الرئيسيةأخباراسرائيليةاندماج محور المقاومة الفلسطيني ومحور إيران – حزب الله.. نظرة إسرائيلية

اندماج محور المقاومة الفلسطيني ومحور إيران – حزب الله.. نظرة إسرائيلية

سبب التصعيد في الساحة الفلسطينية في فترة عيد الفصح وفي شهر رمضان 2023 هي المواجهات التي حدثت في 5 نيسان بين شرطة الاحتلال والشباب الفلسطينيين العنيفين في المسجد الأقصى والصور القاسية التي نشرتها الشبكات الاجتماعية والإخلاء القسري للشباب (ينتمي معظمهم لحركة حماس الطلابية)، الذين تمكنوا من التسلل إلى الحرم بدون تصاريح، وكما يبدو أرادوا الاعتكاف، وهي عادة في شهر رمضان تعبر عن الإخلاص المفرط التزاماً بروح شهر الصيام التي تقتضي البقاء في الليل داخل المسجد من أجل التفرغ للعبادة”.
رد “المقاومة” الفلسطينية كان صلية من 34 صاروخاً أطلقت في اليوم التالي من جنوب لبنان، وهذا هو الإطلاق الأكبر منذ حرب لبنان الثانية. في موازاة ذلك، أطلقت صواريخ من قطاع غزة ووقعت أعمال إرهابية على الشوارع في “يهودا والسامرة”. حماس باركت إطلاق الصواريخ من مناطق سيطرة “حزب الله” في جنوب لبنان، في حين قال “حزب الله” نفسه إن الإطلاق نفذ بدون معرفته معبراً عن دعمه لها.
في منتصف آذار، قبل هذه الأحداث، حذر نائب رئيس المكتب السياسي لحماس والمسؤول عن الضفة الغربية، صالح العاروري، إسرائيل مما ينتظرها في رمضان. وأشار إلى حدوث تصعيد يشمل هجوماً من لبنان. وقد تم إعداد منظومة إطلاق صواريخ حماس في لبنان، وهي في انتظار ساعة الإطلاق.
اقتحام اليهود للحرم في شهر رمضان والمواجهات بين الشرطة والمصلين المسلمين في المسجد الأقصى تعدّ دائماً الشرارة للعمل ولتوحيد الصفوف الإسلامية ضد سياسة إسرائيل في أكثر الأماكن حساسية من ناحية دينية ووطنية.
خلافاً للادعاء القائل بأن “حزب الله” لم يكن مشاركاً في قرار حماس إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان نحو شمال إسرائيل، تبرز عدة وقائع، منها أنه من غير المحتمل أن يكون “حزب الله” على علم بنصب منصات لإطلاق الصواريخ في جنوب لبنان وإخفائها، وفي السياق نفسه يصعب الافتراض بأن حماس عملت بشكل مستقل في المنطقة دون مصادقة “حزب الله” ودون معرفته؛ هكذا. ونشرت وكالات الإعلام الخبيرة بالشؤون الإيرانية بأن إيران و”حزب الله” عرفا من قبل عن نية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، بل تم إعطاء تعهد مسبق من “حزب الله” بالسماح بإطلاق الصواريخ من المنطقة في حالة “تدنيس” المسجد الأقصى من قبل إسرائيل. وكشف موقع أخبار لبناني أن قائد “فيلق القدس”، إسماعيل قاآني، التقى في السفارة الإيرانية في بيروت في 6 نيسان في المساء الذي أعقب إطلاق الصواريخ من لبنان نحو شمال إسرائيل، مع رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري، ومع شخصيات رفيعة في “الجهاد الإسلامي” وجهات لبنانية مقربة من “حزب الله”. وأشير إلى أن الطرفين أقاما معاً وجبة إفطار، تحولت إلى غرفة عمليات مشتركة لتنسيق نشاطات أخرى. بعد يومين، التقى حسن نصر الله، وفداً لحماس برئاسة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية. نشر في الموقع الرسمي لـ”حزب الله” أن الطرفين ناقشا التطورات الأخيرة المتعلقة بالساحة الفلسطينية، من بينها الأحداث في الحرم. يصعب التخمين بأن هذه اللقاءات كانت ستجري لو انحرفت حماس عن قواعد اللعب التي تم تنسيقها بين أعضائها و”حزب الله”.
المنطق المنظم لتطور الحدث متعدد الجبهات، والإرهاب والعنف في القدس، والإرهاب ضد المفترقات وضد الإسرائيليين والمستوطنين، وإطلاق الصواريخ وصواريخ الكتف ضد الطائرات من قطاع غزة، وصلية صواريخ من جنوب لبنان، وإطلاق صواريخ من هضبة الجولان – كل ذلك من قبيل اندماج المحاور: محور المقاومة الفلسطينية الذي تقوده حماس والجهاد الإسلامي، ومحور إيران – حزب الله. هذا الاندماج له عدة أسس: 1- “حزب الله” يقدر أنه يمكن توسيع معادلة القوة أمام إسرائيل بواسطة وضع قواعد لعب جديدة على الحدود الشمالية من تحت مستوى التصعيد لحرب، ما دام يشغل امتدادات فلسطينية 2- يقدر “حزب الله” وإيران بأنه يمكن العمل بهذا الاتجاه على قاعدة أن إسرائيل غير قادرة على شن حرب في كل الساحات في الوقت نفسه بسبب عدم تقدير قوة إسرائيل، ولا سيما إزاء ما يحدث في ساحتها الداخلية: انقسام الشعب، وظاهرة رفض الخدمة (عدم التطوع) وتآكل صورة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو؛ من زعيم قوي ومستقر إلى زعيم ضعيف لا يسيطر على حكومته 3- التطلع إلى جباية ثمن من إسرائيل مقابل استمرار هجمات الطائرات بدون طيار ضد أهداف محور إيران – “حزب الله” في سوريا، لا سيما بعد قتل ضابطين من حرس الثورة الإيراني ومقاتلين من “حزب الله” وتصفية قائد رفيع من الجهاد الإسلامي في سوريا 4- وقف عملية التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي، وفي المقابل تقدم التطبيع الموازي بين إيران وتابعتها سوريا والعالم العربي 5- خوف الإدارة الأمريكية من احتمالية مواجهة في الشرق الأوسط، لا سيما في موازاة الحرب المتواصلة في أوكرانيا، والتوتر المتزايد بينها وبين الحكومة اليمينية في إسرائيل.
إنجازات حماس في جولة التصعيد حتى الآن لا بأس بها. حماس استغلت أحداث الحرم لزيادة دراماتيكية في حجم العمليات والسيطرة الكاملة على الأجندة الفلسطينية والإقليمية. وفي الوقت نفسه، جسدت عدم أهمية السلطة الفلسطينية. هذا رغم لقاءات القمة التي عقدت مؤخراً في العقبة وشرم الشيخ بهدف تنسيق الخطوات التي تمنع التصعيد. نجاح حماس في إطلاق الصواريخ من لبنان نحو إسرائيل يرفع أسهمها ودعمها في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مقابل تآكل مستمر في مكانة التيار الرئيسي، حركة فتح، الذي بقي مخلصاً لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. هكذا، برعاية “حزب الله”، تعزز حماس في ساحة أخرى إضافة إلى ساحة قطاع غزة.

المبادر وقائد التصعيد المسلح ضد إسرائيل في الفترة الأخيرة هو صالح العاروري، المرتبط وحتى المتماهي مع محور إيران – حزب الله في لبنان. ارتفاع مكانته يحدث في موازاة تعزز معسكر حماس المؤيد لتوجه إيران، أمام معسكر يحيى السنوار رئيس حماس في القطاع، الذي يؤيد الارتكاز على العلاقات مع مصر، وأمام قيادة حماس في الخارج، التي لها توجه قطري. تقارب حماس والجهاد الإسلامي مع محور إيران – حزب الله يأخذ وزناً أكبر في ضوء التوجهات الإقليمية: تقارب بين إيران والسعودية بوساطة الصين، التي كما يبدو ستؤدي إلى إنهاء الحرب مع الحوثيين في اليمن؛ وتحسن العلاقات بين السعودية ومصر وبين نظام الأسد، الذي يتوقع أن يقود إلى عودة سوريا إلى صفوف الجامعة العربية في المؤتمر الذي سيعقد في الرياض في أيار القادم. التحديات الموجودة أمام العلاقات بين إسرائيل والأردن ومصر في أعقاب سياسة حكومة إسرائيل في الساحة الفلسطينية.
خلاصة وتوصيات

التصعيد متعدد الساحات يجسد اندماجاً لمحور المقاومة الفلسطينية الذي يستند إلى حماس والجهاد الإسلامي مع محور إيران – حزب الله، الذي يحاول السيطرة على النضال الفلسطيني ضد إسرائيل، طبقاً لاحتياجاته، وفي الوقت نفسه يوسع حجم رده على هجمات إسرائيل ضد أهداف إيرانية وأهداف لـ”حزب الله” في سوريا بواسطة تشجيع وزيادة الإرهاب الفلسطيني (توحيد الساحات وتهريب السلاح والأموال)، للعمل ضدها. وبخصوص توقيت التصعيد فهذا يرتبط بعلاقة وطيدة مع الأزمة الداخلية الإسرائيلية ويعكس جرأة كبيرة لأعدائها ومحاولة فحص هل ضعفت حصانتها وسنحت فرصة لتغيير قواعد اللعب أمامها.

اندماج المحاور له أهداف مشتركة، وهي: 1- تثبيت إسرائيل في حدودها عن طريق زيادة عدم الاستقرار الأمني والإرهاب على أراضيها من أجل السماح باستمرار ترسخ محور إيران – حزب الله في المنطقة الشمالية، وحتى إزالة عوائق من طريق إيران نحو الذرة، دون خوف حقيقي من محاولة إسرائيلية لوقفها 2- تعزيز الذراع العسكري لحماس، الموجود في لبنان، وإقامة بنية تحتية إرهابية برعاية مظلة الردع لـ”حزب الله” للقيام بعمليات إرهابية في القدس وإسرائيل والضفة الغربية وأيضاً من جنوب لبنان، وأن تتفوق على قيادة حماس في القطاع برئاسة يحيى السنوار، التي تركز على ترميم القطاع والتي هي خاضعة لنفوذ مصر 3- تسريع انتهاء عهد السلطة الفلسطينية بالصيغة الحالية 4- إثارة العرب مواطني إسرائيل حول سلوك حكومة إسرائيل في الحرم من أجل إشعال الشارع العربي في إسرائيل 5- المس بعملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية وإحداث شرخ في اتفاقات السلام بينها وبين الأردن ومصر.

إذا تواصل اتباع سياسة الرد والاستيعاب من جانب حكومة إسرائيل، سيواصل أعداؤها محاولة إملاء قواعد اللعب. إذا لم يتم كبح عملاء الفوضى في صفوف الحكومة الإسرائيلية واستمروا في إشعال المواجهات في الحرم والساحة الفلسطينية، هذا بموازاة مواصلة الصراعات الداخلية حول الديمقراطية، فربما يسيطر المحور الشيعي على محور المقاومة الفلسطينية، ويقود خطوات استفزازية ومتحدية مندمجة ضد إسرائيل.

بناء على ذلك، على الحكومة الإسرائيلية تقليل الاستقطاب والتوتر في المجتمع الإسرائيلي، التي يفسرها أعداء إسرائيل بأنها تضعف قدرتها على مواجهتهم في كل الساحات. في الوقت نفسه، على إسرائيل خفض التوتر في الساحة الفلسطينية والتمسك بالوضع الراهن في الحرم حسب القرار الذي اتخذ في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، ومحاولة تعزيز السلطة الفلسطينية والتنسيق الأمني معها. هكذا يمكن لإسرائيل التركيز على ثلاثة مجالات، وهي: ترميم قواعد اللعب مع “حزب الله” في لبنان وإعادة فحص “معادلة الردع المتبادلة” التي تمنع إسرائيل من العمل أيضاً ضد البنى التحتية الإرهابية لحماس في لبنان؛ ووقف طريق إيران نحو القنبلة النووية والتركيز على الساحة الشمالية وبذل الجهود للسيطرة على الساحة الفلسطينية؛ وإضعاف مكانة حماس الآخذة في التعزز في الساحة الفلسطينية.

أودي ديكل

نظرة عليا 17/4/2023

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا