المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

بين الفلسطينيين والإسرائيليّين: مَن يُسقِطُ حلّ الدولتين؟ (الجزء الأوّل)

الكاتب: د. ميشال الشماعي

تثير أعمال العنف الدامية بين الاسرائيليين والفلسطينيين مخاوف من تصعيد جديد في عهد نتانياهو واليمين المتطرّف. وتزامن ذلك مع عدّة دعوات دولية الى الهدوء، وخصوصًا من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الذي قام بزيارة عاجلة للقدس ورام الله، بعدما تمّ قتل سبعة اشخاص هم ستة اسرائيليين وأوكراني في هجوم قرب كنيس في القدس الشرقية الجمعة 27 كانون الثاني / يناير.

وفي هجوم مسلح آخر السبت أطلق فلسطيني يبلغ 13 عامًا النار وأصاب إسرائيليين اثنين في القدس الشرقية أيضًا.

تدابير العقاب الاسرائيلي جماعيّة
لحظ أخيرا خبراء الأمم المتحدة أنّ عنف الإسرائيليين الذين استوطنوا بشكل غير قانوني في أراضي الضفة الغربية، والاستخدام المفرط للقوة من قبل الجيش الإسرائيلي أديا إلى مقتل 150 فلسطينيا – 33 منهم أطفال – في عام 2022، وهو أعلى رقم منذ عام 2005 عندما بدأت الأمم المتحدة في توثيق عمليات القتل.
ويطالب الفلسطينيون اليوم بالتحقيق في مقتل أطفالهم على أيدي القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. ولا يبدو أنّ الاعتداء الإسرائيلي على مخيم جنين وسقوط عشرات الفلسطينيين، بين قتلى وجرحى سيكون التصعيد الأخير الذي قد تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة ومناطق السلطة الفلسطينية وقطاع غزة، وكذلك تكرار انتهاك حرمة الحرم القدسي الشريف.
فالسياسات التي تنتهجها دولة العدو أدّت إلى تدهور الأوضاع في كلّ من الضفّة وغزّة. وهذه نتيجة طبيعية لنجاح إسرائيل في القضاء على حلّ الدولتين، وتراجع الاهتمام الدولي بقضيّتهم والسياسات العدوانية والعنصرية الاسرائيلية.
وفي السياق حضّ المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، على إنهاء “التصعيد غير المنطقي” بين الاسرائيليين والفلسطينيين، محذّرًا من أن التدابير الاخيرة التي اتّخذتها الدولة العبرية “تؤدّي إلى مزيد من العنف وإراقة الدماء”.
أمّا الحكومة الإسرائيلية فقرّرت تبسيط إجراءات الحصول على سلاح ناري من أجل “السماح لآلاف المواطنين” بالتسلح، في أعقاب الهجمات ضد إسرائيل. وقال تورك ايضا إن “تدابير العقاب الجماعي بما في ذلك عمليات الإخلاء القسري وهدم المنازل محظورة صراحة بموجب القانون الإنساني الدولي ولا تتوافق مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

إنهاء منظمة التحرير مستحيل
وفي هذا السياق كان لموقع “جسور” حديث مع الكاتب والمحلّل السياسي ” عمران الخطيب” عضو المجلس الوطني الفلسطيني الذي يرى أنّ ” الجانب الإسرائيلي وافق على إتفاق أوسلو من أجل إنهاء شكلي للصراع مع الجانب الفلسطيني للعديد من الأسباب، وفي مقدمة ذلك الانتفاضة الفلسطينية الأولى، انتفاضة الحجارة .” كما يلحظ الخطيب وجود ” حالة من التضامن الرسمي والشعبي في الوطن العربي والإسلامي. إضافة إلى الساحة الدوليّة حيث شاهد العالم عملية تعذيب الشباب الفلسطيني الثائر، والقمع والاعتقالات نتيجة انتفاضة الشعب الفلسطيني السلمية حيث لم يتمّ استخدام السلاح.”
ويذكّر الخطيب العالم كلّه في حديثه لجسور أنّ ” الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد الذي ما يزال تحت الإحتلال. في حين أنّ هذه الحقبة شهدت الحديث والمفاوضات في جنوب أفريقيا لتنهي النظام العنصري من العالم كلّه.”
وكما يبدو أيقن الجانب الإسرائيلي أنّ محاولات إنهاء منظمة التحرير الفلسطينية غير ممكنة، ويعيد الخطيب ذلك لأنّ “من يقوم في إدارة الانتفاضة هي منظمة التحرير من خلال القيادة الوطنية الموحّدة والتي تتمثل من فصائل المنظمة كلّها باستثناء “حركة المقاومة الإسلامية حماس ” التي رفضت الانضمام لهذه القيادة الوطنية الموحدة.”

دروس من التاريخ المفاوضاتي
أمّا بالنسبة إلى نتائج هذة الانتفاضة فيؤكّد الخطيب أنّ” الاتصالات الإسرائيلية قد بدأت مع قيادات فلسطينية في الداخل عبر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما دفع الجانب الإسرائيلي إلى تفعيل الاتصالات مع بعض الوسطاء الأوروبيّين وبعض الأحزاب اليسارية، لا سيّما بعد أن أدرك الإسرائيلي بأن السلطة الفلسطينية أصبحت تشكّل حالة من الدولة وبأن استحقاق دولة فلسطينية قد يكون ممكنًا نتيجة ذلك.
هذا ما أكّده الخطيب لجسور، رغم عمليات حماس والتي كانت تهدف الى اسقاط السلطة الفلسطينية في الدرجة الأولى لتكون البديل عن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير.
ويستعيد الخطيب في حديثه كيف قامت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية “الشاباك” في إغتيال أسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي، وفشل شمعون بيرس وحزب العمل وحلفاؤهم في النجاح في الإنتخابات للكنيست الإسرائيلي. حيث تولّى بعد ذلك شارون الذي قام في اقتحام المسجد الأقصى المبارك، من أجل التصعيد بين الجانبين وإسقاط الشقّ الذي يتعلق في استحقاق حقوق الجانب الفلسطيني بما في ذلك إنهاء فترة الحكم الذاتي والانتقال إلى استحقاق إقامة الدولة الفلسطينية.
وقتها رفض الزعيم الراحل الفلسطيني ياسر عرفات التوقيع على مضمون الاتفاق الإسرائيلي – الأميركي في تخلي عرفات عن مضمون الدولة الفلسطينية، والقدس الشرقية وعودة اللاجئين الفلسطينيين.

كشف النيات الإسرائيليّة
كما كشف المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك أنّه” قد انتشر الإفلات من العقاب، وهو ما يبعث بإشارة الى أن التجاوزات مسموح بها”. فهذا مدعاة للقلق الذي يستجدّ مرّة أخرى مع تنامي اليمين المتطرّف في إسرائيل. ولا يبدو أنّ القليل القادم من الأيّام سيرخي ظلال الهدوء على هذا الصراع القديم – الجديد. ولكن هذا لا يعني الرّضوخ أو الاستسلام. لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ المومنتوم الدّولي بات خارج الشرق الأوسط نتيجة الحرب الروسيّة على أوكرانيا. ولعلّ هذا ما أراح نتانياهو وحكومته. وهذا ما قد يدفعهما لارتكاب المزيد من التجاوزات بحقّ الشعب الفلسطيني.
لكن ما هو المشروع الخطير الذي سيكشفه عضو المجلس الوطني الفلسطيني عمران الخطيب لجسور في الجزء الثاني من هذا التحقيق؟

Exit mobile version