الرئيسيةمختاراتمقالاتكيف تستغل إسرائيل الأزمات الداخلية لنشر الفوضى والعنف في فلسطين؟

كيف تستغل إسرائيل الأزمات الداخلية لنشر الفوضى والعنف في فلسطين؟

كتب: محمود خضر*

اجتاحت موجة كبيرة من العنف في الضفة الغربية المحتلة منذ بداية عام 2023، خلفت أعمال العنف التي انتهجها الاحتلال، بما فيها اجتياح مخيم جنين للاجئين في 26 يناير، وفي مدينة نابلس القديمة في 22 فبراير، وأريحا في 1 مارس، حصيلة مدمرة بلغت 80 قتيلاً فلسطينياً وأكثر من ألفي جريح في أقل من 90 يوماً. وخلال شهر رمضان، استهدفت سلطات الاحتلال المقدسيين، واعتدت على المقدسات الإسلامية، والتي كان آخرها إخلاء المعتكفين من المسجد الأقصى المبارك، واخراج المصلين منه، ومنع الآذان بالمسجد الإبراهيمي، توعد المستوطنون باقتحامات كبيرة للأقصى في “عيد الفصح” اليهودي، وتمديد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك لنصف ساعة إضافية، واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 230 مقدسيًا في القدس المحتلة خلال مارس الماضي، وأصدرت 70 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة.
أكثر من 80 حالة اعتقال تمت من المسجد الأقصى، وطرقاته، وشوارع القدس، إضافة الى اعتقالات من حي الشيخ جراح. كما يعاني قطاع غزة في ظل الوضع الحالي، بالإضافة إلى حالة حصار التي يعيشها منذ سنوات، والتي أدت إلى انقسام وأوضاع أمنية وسياسية خطيرة، وتدهور في الوضع الاقتصادي. ورغم هذه الظروف، استعد الفلسطينيون لاستقبال شهر رمضان وسط آمال باستعادة الهدوء، في ظل القيود والظروف المعيشية الصعبة الناتجة عن الحصار وتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية، وانتهاكات الاحتلال لحقوق الفلسطينيين.
مع تصاعد وتيرة العنف، قتلت إسرائيل فلسطينيين اثنين خلال عطلة نهاية الأسبوع في شهر رمضان خلال عملية عسكرية نفذها الجيش الإسرائيلي، في مدينة نابلس في الضفة الغربية، في أحدث هجوم في تصعيد العنف المستمر منذ عام، حيث تم قتل مواطنين فلسطينيين أبرياء ليس لهم علاقة بأي تنظيم إرهابي، بدم بارد لمجرد الاشتباه بهم أو لمجرد أنهم يحاولوا الدفاع عن كرامتهم أمام إهانات واعتداءات أفراد شرطة الاحتلال ضدهم أو ضد غيرهم، ويعكس هذا التصرف حقيقة وهي أن الحرية التي أعطيت لقوات الاحتلال لاطلاق النار بسبب أو بدون سبب وهم مطمئنون بأنهم لن يحاسبوا على فعلتهم، كما أن المؤسسة الحاكمة تُقدم لهم الغطاء دائما وتحميهم من العقاب بل وفي معظم الأحيان تكافؤهم بالأوسمة ونياشين البطولة لأنهم قتلوا “مخرب فلسطيني” حسب زعمهم!
يعتبر ملف الضفة الغربية من أهم الملفات التي يعمل عليها بنيامين نتنياهو نتيجة حالة التوتر بمحاولة إظهار القوة والقدرة على السيطرة. ولا شك أن نتنياهو، الذي يتعرض لحملة احتجاجات، وانتقادات واسعة من دول الغرب الحليفة، يتمنى أن تنتهي هذه الحرب، ويعود المتظاهرين إلى بيوتهم، ولكن رائحة الحرب لا تغيب عن سماء البلاد، فالتوتر في الضفة الغربية والقدس يتصاعد باستمرار، ويمكن أن يؤدي إلى جر الجيش لشن عمليات حربية؛ ويفرض اليمين المتطرف قرارات وقوانين وممارسات تشعل النيران في المناطق الفلسطينية. فمن جهة، يعمل بن غفير على التصعيد في القدس الشرقية ويهدم فيها البيوت يومياً، ويبادر إلى قوانين لسحب المواطَنة من مواطنين فلسطينيين من إسرائيل والقدس، ويضيِّق الخناق على الأسرى الفلسطينيين في السجون. ومن جهة ثانية، يبادر سموترتش إلى مشروعات استيطانية كبيرة، مثل قرار «الكابينيت» بناء حوالي 10 آلاف وحدة سكنية في المستوطنات، وبدء عملية تشريع للبؤر الاستيطانية. يضاف إلى كل ذلك تصعيد القمع الميداني وتشجيع المستوطنين على قتل فلسطينيين، ومهاجمة البلدات الفلسطينية بتحطيم زجاج البيوت والسيارات وإشعال النيران في بيوت أخرى.
زرع الفوضى يعد بمثابة نهج عقائدي لدى حلفاء نتنياهو يخدم هدفهم الأساس للسيطرة على الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها بالكامل، حيث إن انتشار الفوضى والعنف في الضفة قد يوفر فرصاً جديدة لتحقيق استقراراً للوضع الإسرائيلي، فيحاول نتنياهو استغلال الظروف لصالح حساباته الداخلية، وهذا يعني أن الدماء الفلسطينية كالعادة هي بوابة النجاح الأمني والسياسي لقادة هذا العدو، فمن يريد النجاح في الانتخابات الداخلية يثخن في دماء الفلسطينيين.
تتجمع الأوضاع الداخلية في إسرائيل لتجعل من إسرائيل دولة ليست عاقلة، بل تعيش حالة من الفوضى، ويقرّبها أكثر من أي وقت مضى إلى انفجار القنبلة الموقوتة فيها، بسبب انهيار نظامها السياسي، واستبداله بالفوضى الكاملة. ما حدث في إسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية يؤكّد أنها تنهار وتتفكّك تحت ضغط التناقضات الناجمة عن هذا المأزق المزدوج، فهي، من ناحية، تبدو غير قادرةٍ على إخضاع الشعب الفلسطيني الذي يُثبت كل يوم أن مقاومته لا تقهر، رغم سطوة كل أجهزتها الأمنية والقمعية. ومن ناحية أخرى، تبدو غير جاهزة أو مهيأة للتحول إلى دولة أصولية ثيوقراطية، رغم تمدّد اليمين الديني واتساع تأثيره، فمن يستهين بحياة الآخر وحقوقه وإنسانيته لا يمكن له أن يكون متسامحاً مع المختلفين معه في الرأي من أبناء شعبه.

*ماجستير علوم سياسية

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا