المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

حل الدولتين يعني قبل كل شيء إنهاء الاحتلال

كتب: باسم برهوم

لا يستقيم أي حديث عن حل الدولتين مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان، كما لا يمكن القبول بأن يصبح الحديث عن حل الدولتين مجرد إبر تخدير ومناورة لإطالة عمر الاحتلال وتكريسه. عملية السلام العربية الإسرائيلية، التي بدأت في مؤتمر مدريد عام 1991 حددت بشكل واضح فلسفة هذه العملية وهدفها النهائي، عبر مبدأ “الأرض مقابل السلام”، أي انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلتها في حرب عام 1967، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 242، مقابل سلام شامل مع الدول العربية.

كذلك عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، التي انطلقت عام 1993، هي الأُخرى أكدت أن التسوية النهائية تستند إلى تنفيذ القرار 242 ومبدأ الأرض مقابل السلام، أي الانسحاب الإسرائيلي الكامل وإنهاء الاحتلال. وجاءت المبادرة العربية عام 2002، لتطمئن إسرائيل بأن انسحابها من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة سيقود إلى سلام مع جميع الدول العربية، المبادرة تمت المصادقة العربية عليها بالإجماع دون أي تحفظ في قمة ييروت العربية.

ومنذ عام 2002، مع صدور خارطة الطريق أصبح الهدف النهائي لأية تسوية هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، ونصت على أن حل الدولتين هو الحل الأمثل لإنهاء الصراع. أما الجذر التاريخي لحل الدولتين فيعود للعام 1947 عندما أصدرت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة القرار 181 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، وقالت الجمعية العامة في حينه إن التقسيم هو أمر مؤقت لحين نضوج الطرفين لفكرة الدولة الموحدة من جديد، أو الدولة الفيدرالية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، يكرر موقفه إن حلاً عمليًا للقضية الفلسطينية سيأتي بعد إبرام اتفاقات السلام مع الدول العربية، هذا الموقف الغامض الذي لا يوضح ما هي طبيعة الحل العملي، هدفه التطبيع مع الدول العربية، دون إنهاء الاحتلال، لأن نتنياهو يقول أيضا إن أقصى ما يمكن إعطاؤه للفلسطينيين هو حكم ذاتي موسع، لكنه أقل من دولة مستقلة لذلك تصر القيادة الفلسطينية على إنهاء الاحتلال كشرط أساس للتطبيع مع الدول العربية.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي أنهى زيارة للتو للمنطقة قال إن الولايات المتحدة، وبالتحديد الرئيس بايدن متمسك بحل الدولتين، ولكن الآن المطلوب هو خفض التصعيد، وبالرغم من التمايز بين الإداراتين: إدارة ترامب وإدارة بايدن، إلا أن من ساهم بشكل عميق في تقويض حل الدولتين هي الولايات المتحدة، عندما أعلن الرئيس ترامب عام 2017 أن القدس عاصمة لإسرائيل، وركز هو وإدارته على الحل الاقتصادي للصراع، وهو ما يعني حل نتنياهو”..!!

لذلك فإن أي حديث عن حل الدولتين لا يقترن بوقف الاستيطان، هو حديث مخاتل وهو عمليًا تمرير بطيء لمخطط الحل العملي الذي ينادي به نتنياهو. ثم لماذا التأجيل المستمر لإعادة افتتاح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية المحتلة؟ قبل مجيء حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، كانت الولايات تبرر التأجيل بأنها لا تريد فرط عقد حكومة وسط اليمين، واليوم قد تكون الحجة عدم استفزاز حكومة اليمين المتطرف.

لذلك كان الرئيس محمود عباس محقًا تمامًا عندما قال لا يمكن القبول ببقاء الاحتلال إلى الأبد، بمعنى أن لعبة المماطلة قد انتهت، فالقبول بسياسة احتواء التصعيد يجب أن تقترن بتجميد الاستيطان، خصوصا أن من يلجأ للتصعد هي إسرائيل، وأن الجانب الفلسطينية هو من يتلقى الضربات يوميًا على شكل إعدامات ميدانية، وهدم المنازل، وتوسع استيطاني، وتطهير عرقي عبر منع البناء في منطقة “ج” وهدم المنازل الفلسطينية فيها.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن تقسيم أراضي الضفة إلى ألف وباء وجيم في اتفاقات أوسلو كان إجراء مؤقتا في المرحلة الانتقالية، ينظم عملية الانسحاب الإسرائيلي التدريجي ونقل السلطة للجانب الفلسطيني، ولم يكن يعني بأي حال إطلاق يد إسرائيل في هذه المناطق لتقوض من خلالها حل الدولتين. كما أن اتفاقيات أوسلو كانت واضحة وضوح الشمس، بألا يتم المس بالوحدة الجغرافية للضفة وغزة أو اتخاذ أية خطوة من حانب واحد، تمس بقضايا الوضع النهائي.

إنهاء الاحتلال هو المدخل الوحيد لحل الدولتين وما عدا ذلك هو سيناريو آخر لإدامة هذا الاحتلال. الشعب الفلسطيني الذي انتظر طويلاً قد يصبر قليلاً بناء على طلب واشنطن لكنه لن يصبر طويلاً.

المصدر: الحياة الجديدة

Exit mobile version