المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

حان الوقت للإعلان بأن نتنياهو فاقد للأهلية

غيدي فايس تصرف في هذا الاسبوع مثل الطفل في اسطورة اندرسون، عندما احتاج الى تدخل بنيامين نتنياهو الشخصي في الدفع قدما بـ “الاصلاح” القانوني الفاسد. في المقال الذي نشره في “هآرتس” في 16/1، اشار فايس الى الفيل الذي يوجد في الغرفة. لقد ذكر اسم صاحب حلم الدمار والخراب لاسرائيل كدولة ديمقراطية، وكتب بضع جمل سيكون من الصعب على قضاة المحكمة العليا التهرب منها: لقد حان الوقت لفحص أهلية نتنياهو. لقد حان الوقت لفحص اقوال المستشار القانوني السابق، افيحاي مندلبليت، بأنه يجب عدم استبعاد في ظروف معينة حجة عدم أهلية نتنياهو في الأداء. لقد حان الوقت لفحص انشغال نتنياهو بشؤونه القضائية لكونه متهما بمخالفات جنائية.
هذه الأقوال مطلوبة بالتأكيد في دولة يحلق فوقها خطر الفوضى، بالتأكيد عندما نتنياهو نفسه يقدم المزيد والمزيد من الاسباب للقيام بهذه الخطوة الدراماتيكية. لقد حان الوقت لخروج المتهم الأكبر في الدولة، أبو وأم الفساد في الحكومة، الى عدم الأهلية بإرادته. لقد حان الوقت ليقوم سعادتهم بالشرح له بأنه محظور عليه الاقتراب من قوانين “الاصلاح” وأنه محظور عليه استغلال نفوذه من أجل المس بمؤسسات واشخاص يمكنهم حسم مصيره، وأنه يجب عليه عدم اتخاذ قرارات يمكن أن تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على محاكمته. لقد حان الوقت لأن يوضحوا له بأنه يكفي ما فعله حتى الآن للدفع قدما بالقوانين الظلامية من إجل إعادته الى غرفة التحقيق في الوحدة القطرية للتحقيق في الفساد. وحقيقة أن نتنياهو يوجد في تناقض مصالح شديد تم فحصها في السابق بجدية في النيابة العامة وفي مكتب المشتشار القانوني للحكومة. حبة البطاطا الساخنة هذه توجد الآن على طاولتهم.
في هذه الظروف حان الوقت كي يوضحوا سعادتهم لنتنياهو بأنه لا يوجد فرق بين المجرم آريه درعي، الذي بادر من اجل نفسه الى تعديل قانون أساس كي يهرب من العار ولذلك تم رفضه ولا يمكنه العودة الى ساحة الجريمة في الحكومة، وبين رئيس الحكومة المتورط حتى عنقه في “الاصلاح” الذي يهدف بشكل واضح الى أن يجد لنفسه مسار للهرب من محاكمته. افعال نتنياهو في هذه الحالة هي اكثر خطورة من افعال درعي. وقد حان الوقت لأن يتوقف ويعرف بأنه قد اجتاز الخطوط الحمراء، وأن يتوقف عن الاختباء وراء “الشعب هو السيد وقد اختارني”.
كفى لهذه الهراءات. مسموح للديمقراطية الدفاع عن نفسها من الذين يسعون الى تقويضها؛ مسموح لها القول بأن القوانين الشخصية هي قوانين فاسدة؛ مسموح لها الغاء قانون ولد لصالح متهمين أو مجرمين؛ مسموح لها وضع نهاية لهذه الهستيريا.
في منتصف هذا الاسبوع انتهى حفل الأقنعة لأكاذيب نتنياهو ومن يحملون ادواته في الليكود، الذين حرصوا خلال اشهر كثيرة على عدم ربط محاكمة رئيس الحكومة بقوانين “الاصلاح”. لقد قاموا بالقاء المزيد من الرمل في عيون الجمهور وأخفوا عنه المواد المتفجرة المخيفة، وأقنعوا أشخاصا معتدلين وعقلانيين بأن الأمر ليس كذلك. وأن الديمقراطية ليست في خطر، وأنه يمكن وضع بطاقة الليكود في صناديق الاقتراع. الآن، بفضل وزير العدل ياريف لفين، الذي ربط في هذا الاسبوع علما بين محاكمة نتنياهو ومشاريع القوانين الوهمية للحكومة، فانه تم قطع سلسلة الأكاذيب لحزب السلطة. الآن تبدد الضباب كليا.
الآن يمكن القول بحزم بأن القوانين الفاسدة، التي وبحق أخرجت الى الشوارع عشرات آلاف المواطنين القلقين، قد تمت حياكتها على مقاس نتنياهو واغراضه الشخصية. الحقائق لم يعد مختلف عليها. فرئيس الحكومة هو محرك “الاصلاح” وهو المهندس وهو العقل المدبر وهو الشخص الذي يمسك بخيوط الخطة لإفساد السلطة القضائية عن طريق تسييسها. هو الذي يريد إلغاء تقليد الأقدمية في المحكمة العليا لتعيين رئيسها (تعيين حسب الأقدمية)، وهو الذي يبادر الى تقديم قوانين لتبييض فساد منتخبي الجمهور والموظفين العامين. من يتلاعب بالكلمات والقادر على فعل كل شيء والذي يدرك بأن ادانته في مخالفات جنائية، أو حتى مخالفة واحدة فقط، ستقوده الى السجن، يتصرف كمن يقول لنفسه: لأموت مع الفلسطينيين. أنا آمل أن تحترق هذه الدولة. وبعدي الطوفان.
في كل مرة يصمم فيها نتنياهو على دهورة الدولة الى هاوية الفساد المخيف الذي حدث معه، في محاولة يائسة لانقاذ نفسه من مخالفاته الجنائية، أنا أتذكر البروفيسور المتوفى موشيه نغفي، المحلل القانوني في القناة الاولى. نغفي كان شخصا مهنيا وله نظرة ثاقبة وحاد التفكير. صحفي حساس للمظالم والمس بالضعفاء والأقليات. أذن صاغية لمن يكشفون الفساد. صحفي حقيقي لم يكن مستعدا للجلوس في أي استوديو يجلس فيه سياسيون يرتدون قناع الصحفيين ويحرضون ضد آخر حراس العتبة. هو لم يكن مستعدا لأن يتحول الى ورقة التين لمن حولوا استوديوهاتهم الى مقر لانتخابات الليكود، والذين لا يخجلون من عناق المجرمين والمحتالين وغيرهم في بث حي ومباشر.
نغفي رأى ما سيأتي. فقد أشار إلى دمامل حكومية يجب تفجيرها وبسرعة. وشخص في الوقت الحقيقي فساد الحكومة كـ “خطر استراتيجي على وجود الدولة”. وفي العام 2004 نشر كتابه المهم بعنوان “نحن كنا الخوذات”. ضمن أمور أخرى كتب فيه “هكذا تتدهور الدولة والمجتمع في اسرائيل الى منحدر يقود من نظام سوي لسلطة القانون الى نظام مستبد وعنيف ومؤلم مثل جمهورية الموز… كي يفوز الاشرار يكفي أن يسكت الأخيار”.
يجب الاعتراف بأن الأخيار قد سكتوا وقاموا بضبط أنفسهم وغلق عيونهم وخافوا من مواجهة الزعران والمجانين في اليمين. لقد صمتوا واختفوا. وتذكروا شهادة عضوة الكنيست السابقة نحاما رونين، التي وصفت في حينه سلوك حزب الليكود في انتخابات مرشحيه للكنيست الـ 16. “هذا عالم سفلي”، قالت، “إذا لم تلعب حسب القواعد التي تسود هناك فلا توجد لك أي فرصة”. رونين لم تبالغ. لم يسقط أي أحد عن الكرسي عندما كشف عن شهادتها. حزب السلطة دخلت إليه في حينه عناصر اجرامية وحولت الفساد الى قاعدة. هذه كانت إحدى بطاقات الزيارة لمركز الليكود، الأمر الذي جعل الكثير من الاخيار المتماهين مع اليمين الحقيقي الليبرالي يبتعدون عن عش الدبابير هذا.
رغم ذلك، السكوت الهادر للأخيار الخائفين نجح في كسر بين حين وآخر عدد من كلاب الحراسة الشجعان في وسائل الاعلام وفي جهاز انفاذ القانون، الذين نبحوا بكل القوة وغرسوا أسنانهم. في الحقيقة، منذ قالت رونين ما قالته تم إرسال رئيس دولة إلى السجن لقضاء سبع سنوات، رئيس حكومة قضى سنتين وراء القضبان، وزير مالية أرسل إلى السجن لقضاء خمس سنوات، عشرة وزراء واعضاء كنيست تمت إدانتهم بتلقي الرشوة وكانوا نزلاء في سجن معسياهو، حاخام رئيسي ادين بتلقي رشوة، في جهاز القضاء والنيابة العامة صمدوا بكرامة في عدة امتحانات صعبة (الى جانب عدة اخفاقات واغلاق ملفات مهمة) بدون أن ينتقدها نتنياهو. بالعكس، في كل مرة حاولت فيها جهة سياسية ما أن تقف في وجهها فان نتنياهو، حسب شهادته، هب للدفاع عنها. لم يوافق على أن يتم المس باستقلاليتها. لقد فتح مظلة كبيرة فوق رؤوس القضاة.
فقط عندما قام كبار المنظومة، الذين عينهم نتنياهو نفسه في وظائفهم، بفضحه، فقط بعد أن اصبح عدد من رجاله المخلصين والفاسدين شهودا ملكيين في ملفاته، تحول اعضاء حصن الديمقراطية الى الأعداء اللدودين له. فقط عندها، عندما فهم كم هو خطير وضعه في الملعب القانوني، وجد آخر حراس العتبة انفسهم امام هجوم وامام ماكينة السم العظيمة والمخيفة. فقط عندها بدأ نتنياهو في شبك يديه علنا مع من يؤيدون الفساد الحكومي وكسر كل الأدوات. فقط عندها قرر المتهم بتلقي الرشوة بتخويف قضاة المحكمة العليا والدفع قدما بقوانين لتحطيم جهاز القضاء، ومحاولة تقويض استقلالية قضاة المحكمة العليا. فقط عندها قرر أن يحرق كل النادي دون السماح لسيارات الإطفاء بالوصول الى مكان الحريق.
ذريعة اخرى يكررونها. البروفيسورة روت غبيزون قالت بأنه لا توجد لنتنياهو أي احتمالية لتبرئته في محاكمة نزيهة، وأنه لحق بدرعي في حينه في قضية الرشوة ظلم وأن الشاهد الملكي في محاكمته كان كذابا. وحتى أن البروفيسور داييل فريدمان قال بأن الادانة تمت استنادا لشاهد كاذب. بخصوص فريدمان، هو مخطئ ومضلل بدرجة كبيرة: سبعة قضاة استعرضوا بعناية كل ادعاء دفاعي وكل وثيقة من آلاف الوثائق التي تم تسلمها كدليل وكل تسجيل. الادانة المدوية في قضية درعي في المحكمة المركزية وفي المحكمة العليا اعطيت بالاجماع. في ملفات قليلة جدا تم الكشف عن اعمال فساد وتشويش على التحقيق واجراءات محاكمة خطيرة جدا مثل التي اكتشفت في هذه القضية.

بقلم: مردخاي غيلات

هآرتس 19/1/2023

Exit mobile version