الرئيسيةمختاراتتقارير وتحقيقاتتقرير: تصاعد اعتداءات المستوطنين على كنائس القدس بتشجيع حكومة نتنياهو

تقرير: تصاعد اعتداءات المستوطنين على كنائس القدس بتشجيع حكومة نتنياهو

البطريرك اللاتيني: “تكرار هذه الهجمات والاعتداءات أمر جديد. ويشعر هؤلاء الأشخاص (المستوطنون) أنهم تحت الحماية وأن المناخ الثقافي والسياسي الآن يمكن أن يبرر أو يتسامح مع أي أفعال ضد المسيحيين”

اتهم رئيس الكنيسة الكاثوليكية في الأرض المقدسة حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، أنها تسيء إلى حياة المسيحيين في مهد المسيحية، من خلال تشجيع متطرفين يهود يقومون بمضايقة رجال الدين وتخريب ممتلكات الكنيسة بوتيرة متسارعة.

وقال البطريرك اللاتيني الذي عينته الفاتيكان، بييرباتيستا بيتسابالا، إن المجتمع المسيحي الذي يقطن المنطقة منذ ألفي عام، يتعرض لهجمات متزايدة بعد أن تولى أكثر تحالف يميني في تاريخ إسرائيل السلطة أواخر العام الماضي، وفق ما نقلت عنه وكالة الأسوشيتدبرس اليوم، الخميس.

ويأتي التصعيد ضد المسيحيين في الوقت الذي يبدو فيه أن حركة المستوطنين الإسرائيليين، التي يؤيدها حلفاؤهم في الحكومة، قد انتهزت الفرصة لتوسيع مشروعها في القدس المحتلة.

وقال بيتسابالا خلال أسبوع عيد الفصح من مكتبه في الحي المسيحي في البلدة القديمة، إن “تكرار هذه الهجمات والاعتداءات أمر جديد. ويشعر هؤلاء الأشخاص (المستوطنون) أنهم تحت الحماية وأن المناخ الثقافي والسياسي الآن يمكن أن يبرر أو يتسامح مع أي أفعال ضد المسيحيين”.

وتزعم إسرائيل أنها ملتزمة بحرية العبادة وتدعي الحكومة الإسرائيلية أنها تمنح أولوية للحرية الدينية وللعلاقات مع الكنائس ذات الصلات القوية بالخارج. وادعت مديرة شؤون الأديان في الخارجية الإسرائيلية، تانيا برغ – رافائيلي، أن “التزام إسرائيل بحرية الدين مهم لنا على الدوام، وينطبق هذا على جميع الأديان وتتمتع جميع الأقليات بحرية الوصول إلى الأماكن المقدسة”.

اعتداء على مقبرة مسيحية تاريخية في القدس (أ.ب.)

إلا أن المسيحيين يؤكدون أنهم يشعرون أن السلطات لا تحمي مواقعهم من أي هجمات استهدافية. وتصاعدت التوترات بعد أن أدت مداهمة الشرطة الإسرائيلية للحرم القدسي الشريف واعتداءاتها الوحشية على المصلين إلى إثارة غضب المسلمين وإلى اندلاع مواجهات واشتباكات، الأسبوع الماضي.

والإساءة إلى الأقلية المسيحية ليست بالأمر الجديد في البلدة القديمة في القدس المحتلة، وتعد بؤرة توترات مستمرة. لكن للمرة الأولى تضم حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة قادة المستوطنين بين وزرائها الرئيسيين – مثل وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي صدرت ضده إدانات جنائية منذ عام 2007 بالتحريض على العنصرية ضد العرب ودعم جماعة يهودية إرهابية، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

وزاد وجود هؤلاء الوزراء في الحكومة من نفوذ المستوطنين الإسرائيليين الذين يسعون إلى ترسيخ السيطرة اليهودية على الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ما أثار قلق قادة الكنيسة الذين يرون في مثل هذه الجهود، وآخرها خطط الحكومة لإنشاء “حديقة وطنية” على جبل الزيتون، تهديدا للوجود المسيحي في المدينة المقدسة.

وقال القس بكاتدرائية القديس جورج الأنغليكانية في القدس، الأب دون بيندر، إن “العناصر اليمينية تسعى لتهويد المدينة القديمة والأراضي الأخرى، ولا نشعر بأن شيئا يحول بينهم وبين ذلك الآن. الكنائس كانت العقبة الرئيسية أمامهم”.

وكان عدد المسيحيين في القدس البالغ اليوم 15000، ومعظمهم من الفلسطينيين، 27000 ذات يوم – قبل أن تدفع المصاعب التي أعقبت احتلال عام 1967 الكثيرين منهم إلى الهجرة.

والآن، يبدو أن عام 2023 سيكون الأسوأ منذ عقد بالنسبة للمسيحيين، حسبما يرى يوسف ضاهر، مدير مركز القدس للعلاقات الكنسية، وهي مجموعة تنسيق بين الطوائف.

عيد الفصح في كنيسة القيامة، الأحد الماضي (أ.ب.)

وقال المركز إن الاعتداءات الجسدية والمضايقات التي يتعرض لها رجال الدين المسيحي غالبا ما لا يتم الإبلاغ عنها، لكنه وثق ما لا يقل عن سبع حالات خطيرة من التخريب المتعمد لممتلكات الكنيسة، من كانون الثاني/يناير إلى منتصف آذار/مارس الماضيين، في زيادة كبيرة وقائع معادية للمسيحية تم تسجيلها في عام 2022 بالكامل.

ويلقي زعماء الكنيسة باللوم على المتطرفين الإسرائيليين في معظم الحوادث، ويقولون إنهم يخشون المزيد. وقال بيتسابالا إن “هذا التصعيد سيجلب المزيد من العنف، وسيخلق وضعا سيكون من الصعب للغاية علاجه”.

تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية

وفي آذار/مارس الفائت، اقتحم زوجان إسرائيليان كنيسة جب الزيوت بجوار بستان جثسيماني، حيث يقال إن السيدة العذراء دفنت هناك. وانقضوا على كاهن بقضيب معدني قبل إلقاء القبض عليهما.

وفي شباط/فبراير الأخير، انتزع يهودي أميركي صورة المسيح، التي يبلغ ارتفاعها قرابة ثلاثة أمتار، من قاعدتها وحطمها على الأرض، وظل يطرق على الوجه بمطرقة في كنيسة الجلد على طريق الآلام، حيث يعتقد المسيحيون أن يسوع سار فيه حاملا صليبه قبل صلبه. وصاح اليهودي الأميركي”لا أصنام في مدينة القدس المقدسة”.

كما وجد المسيحيون الأرمن رسومات بغيضة على جدران ديرهم. ويقول الكهنة من جميع الطوائف إنهم تعرضوا للمطاردة والبصق والضرب أثناء سيرهم إلى الكنيسة. وفي كانون ثان/يناير الماضي، قام يهود متطرفون بهدم وتخريب 30 قبرا عليها صلبان حجرية في مقبرة مسيحية تاريخية في المدينة. واعتقل المراهقون المتطرفون ووجهت إليهم تهم الإضرار بممتلكات دينية والإساءة إلى دين.

الاعتداء على تمثال المسيح في كنيسة الجلد بالبلدة القديمة، شباط الماضي (أ.ب.)

لكن المسيحيين يؤكدون أن الشرطة الإسرائيلية لا تأخذ معظم الهجمات على محمل الجد. وقال جورج كاهكيجيان (25 عاما) إنه هو الشخص الذي تم اعتقاله واحتجازه لمدة 17 ساعة بعد أن تسلق حشد من المستوطنين اليهود ديره المسيحي الأرمني لنزع العلم في وقت سابق من هذا العام. ولم يصدر تعليق فوري من الشرطة.

كما اشتكى مستشار البطريركية الأرمنية، الأب أغان غوغشيان، قائلا إنه “نرى أن معظم الحوادث التي وقعت في منطقتنا لم يتم تنفيذ عقوبات بحق مرتكبيها”، معبرا عن خيبة أمله إزاء إصرار سلطات الاحتلال، في كثير من الأحيان، على أن حالات التدنيس والتخريب والمضايقات ليست مدفوعة بكراهية دينية وتزعم أنها بسبب أمراض عقلية.

والتزم معظم كبار المسؤولين الإسرائيليين الصمت بشأن التخريب المتعمد، في حين أثارت تحركات الحكومة، ومنها الترويج لخطط تحويل جبل الزيتون إلى “حديقة وطنية” وسن قانون يجرم التبشير المسيحي، الغضب في الأراضي المقدسة وخارجها.

وتعهد نتنياهو بمنع مشروع القانون من المضي قدما بعد ضغوط من المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة، وهم من بين أقوى مؤيدي إسرائيل، وينظرون إلى الدولة اليهودية على أنها تحقيق لنبوءة توراتية غيبية.

وأعلن المسؤولون الإسرائيليون أنهم سيمضون قدما في خطة مثيرة للجدل بشأن جبل الزيتون، وهو موقع للزيارة مليء بالعشرات من الكنائس التاريخية. ويخشى مسؤولو الكنيسة من أن إنشاء الحديقة يمكن أن يحد من امتدادهم ويتسبب في التعدي على أراضيهم. فالمستوطنات اليهودية التي يسكنها أكثر من 200,000 إسرائيلي تطوق البلدة القديمة بالفعل.

وقالت سلطة الحدائق الوطنية الإسرائيلية إنها تأمل في أن تحافظ الحديقة على وجود مناطق مفتوحة، ووعدت بشراء الأراضي من الكنائس، وليس الاستيلاء عليها. إلا أن بيتسابالا لم يقتنع، قائلا “إنه نوع من المصادرة”.

وتصاعدت التوترات في موسم الأعياد، حيث أعلنت الشرطة الإسرائيلية عن حصص صارمة لآلاف الزوار الذين يسعون لحضور طقوس سبت النور في كنيسة القيامة، وحددت الشرطة عدد الحضور بـ 1800 شخص فقط.

ووصف القساوسة، الذين رأوا الشرطة تفتح البوابات على مصراعيها لليهود المحتفلين الذين تزامن عيدهم هذا العام مع أعياد المسيحيين، ذلك بالتمييز الديني.

وقال المطران ساني إبراهيم عازار، من الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، إنه غالبا ما يصعب عليه الرد عندما يسأله رعاياه عن سبب تحملهم الثمن المرير للعيش في الأرض المقدسة، مشددا على أن “هناك أمور تجعلنا قلقين بشأن وجودنا ذاته. لكن بدون أمل، سيغادر المزيد منا يوما بعد يوم”.

عرب 48 – تحرير: بلال ضاهر

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا