشعب الفلسطيني، فكان هذا التحرك السريع من قبل اللوبي الصهيوني، الذي بات مفضوحا امام الكثير من الخبراء، فالعالم الصهيوني يريد ان ينشغل الناس وخاصة أوروبا في انكار السيد الرئيس للمحرقة النازية، وليس بحديثه عن 50 محرقة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي.

وكمتابع اعلامي لم استغرب تحرك المكينة الإعلامية وقادة الاحتلال بهذا الاتجاه، بل ما استغربه بعض الأصوات الأوروبية والدولية، التي انجرت خلف الدعاية الصهيونية، وتعاملت معها كحقيقة، وانبرت تعرب عن اسفها لتصريحات الرئيس في انكار المحرقة التي لم يصرح بها، وبدلا من الانتباه الى ما كشفه الرئيس من جرائم ارتكبها ويرتكبها الاحتلال منذ 70 عاما، ذهب في اتجاه الانحياز الى رواية الاحتلال، وانكار جرائمه المرتكبة امام شاشات التلفزة وعلى الهواء مباشرة.

هؤلاء المصدمون ما زالوا يتنكرون لحقوق شعبنا الخاضع للاحتلال، بدليل انهم لم يحركوا ساكنا من اجل انصاف الشعب الفلسطيني، وتمكينه من تقرير مصيره، خاصة ان الاحتلال ما زال يتنكر لكل الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني، ويمارس الاستيطان والتهويد في كل اراضي دولة فلسطين، وكل يوم ينفذ جرائم واقتحامات للمدن الفلسطينية، وخلال عدوانه الاخير على غزة استشهد 17 طفلا نتيجة قصف طائرات الاحتلال للمدن الفلسطينية بغزة خلال ثلاثة أيام.

وفي ظل الهجمة الصهيونية على القيادة الفلسطينية، والرئيس محمود عباس بات بالضرورة الالتفاف حوله من كل فئات شعبنا، ومساندة جهوده الكبيرة التي يبذلها لتوفير الحماية الدولية لشعبنا من جرائم الاحتلال، التي باتت السبب الرئيسي وراء كل اشكال الضغط -المالي والميداني- التي يمارسها الاحتلال بحق القيادة الفلسطينية، من اجل التراجع عن هذا الهدف، والتوقف عن ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين امام المحاكم الدولية، كما يسعى لتحقيق الاهداف المشروعة لشعبنا الفلسطيني واعتراف الامم المتحدة بعضوية دائمة لدولة فلسطين في الامم المتحدة، وتجسيد مؤسسات الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وهذا يتطلب من كل قوى شعبنا التحرك الفوري شعبيا ومن كل منظمات المجتمع المدني، من اجل انهاء الانقسام، ورص الصفوف لمواجهة الرواية الإسرائيلية التي تحاول النيل من روايتنا وحقوقنا المشروعة، والذي أصبح استمراره يشكل خدمة مجانية للاحتلال لاستمرار تنكره لحقوقنا المشروعة، وحقنا في إقامة دولتنا المستقلة.

Exit mobile version