الرئيسيةمختاراتمقالاتتحرير فلسطين وجدلية المؤامرة

تحرير فلسطين وجدلية المؤامرة

كتب: سعدات بهجت عمر

صدر وعد بلفور وأخذت بريطانيا تفي بالتزاماتها لليهود لإقامة دولة لهم على أرض فلسطين العربية ككيان استعماري استيطاني في حين كانت مسألة تفكك إرث السلطنة العثمانية تتقدم ومسألة عروبة فلسطين تتراجع وكان تبلور الدول العربية المُتفككة في أمر الساعة في كل دول سوريا الطبيعية باستثناء فلسطين رغم أن قياداتها السياسية بذلت جهوداً مماثلة لجهود القيادات السياسية في دول سوريا الطبيعية سواء فيما يتعلق بمراضاة الإستعمار الإنكليزي أو بخصوص تقديم تنازلات للحركة الصهيونية ولكن هذه الجهود ذهبت أدراج الرياح وتحولت إلى عبءٍ أساسي على النضال الجماهيري والوطني الفلسطيني واسهمت في ترجيح ميزان القوى لصالح القوى الصهيونية التي شرعت في التبلور فوق أرض فلسطين العربية ككيان سلطوي بديلاً عن السلطة العربية المنشودة وبالتالي للدولة العربية المأمولة. هذه المفارقة حكمت التاريخ العربي المعاصر ليس لسوريا الطبيعة فقط وتجلت في ابتعاد القوى القومية السابقة على زمن السلطنة العثمانية عن الطابع القومي العام لتحرير بلاد سوريا الطبيعية حيث بدا أن تكوين الدول الخاصة في بلاد سوريا الطبيعية هو المهمة الأساسية والإستراتيجية وليس ردع الخطر الصهيوني وأبعاده وتحول تشكيل هذه الدول المُستقلة إلى غاية بذاته وتم تصويره للجماهير على أنه مكسبٌ قوميٌ ووطنيٌ لأن إنجازه يعني الإستقلال الوطني. بعدها تحولت مسألة استقلال فلسطين من إحدى القضايا المركزية للحركة القومية العربية قبل الحرب العالمية الأولى إلى قضية فلسطينية محلية من اختصاص القيادة السياسية الفلسطينية وصارت مسألة خارجية وهامشية بالنسبة لمعظم قادة دول سوريا الطبيعية. التاريخ يُعيد نفسه بالنسبة لمعظم قادة دول العالم العربي وهكذا خرجت فلسطين من أفق نضالهم عملياً فاَثروا كما اليوم بالنسبة لمعظم قادة دول الخليج العربي والسودان والمغرب تغطية موقفهم العملي هذا تغطية لفظية ظاهرها وطني وقومي وباطنها ترك شعبنا الفلسطيني لمصيره المحتوم الذي اختارته له الصهيونية العالمية ليكون ما حدث لفلسطين الاستثناء في حرب فلسطين كان يهدف رسمياً تسليم فلسطين للعصابات الصهيونية، والشعارات التي طُرحت آنذاك رسمياً حول تحرير فلسطين كان الهدف منها تضليل الجماهير العربية والسيطرة عليها وضبط حركتها وايهامها بأن كل شيء قد صُنع لتحرير فلسطين ولكن ليس بالإمكان أبدع مما كان. مما أدى إلى تفكك الحركة القومية العربية الآيلة للسقوط في مستنقع الدول العربية المُستقلة (القُطرية) وترك فلسطين تقاتل معركتها منفردة ضمن ميزان في غير صالح شعبنا الفلسطيني ثم التسليم بضياع فلسطين وَتركَّزَْ الجهد على حماية الدول العربية المُستقلة (القطرية)، وليس الغريب بالأمر تم التوجه لبناء الجيوش لحماية العروش والأنظمة ورأت من مصلحتها التخلي النهائي عن إنقاذ فلسطين لأنها رأت في التعامل مع الإستعمار الإنكليزي والإستعمار الفرنسي ومستقبلاً الإحتلال الصهيوني منقذها العام وبهذا التفكير لم ولن تتحرر إلا شكلياً وبقيت في الواقع تابعة وخاضعة إلى يومنا هذا.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا