المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تصارع روسيا والصين في الوقت نفسه

تتحدث صحيفة نيويورك تايمز عن صراع تخوضه الولايات المتحدة في ذات الوقت مع كل من روسيا والصين وهو أمر في غاية الدقة.

ويقول كاتب المقال توماس ل. فريدمان إن “الصراع مع روسيا غير مباشر ولكنه واضح ومتصاعد وعنيف، فنحن نقوم بتسليح الأوكرانيين بصواريخ ذكية ونمدهم بالمعلومات الاستخباراتية لإجبار الروس على الانسحاب من أوكرانيا، حيث لعب دعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي دورًا كبيرًا في نجاحات أوكرانيا في ساحة المعركة مع عدم التقليل من شجاعة الأوكرانيين. لكن كيف تنتهي هذه الحرب؟ لا أحد يستطيع إخبارك بذلك”.

ثم يذهب الكاتب إلى التركيز على الصراع مع الصين، فيرى أنه أقل وضوحًا ولا يوجد فيه إطلاق نار ولا علاقة له بتايوان، بل هو صراع تستخدم فيه ترانزستورات معقدة ذكية عالية الدقة سيكون لها تأثير كبير إن لم يكن الأكبر على توازن القوى العالمي وبشكل مشابه لنتيجة القتال بين روسيا وأوكرانيا.

ويوضح فريدمان أن هذا الصراع هو صراع على أشباه الموصلات وهي التكنولوجيا الأساسية لعصر المعلومات، فالتحالف القادر على تصميم وتصنيع أذكى الرقائق في العالم، سيكون لديه أذكى أسلحة دقيقة وأذكى المصانع وأذكى أدوات الحوسبة لكسر أي شكل من أشكال التشفير تقريبا.

وتوضح الصحيفة أن الريادة الآن هي للولايات المتحدة الأمريكية وشركائها، وهم مصممون على منع الصين من اللحاق بالركب، وهنا بداية اللعبة.

في الأسبوع الماضي أصدرت إدارة جو بايدن مجموعة جديدة من لوائح التصدير التي قالت في الواقع للصين: “نعتقد أنك خلفنا بثلاثة أجيال تكنولوجية في مجالات المنطق والذاكرة والمعدات، وسوف نضمن عدم اللحاق بالركب أبدًا“. أو كما قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان بطريقة أكثر دبلوماسية إنه “بالنظر إلى الطبيعة التأسيسية لتقنيات معينة، مثل المنطق المتقدم ورقائق الذاكرة، يجب أن نحافظ على أكبر قدر ممكن من الريادة إلى الأبد”.

هذه الرسالة الأمريكية تلقتها الصين بكافة معانيها حيث يقول بول تريولو وهو خبير صيني تقني لصحيفة فاينانشيال تايمز: “لقد أعلنت الولايات المتحدة الحرب بشكل أساسي على قدرة الصين في تعزيز استخدام البلاد للحوسبة عالية الأداء لتحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية”.

وأيضا قالت السفارة الصينية في واشنطن إن الولايات المتحدة تتجه نحو “الهيمنة العلمية والتكنولوجية”.

لكن أين تنتهي هذه الحرب؟ لا أحد يستطيع إخبارك بذلك أيضا.

ولمزيد من الإيضاح يعتبر الكاتب أن اللوائح التي أصدرتها وزارة التجارة الأمريكية يوم الجمعة تشكل حاجزًا جديدًا هائلاً عندما يتعلق الأمر بضوابط التصدير التي ستمنع الصين أن تشتري من الغرب أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا أو المعدات اللازمة لتصنيعها.

كما تمنع أي مهندس أو عالم أمريكي من مساعدة الصين في تصنيع الرقائق دون موافقة محددة، حتى لو كان هذا الأمريكي يعمل على معدات في الصين لا تخضع لضوابط التصدير.

وتشدد الإجراءات على اعتماد التتبع -بعد البيع- لضمان عدم وصول الرقائق المصممة من قِبل الولايات المتحدة والمُباعة لشركات مدنية في الصين إلى أيدي الجيش الصيني.

وتضيف الصحيفة أن أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا يتم تصنيعها من خلال تحالف معقد من الشركات تقوده الولايات المتحدة ويمتد من أمريكا إلى أوروبا إلى آسيا ويتفوق في تصميم الرقائق التي تحتوي على مليارات الترانزستورات المعبأة معًا بدقة متناهية في شرائح صغيرة لإنتاج قوة المعالجة المطلوبة لمواصلة تطوير الذكاء الاصطناعي، وتقليل احتمال أن تتفوق أي شركة أو دولة واحدة في إنجاز جميع أجزاء عملية التصميم والتصنيع وهنا تكمن الحاجة إلى التحالف بأكمله لإنتاج تلك الرقائق الذكية لصالح الجميع.

وتضيف الصحيفة أن الصين حاولت بمفردها العمل على تكنولوجيا الرقائق بما فيها تقنية 28 نانومتر منذ عام 2017، وهي تدعي مؤخرا أنها أنتجت بعض الرقائق بمقياس 14 نانومتر وحتى 7 نانومتر عن طريق التلاعب في بعض الأجيال الأقدم، لكن الخبراء الأمريكيين يرون أن الصين لا تستطيع إنتاج هذه الرقائق بكميات كبيرة بدقة.

ورصدت إدارة بايدن مبلغ 52.7 مليار دولار لدعم المزيد من الأبحاث الأمريكية حول الجيل التالي من أشباه الموصلات ولإعادة تصنيع الرقائق المتقدمة.

وينقل فريدمان عن وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو التي تشرف على كل ضوابط التصدير الجديدة على الرقائق بأن اللوائح الجديدة للحظر لا ترقى إلى مستوى العمل الحربي.

وقالت “إن فرض ضوابط جديدة على صادرات تقنيات تصنيع الرقائق المتقدمة إلى الصين كان استراتيجيتنا الدفاعية لأن الصين لديها استراتيجية اندماج عسكري-مدني، وقد أوضحت بكين أنها تنوي أن تصبح مكتفية ذاتيًا تمامًا في التقنيات الأكثر تقدمًا للسيطرة على الأسواق التجارية المدنية وعلى ساحة القتال في القرن الحادي والعشرين، لذا لا يمكننا تجاهل نوايا الصين وما فعلناه كان خطوة منطقية لمنع الصين من الوصول إلى الخطوة التالية، فالولايات المتحدة وحلفاؤها يقومون بتصميم وتصنيع رقائق الحوسبة الفائقة الأكثر تقدمًا، ولا نريدها أن تصل إلى أيدي الصين لتستخدمها للأغراض العسكرية ولا نريد الصراع لكن علينا حماية أنفسنا بعيون مفتوحة”.

وعن الرد الصيني ينقل الكاتب ما ذكرته صحيفة غلوبال تايمز الحكومية الصينية بأن الحظر الأمريكي لن يؤدي إلا إلى “تعزيز إرادة الصين وقدرتها على الوقوف بمفردها في مجال العلوم والتكنولوجيا”.

“القدس العربي”

Exit mobile version