الرئيسيةأخباراسرائيليةعلامات استفهام حول توقيت العملية

علامات استفهام حول توقيت العملية

بقلم: عاموس هرئيل

ترتسم علامات استفهام ثقيلة حول قرار قيادة المنطقة الوسطى وفرقة “يهودا” و”السامرة”، صباح الأربعاء، إرسال قوات كبيرة في وضح النهار الى قلب القصبة في مدينة نابلس بهدف اعتقال ثلاثة مطلوبين فلسطينيين مسلحين. انتهت الحادثة بقتل 11 فلسطينياً، بينهم ثلاثة مواطنين كبار في السن يبدو أنه لم تكن لهم أي علاقة بالخلية المسلحة. يمكن أن يشجع هذا الآن على المزيد من عمليات الانتقام من الضفة، وربما أيضا اطلاق الصواريخ من قطاع غزة.
في حادثة جنين، قبل شهر، التي انتهى فيها دخول مشابه الى مخيم جنين للاجئين بقتل عشرة من المسلحين الفلسطينيين، تم ذكر إمكانية أن يكون المطلوبون “قنبلة موقوتة”، وهو مصطلح حتى ذلك الحين كان يبدو مبالغا فيه، بشكل غير مباشر. في هذه المرة البيان المشترك للجيش و”الشاباك” يتحدث عن أن المطلوبين كانوا “متورطين في عمليات اطلاق نار في يهودا والسامرة والتخطيط لتنفيذ عمليات اطلاق نار أخرى في الوقت القريب جدا”. كالعادة، لم تتم إضافة أي تفاصيل الى البيان أو اثباتات.
الاحداث تكرر نفسها، والعمليات المشابهة في وضح النهار وفي قلب مناطق فقدت السلطة الفلسطينية السيطرة عليها منذ فترة، تنتهي بقتل جماعي لفلسطينيين. كل ذلك كان معروفاً مسبقاً. جنين ونابلس بشكل خاص مليئة بالسلاح الاوتوماتيكي. عندما تدخل قوة إسرائيلية كبيرة لإجراء اعتقالات في عمق منطقة مأهولة يتم الاخذ في الحسبان بأن المطلوبين سيرفضون بقوة اعتقالهم، وأن عشرات المسلحين الآخرين سيتدفقون الى المكان من اجل الاشتباك مع القوات الإسرائيلية ومحاولة ضرب مؤخرتها عند خروجها من المنطقة. تحت نار ثقيلة لا يوجد امام الجنود ورجال “الشاباك” ووحدات الشرطة الخاصة أي خيار عدا الرد على اطلاق النار كي يدافعوا عن انفسهم وأن يخرجوا بسلام. عندما يدور الحديث عن محيط حضري مكتظ، يطلق فيه المسلحون النار من فوق الاسطح ومن زوايا الشوارع ومن داخل الازقة الضيقة فمن المرجح أنه اثناء تبادل اطلاق النار سيصاب مدنيون.
حقيقة أن هذه الأمور متوقعة ومعروفة تثير مجددا سؤال ما هي أهمية وضرورة العملية صباح أول من أمس، التي حصلت على المصادقة من الجهات العليا في إسرائيل. اذا كان المسلحون يختبئون داخل نابلس وتوجد معلومات استخبارية عن مكانهم، ألم يكن بالإمكان اغلاق المنطقة واحتوائها انتظاراً للدخول في الليل، الامر الذي يعتبر اقل خطورة بقليل؟
علامات الاستفهام تزداد على خلفية الصورة الشاملة. هذه الصورة لا تتعلق فقط بالدمج بين التشريع الذي يدفع قدما بانقلاب نظامي وبين الفترة المتوترة أصلا في “المناطق” مع موجة عمليات طويلة بشكل خاص وقبل تصعيد تتوقعه أجهزة الاستخبارات عند بداية رمضان بعد نحو شهر تقريبا. يجدر الذكر بأنه في بداية الأسبوع الماضي وردا على قتل عشرة مدنيين في عمليات صعبة في القدس، صادق الكابنت على شرعنة عشر بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية وعلى الدفع قدما ببناء بحجم استثنائي في المستوطنات القائمة (مجلس التخطيط الأعلى في الضفة في جلستين سيصادق على بناء ما لا يقل عن 7 آلاف وحدة سكنية).
هذا القرار، الذي عن طريقه حاول رئيس الحكومة، نتنياهو، صد طلبات الجناح اليميني المتطرف في الحكومة بعقاب جماعي للفلسطينيين في شرقي القدس والضفة، كلفه التوتر مع الأميركيين. دفعت السلطة الفلسطينية قدما ردا على ذلك مشروع قرار في مجلس الامن يدين قرار الكابنت، وفحصت الإدارة الاميركية الانحراف عن سياستها الثابتة والامتناع عن فرض الفيتو.
بجهود كبيرة وبتوجيه من نتنياهو تم الاتفاق على حل وسط مع الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية. في اطار هذا الاتفاق اضطرت الحكومة الى التعهد بأن لا تتم في الأشهر القريبة القادمة شرعنة أي بؤر استيطانية جديدة، وأن لا تتم المصادقة على بناء آخر. ولكن كان هناك أيضاً تفاهم آخر بقيت تفاصيله غامضة قليلا بشكل متعمد. فقد تقرر أن توقف إسرائيل الدخول الى مناطق أ التابعة للسلطة الفلسطينية، في حين تتعهد السلطة مرة أخرى بأن تحاول نشر قواتها الأمنية في المدن الصاخبة، جنين ونابلس. هذه التفاهمات تم التوصل اليها، الاحد الماضي، قبل ثلاثة أيام من العملية الواسعة في نابلس.
المطلوبون الثلاثة الذين كانت القوات تنوي اعتقالهم، لكنهم قتلوا لأنهم قرروا مواصلة القتال، كانوا أعضاء في التنظيم المحلي في القصبة “عرين الأسود”. أحدهم متهم بالتورط في قتل جندي جفعاتي، عيدو باروخ، قرب مستوطنة شفيه شومرون في تشرين الأول الماضي. بعد أسبوعين قتل عدد من رؤساء التنظيم، وتم اعتقال عدد كبير من أعضائه في نابلس. ولكن الشائعات عن موت “عرين الأسود” تبين أنها سابقة لأوانها. أيضا الآن، الجيل الشاب في هذا التنظيم يواصل العمل، في الواقع في هذه الاثناء على نار هادئة نسبياً.
القتل الكثير الذي وقع في نابلس يتوقع أن يجر في اعقابه كالعادة محاولات ثأر من قبل شباب فلسطينيين يعتبرون القتلى ابطالا وطنيين. يتوقع أيضا ردود من غزة عن طريق اطلاق الصواريخ. في جهاز الامن يواصلون التقدير بأنه لا يوجد لسلطة “حماس” في القطاع أي مصلحة في هذه الاثناء في تصعيد غير مراقب. تواصل “حماس” الاستفادة من التحسن في الوضع الاقتصادي الذي يجلبه الـ 17 ألف عامل من القطاع الذين يُسمح لهم العمل في إسرائيل. اليوم يتوقع أيضا وصول المنحة الشهرية المالية من قطر الى القطاع. حتى الآن الاعفاء مقابل لا شيء مستحيل. وبالتالي فان اطلاق الصواريخ، ربما من فصائل صغيرة في القطاع، سينظر اليه على أنه احتمالية معقولة. تواصل إسرائيل التحذير من التصعيد في رمضان، لكن يبدو أن بعض الخطوات التي تتخذها تعزز الاصطدام أكثر مما تبعده.

عن “هآرتس”

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا