الرئيسيةمختاراتمقالاتالموقف العربي مساند دائم لقضية الأسرى

الموقف العربي مساند دائم لقضية الأسرى

كتب: الدكتور رأفت حمدونة

لم تكن القضية الفلسطينية يوماً تدور في حلبة الفلسطينيين وحدهم، فقد أخذت بُعداً عربياً وإسلامياً بين المد والجزر من دولة إلى أخرى، ومن وقت إلى آخر، ولما كان مطلوباً من هذه الدول، أو الحركات، أو المنظمات الدولية موقفاً تجاه قضايا كانت تطرأ على القضية الفلسطينية، فقد كان هذا الموقف جزءاً من موقف هذه الجهات من القضية بشكل عام (البطش، المعتقلون، ص243)، وقد مثلت قضية الأسرى واحدة من القضايا المهمة التي دعمتها الأمة العربية على المستوى الرسمى والشعبي والمؤسسات الأهلية ، وللتوضيح أكثر :

1- الموقف العربي الرسمي من قضية الأسرى:

اهتم الموقف العربي الرسمي بشكل متفاوت بقضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية، ويتفاوت هذا الاهتمام وفق:

اهتمت دول الجوار بقضية الأسرى، لأن بعض هذه الدول دخلت حروباً مع الاحتلال، وكان هنالك عدد كبير من الفدائيين العرب الذين شاركوا الشعب الفلسطيني نضاله في إطار العمليات التي نفذتها التنظيمات الفلسطينية والعربية ضد الاحتلال، ومن هذه الدول (مصر والأردن وسوريا ولبنان)، ومثَّل المعتقلون العرب جزءاً أصيلاً من الحركة الأسيرة، وخصص الفلسطينيون والعرب يوماً وطنياً وقومياً لتكريم الأسرى العرب في الثاني والعشرين من نيسان من كل عام.

كما أن هنالك تشابه فى التجربة النضالية للشعوب من أجل الحرية من الاستعمار، وهنا نجد اهتماماً خاصاً وتفهماً كبيراً لقضية الأسرى والمعتقلين من الأشقاء العرب في تونس والجزائر والمغرب وغيرها بحكم معاناتهم وتشابه حالتهم النضالية مع الفلسطينيين في قضية النضال والاعتقال.

ومن الأشقاء العرب من شارك الفلسطينيين العمليات الفدائية وخاصة الدوريات من الحدود والبحر وخطف الطائرات، وتطوع أولئك من أغلب الدول العربية خاصة من لبنان والأردن وسوريا والعراق وليبيا والسودان، ولقد ساهمت جمهورية مصر العربية برعاية صفقات تبادل للأسرى، ورعت عديد الدول العربية المؤتمرات الخاصة بالأسرى، وأكدت كل المؤتمرات وقرارات الجامعة العربية على قضايا مشتركة أهمها: تفعيل دور الإعلام والقدرة على مخاطبة العالم بلغته على قاعدة الاتفاقيات والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني، وتشكيل ائتلاف دولي داعم ومناصر لقضية الأسرى على المستويات الحقوقية والقانونية، والدعم والمناصرة بهدف تدويل قضيتهم وأنسنتها على المستوى العالمي، وتشكيل لجنة متابعة من خبراء دوليين وعرب وفلسطينيين، وتم التأكيد على ضرورة الملاحقة القانونية ضد مرتكبي جرائم الحرب على المستوى المحلي والدولي، والضغط على سلطات الاحتلال بعدم تقديم المساعدات لها أو دعم اقتصادها، وتعبئة الدول العربية وأميركا اللاتينية ودول مختلف القارات للقيام بحملة ضغط على الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل القيام بدورها في إحالة قضايا جرائم الحرب الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما طالبت المؤتمرات تفعيل دور جامعة الدول العربية في الساحة الدولية بما يخص هذا الملف مع ضرورة أن تتوجه الدولة الفلسطينية لرفع دعاوى فردية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتأسيس مركز إعلام للدراسات والتوثيق، وشبكة إعلامية دولية وبلغات عالمية، والتعاون مع المواقع المساندة للمساهمة في حملات تجنيد الرأي العام العالمي لتفعيل قضية الأسرى، وكذلك تفعيل دور السفارات والممثليات العربية والفلسطينية للقيام بحملات مساندة لقضايا الأسرى والأسيرات، والعمل على إنشاء صندوق لدعم الجهود القانونية والإعلامية لخدمة وإثارة قضايا الأسرى الفلسطينيين والعرب، والتعاون من أجل دعم وتمويل وإنتاج أعمال فنية وثقافية ودرامية إبداعية تحاكي الشعوب خارج فلسطين، والعمل على تفعيل دور الكُتَّاب والباحثين والأدباء والشعراء والفنانين الفلسطينيين والعرب والدوليين المناصرين للقضية الفلسطينية والأسرى، وإنشاء مكتبة وطنية فلسطينية عربية حول الأسرى والشهداء والمفقودين لتوثيق تجاربهم النضالية (مركز الأسرى للدراسات، 2021م).

2- الجامعة العربية في قضية الأسرى:

اهتمت جامعة الدول العربية بإبراز قضية الأسرى الفلسطينيين والدفاع عنها فمنذ اجتماع الدورة الخمسين لمجلس الجامعة وحتى الدورة السبعين التي عقدت في أكتوبر 1978م، حظيت قضية الأسرى باهتمام كبير، ففي قمة دمشق مارس/ 2008م، كان قراراً عربياً بأن يكون السابع عشر من نيسان من كل عام يوماً عربياً للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين، ولا يكاد يخلو اجتماع بدون مناقشة انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان وخاصة ضد الأسرى الفلسطينيين والعرب، وكانت تستغل هذه التوصيات بعدة وسائل أهمها:

– إرسال المذكرات إلى اللجان الدولية المعنية خاصة اللجنة الدولية القانونية، وتم تشكيل لجنة خاصة للتحقيق وجمع البيانات حول انتهاكات الاحتلال لحقوق الإنسان.

– متابعة تقارير منظمة العفو الدولية.

– إرسال البرقيات إلى سكرتير الأمم المتحدة وأعضاء الجمعية العمومية ومجلس الأمن.

– قامت الجامعة برعاية العديد من المؤتمرات الخاصة بالأسرى الفلسطينيين وطباعة بعض الكتب التي تتناول قضيتهم.

– قدمت الجامعة المساعدات المادية لأسر الأسرى، وذلك عن طريق دعم مؤسسة أسر الشهداء التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية (البطش، المعتقلون، ص251).

– قامت بطرح قضية الأسرى للنقاش في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي أروقة المؤسسات الدولية.

3- دور المؤسسات العربية غير الحكومية:

ساهمت الكثير من المؤسسات والاتحادات والمنظمات العربية في دعم قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر عدداً منها:

– اتحاد المحامين العرب : قام الاتحاد بالكثير من الأنشطة والمؤتمرات وورش العمل، وعمل على تصدير البيانات والنشرات واللقاءات المساندة مع المؤسسات الدولية والحقوقية في القاهرة ودول أخرى بهدف الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين، لتثبيت مكانتهم القانونية كأسرى حرب في المحافل والمؤسسات الدولية، وعرض انتهاكات سلطات الاحتلال المخالفة للاتفاقيات الدولية، ودعا الأمين العام للاتحاد في مؤتمر عجلون القانوني في العام 2013م، إلى عقد مؤتمر إقليمي دولي تحت مظلة اتحاد المحامين العرب وبإشراف نقابة المحامين الفلسطينيين تحت عنوان “الآليات القانونية والقضائية لمحاكمة جرائم إسرائيل بحق الأسرى والشعب الفلسطيني”، ونظم اتحاد المحامين العرب بالقاهرة الكثير من الأنشطة والمؤتمرات الصحفية لبحث الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين، وخرج مؤتمر الاتحاد في العام 2017م بمجموعة من التوصيات كان أهمها : مطالبة الأطراف السامية لاتفاقيات جنيف بفرض الحماية القانونية الدولية على السكان المدنيين والأسرى الفلسطينيين .

4- دور الاتحادات والمنظمات العربية :

– اتحاد الكتاب والأدباء العرب: دعا الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب على لسان الأمين العام للاتحاد في أكثر من مناسبة كافة اتحادات الكتاب العربية لإعلان تضامنها مع الأسرى الفلسطينيين، من خلال إقامة أمسيات شعرية وندوات فكرية وفعاليات ثقافية متنوعة، بما يعيد حضور القضية الفلسطينية على خارطة الوعي العربي.

– الاتحاد العام للصحفيين العرب: أدان الاتحاد العام للصحفيين العرب استهداف واعتقال للصحفيين الفلسطينيين، وقام بتوزيع التقارير المتعلقة بالأسرى للصحفيين العرب وأعضاء اتحاد الصحفيين الدوليين، وأعرب الاتحاد عن تأييده وتضامنه مع الأسرى الفلسطينيين، وتحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياتهم، وطالب مراراً عبر بياناته بإطلاق سراحهم.

– المنظمة العربية لحقوق الإنسان: اهتمت المنظمة بقضية الأسرى الفلسطينيين و العرب، وطالبت مراراً عبر اجتماعاتها ورسائلها المؤسسات الحقوقية والدولية، والسكرتير العام للأمم المتحدة، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، والمحكمة الجنائية الدولية، بسرعة فتح تحقيق شامل في انتهاكات سلطات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين وفق الجرائم المعاقب عليها في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

– الاتحاد البرلماني العربي: دعم الاتحاد البرلماني العربي نضالات الأسرى ودعا في أكثر من اجتماع خاص بالقضية الفلسطينية للوقوف والتضامن مع الأسرى، وطالب بتفعيل الإطار القانوني الدولي لمشروعية المقاومة الفلسطينية، على اعتبار أن هذا الإطار هو الأساس لأي تحرك في موضوع الأسرى الفلسطينيين بدءاً من متابعة أوضاعهم الصحية والنفسية والقانونية وحتى يتم إطلاق سراحهم (مركز الأسرى للدراسات، 2021م).

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا