الرئيسيةأخبارعربية ودوليةإسرائيل تستهدف المصالحة الإيرانية السعودية

إسرائيل تستهدف المصالحة الإيرانية السعودية

تصعيد إسرائيل للعنف في فلسطين هو سياسة تهدف إلى تشتيت هذا الجو المعتدل الذي بدأ يظهر بين الأطراف الإقليمية.

1. لماذا المصالحة الإيرانية السعودية بوساطة الصين تزعج إسرائيل؟
حدثت تطورات مهمة للغاية في الشرق الأوسط، مثل التقارب بين تركيا ومصر، وتطبيع العلاقات السورية مع العالم العربي، والأهم من ذلك الاتفاق الإيراني السعودي. بعد التحول الجذري للبنية الأمنية في المنطقة، برز مناخ مناسب يمكن لإيران أن تنشر نفوذها في المنطقة. ونتج عن حرب إيران بالوكالة وبرنامج الأسلحة النووية في دول مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان تداخلا في التهديد المتصور من قبل دول الخليج وإسرائيل. وانبثقت الكتلة المناهضة لإيران بقيادة إسرائيل بين دول الخليج وإسرائيل، التي تتداخل تصوراتها للتهديد. وفي هذه العملية، قدمت سياسة “الضغط الأقصى” التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية لعزل إيران دعما دوليا قويا للكتلة المناهضة لإيران التي بدأت تتشكل. وفي هذا الجو، أصبحت “اتفاقيات إبراهيم” الموقعة عام 2021 انتصارا دبلوماسيا مهما لإسرائيل. وزادت في المستقبل القريب التوقعات بأن المملكة العربية السعودية ستشارك أيضا في اتفاقيات إبراهيم التي توسعت بمشاركة الدول العربية.
الاتفاقية الإيرانية السعودية الموقعة في بكين بوساطة من الصين أضعفت بشكل كبير مشروع الكتلة المناهضة لإيران، الذي حاولت إسرائيل تأسيسه بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية واتخذت مسافة كبيرة مع “اتفاقيات إبراهيم”، ودمرت التفوق الدبلوماسي لإسرائيل في المنطقة. وفي جو سياسي توصل فيه أعداء إسرائيل إلى السلام، أصيبت “اتفاقيات إبراهيم” ومشروع التكتل الإسرائيلي المناهض لإيران بجروح خطيرة. وعلى وجه الخصوص، ستؤدي عملية التعافي من العلاقات الإيرانية المصرية المقطوعة منذ عام 1979 والعلاقات التركية المصرية، التي انقطعت منذ عام 2013، إلى نتيجة عزل إسرائيل في المنطقة بدلا من إيران. وإذا تم تنفيذ الاتفاقية الموقعة بين إيران والسعودية بالكامل، فسيظهر جو سياسي تخف فيه الحروب بالوكالة في الجغرافيا المجاورة لإسرائيل وينتهي عدم الاستقرار والحروب الأهلية. وبالاتفاق، يخف “الضغط الأقصى” المطبق على إيران، وستتعافى إيران اقتصاديا من خلال جذب الاستثمارات من منطقة الخليج. وحقيقة أن انخفاض التوتر في المنطقة سيقلل من الحاجة إلى جهات “توفر الأمن” مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل هي عواقب غير سارة للقضية بالنسبة لإسرائيل.

2. ما هي معايير النظام الإقليمي الذي تريده إسرائيل في الشرق الأوسط؟
تدين إسرائيل، التي أدارت ظهرها للعالم العربي والإسلامي وتواجه الغرب منذ يوم تأسيسها، بوجودها واستقرارها للدعم العسكري اللامحدود من الغرب وإلى الانقسامات الأيديولوجية والطائفية داخل العالم العربي. لذلك، فإن تحسين العلاقات بين الأطراف المتنافسة في المنطقة وانخفاض الدعم الأمريكي غير المحدود يشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل. ففي الأساس، إسرائيل دولة حيث دول المنطقة أضعف من أن تنافس إسرائيل. والعداوات الوجودية بين القوى الإقليمية. وهناك انقسامات في السياسة الداخلية لجهات فاعلة مثل تركيا ومصر وسوريا والمملكة العربية السعودية وإيران. وتفضل نظاما إقليميا تتعمق فيه الفجوة بين الحكام والشعوب في المنطقة وتكون الولايات المتحدة الأمريكية هي الفاعل الرئيسي في بنية الأمن الإقليمي. ويسمح هذا الجو الفوضوي على المستوى الإقليمي لإسرائيل بتحقيق أهدافها الجيوسياسية من خلال اتباع سياسات تعديلية مختلفة، وخاصة تهويد فلسطين. وعندما تتحقق الظروف التي تفضلها، يمكن لإسرائيل أن تجد الفرصة لمد نفوذها إلى مناطق شاسعة للغاية مثل البحر الأحمر والخليج وبلاد ما بين النهرين والقوقاز.
لذلك، لسنوات عديدة، كانت سياسة إسرائيل تجاه المنطقة تتمثل في إضعاف الجهات الفاعلة الإقليمية، ومنع تراكم القوة العسكرية والاقتصادية، ومنع تشكيل كتل إقليمية معادية لإسرائيل من خلال إثارة التوترات بين الجهات الفاعلة. ففي العملية التي سبقت غزو العراق، كان لإسرائيل دور مهم في فرض عقوبات على إيران وسوريا، وتمزق العلاقات المصرية الإيرانية، وإضعاف العلاقات التركية الغربية. والمنطقة التي استثمرت فيها إسرائيل أكبر قدر في الفترة الأخيرة هي التوتر بين إيران، الدولة الرائدة في العالم الشيعي، والسعودية، الدولة الرائدة في العالم السني. وعندما يتصاعد التوتر بين الطرفين ويتحول إلى حرب بالوكالة، من ناحية، تتدفق الموارد الإنتاجية لهذه الدول إلى صراعات مسلحة، ومن ناحية أخرى، تعاني دول مثل سوريا ولبنان والبحرين والعراق واليمن من انقسامات داخلية عميقة.

3. ما الذي ستكسبه إسرائيل من تطرف السياسات الإقليمية؟
منذ نشأتها، تبنت إسرائيل التطرف في سياسات الشرق الأوسط كمهمة أساسية. ويلعب العنف المتصاعد في فلسطين دورا مهما في تطرف السياسات الإقليمية. والسبب الأهم لذلك هو الحساسية العالية لجميع شعوب المنطقة تجاه القضية الفلسطينية. وراديكالية السياسة الإقليمية لها ثلاثة مكاسب لإسرائيل. أولا وقبل كل شيء، هدف إسرائيل هو تعميق الفجوة بين الحكومات والشعوب في المنطقة. فعندما يتصاعد العنف في فلسطين وتزداد الانتهاكات ضد المسجد الأقصى، تندلع موجة غضب واحتجاجات شديدة في جميع أنحاء المنطقة. وعلى الرغم من أن هذه الاحتجاجات تستهدف إسرائيل، إلا أن المجتمعات الإسلامية تجبر حكوماتها على تنفيذ سياسات رادعة ضد إسرائيل. وحقيقة أن بعض الحكومات يجب أن تعتمد على إسرائيل والغرب لأمن النظام تجعل من المستحيل على هذه الإدارات اتخاذ خطوات معادية لإسرائيل. وهكذا، في كل مرة يتصاعد فيها العنف في فلسطين، يزداد الضغط الشعبي على الإدارات في المنطقة. ثانيا، تصعد إسرائيل من العنف في فلسطين وتدفع جهات فاعلة مثل حماس وحزب الله وحركة الجهاد الإسلامي إلى الصراع. وفي حين أدى الاستفزاز الإسرائيلي الدوري للنزاع المسلح إلى زيادة المخاوف بشأن أمن إسرائيل في الغرب، إلا أنه يقوي التحالف الإسرائيلي الغربي. ومن ناحية أخرى، يزيد الضغط الدولي على الدول التي تدعم الجهات المذكورة أعلاه والتي تعتبر منافسة لإسرائيل. وأخيرا، وبفضل تصاعد الأعمال المسلحة في فلسطين، تخلق إسرائيل مبررات مشروعة لعملياتها العسكرية في كل من المنطقة وفي عموم فلسطين من خلال “إضفاء الطابع الأمني” على القضية الفلسطينية، وإبقاء الهيكل العسكري على قيد الحياة ومنع الانقسامات.
سيكون للمصالحة الإيرانية السعودية عواقب من شأنها إضعاف الحلم بنظام إقليمي تفضله إسرائيل، حيث تشهد المنافسات والعداوات الشديدة والولايات المتحدة الأمريكية هي الفاعل المهيمن في بنية الأمن الإقليمي. وإن تصعيد إسرائيل للعنف في فلسطين، مثلما انتهت المصالحة الإيرانية السعودية التي نشأت في التسعينيات مع حرب إسرائيل وحزب الله عام 2006، هي سياسة تهدف إلى تشتيت هذا الجو المعتدل الذي بدأ يظهر بين الفاعلين الإقليميين.

ترجمة مركز الإعلام
المصدر: وكالة الأناضول التركية

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا