الرئيسيةأخباراسرائيليةصحيفة عبرية: “تجنيد” برعاية الحريديم.. هكذا يتحول الجيش الإسرائيلي إلى “عنصر أجير”

صحيفة عبرية: “تجنيد” برعاية الحريديم.. هكذا يتحول الجيش الإسرائيلي إلى “عنصر أجير”

كلما اقترب الموعد الذي يتعين فيه على الحكومة أن تعرض قانون التجنيد، وكلما اقترب موعد إجازة الميزانية وتعاظم ضغط الأحزاب الحريدية لترتيب التجنيد كما تشاء وإلا فسيسقطون الحكومة، يعود هذا الموضوع المشحون ويتحول من مشكلة جوهرية تهدد وجود جيش الشعب ومستقبل الاقتصاد الإسرائيلي إلى أداة مناكفة في إطار سياسة الهويات في إسرائيل.
التسوية التي توصل إليها دافيد بن غوريون مع رؤساء الجمهور الحريدي في بداية أيام الدولة تضخمت إلى حجوم تلمس واحداً من كل ستة أبناء مرشحين للخدمة الأمنية، وإلى قطاع كامل يقدر معدل عمل الرجال فيه بنحو نصف معدله في عموم السكان. نشأ في السنوات الأخيرة خط تفكير يرى في محاولة الوصول إلى المساواة في العبء مهمة متعذرة، ولهذا فإنه يركز على الاقتصاد: فليخرجوا إلى العمل وإلا فإن الاقتصاد الإسرائيلي لن يصمد
المشكلة مع هذا التفكير المنطقي هي: اعتراف رسمي من الدولة وبالتأكيد بالقانون، بأن قطاعاً كاملاً من الجمهور معفي من الخدمة، سيؤدي إلى انهيار التجنيد الإلزامية بعامة. فالجمهور العام لن يوافق على التجنيد، فضلاً عن الاحتجاج الذي سينشب في أوساط رجال الاحتياط. كان هذا صحيحاً دوماً، وهو صحيح بخاصة في الظروف المتفجرة الحالية، حين تصبح خدمة الاحتياط (وفي المرحلة التالية أيضاً التجنيد للجيش) ذخراً قيمياً موضوعاً على الطاولة في الجدال على صورة إسرائيل.
كل من يتحدث عن “جيش مهني” أي جيش أجيرين – متطوعين، يتجاهل أن التجنيد الإلزامي حيوي للحفاظ على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي. في الحجوم اللازمة للجيش في إسرائيل – جيش كهذا سيكون باهظاً أكثر، وناجعاً أقل، ويتشكل في أساسه من القطاعات الضعيفة في المجتمع.
وعليه، يجب أن يكون الحل مركباً ومتوازناً وشاملاً؛ بمعنى أنه لا يتعلق فقط بنموذج التجنيد، بل في مبنى القوة البشرية في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك رجال الدائم والاحتياط. قبل سنة، عرضت نموذجاً كهذا في إطار معهد بحوث الأمن القومي. بعض من تفاصيله موجود في المخططات التي طرحها وزير الدفاع ووزير المالية في الآونة الأخيرة: تقصير كبير في مدة الخدمة الإلزامية الأساسية للبنين (في ظل مساواتها مع مدة الخدمة للبنات والتصنيف حسب المنصب وليس حسب النوع الاجتماعي)؛ وخدمة أطول ومتفاوتة للمقاتلين وذوي المهن اللازمة، مع ثواب محسن يشكل أيضاً أساساً أصح لنماذج مشابهة في الدائم والاحتياط.
لكن من هنا يسير غالنت وسموتريتش شوطاً أبعد إلى مطارح غير واقعية بل وخطيرة؛ فوزير المالية يتحدث عن تخفيض سن الإعفاء للحريديم إلى 21، الأمر الذي معناه تقريباً مشابه للإعفاء المطلق، والذي كما أسلفنا سيدمر التجنيد الإلزامي بعامة. أما وزير الدفاع فيذكر أرقام الثواب المالي للخادمين تقدر في المالية بين 6 و10 مليارات شيكل (بالطبع فوق العلاوة الكبيرة التي تلقاها الجيش لميزانيته متعددة السنين)، خطوة كلفتها الاقتصادية جسيمة، وستقرب الجيش الإسرائيلي من جيش الأجيرين. سن الإعفاء المقترح من وزير الدفاع هو 23، وهو رقم ليس هنا وليس هناك، ولا يحسن العمل ولا ينطوي على المطلب القيمي للخدمة.
الحلقة الناقصة في تصريحات الوزيرين (والتي هي على الورق في غياب الاتفاق بين المالية والدفاع) هي خدمة مدنية – أمنية في مهام حفظ النظام، والإطفائية، والنجدة والإنقاذ، وباقي احتياجات أمن الجبهة الداخلية في الأيام العادية وفي الطوارئ. هذه احتياجات أمنية حقيقية، إذ إن الجبهة الداخلية اليوم في خطر كبير لا يقل عن الجبهة. وسيكون ممكناً توجيه فائض القوة البشرية نتيجة للارتفاع في دورات التجنيد، وكذا جماعات أهلية لا تتجند مثل الحريديم، وفي وقت لاحق الجمهور العربي أيضاً.
هذه الخدمة ستكون متساوية في طولها وشروط الخدمة الإلزامية الأساس. في كل الظروف، ستبقى سيطرة جهاز الأمن على التجنيد والتوجيه لضمان جودة الجيش الإسرائيلي.
الجواب الوحيد لمسألة التجنيد هو نموذج كامل فيه جواب، سواء على احتياجات القوة البشرية للجيش في النظامي، وفي الدائم والاحتياط، والحفاظ الكافي على الفكرة التي بقوتها فقط يحفظ التجنيد الإلزامي. كل جواب آخر معناه تسويات سياسية ومواجهات مع المحكمة، التي لن يكون لها مفر غير شطبها. وبالطبع، قانون أساس: تعليم التوراة، الذي يندرج في الاتفاقات الائتلافية سيكون دفناً فورياً ومحملاً بالمصيبة لجيش الشعب.
عوفر شيلح
يديعوت أحرونوت 17/4/2023

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا