المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

أية صواريخ..!!

كتب: محمود ابو الهيجاء

في سوق المزايدات الشعبوية، قفز أمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة “من فوق صواريخ يحيى السنوار الـ 1111” ليعلن “أن هناك عشرات الآلاف من صواريخ المقاومة، تحيط بالكيان الإسرائيلي من غزة ولبنان (…!!) والكيان بدأ يشعر بتوازن القوى بفعل ميزان الردع الذي فرضته المقاومة…!!!

هذه أول (مقاومة) بالتاريخ تستعرض صواريخها للتباهي فحسب، إذ من بين عشرات الآلاف من هذه الصواريخ(..!!) ليس سوى مئات منها أطلقت عند الحاجة للترويج لمواقف، وإعلانات حزبية محددة، ولم تحقق هذه المئات من الصواريخ أية خسائر لافتة للاحتلال الإسرائيلي، على الصعيدين المادي والبشري، والردع الوحيد الذي حققته هذه الصواريخ، كان في الواقع ردعًا لها، بتفاهمات التهدئة، التي جاءت بعد حرب عام 2014 التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وجعلت منه جريحًا ما زال ينزف حتى اللحظة.

هل نذكر بالقصف الإسرائيلي الذي اغتال عددًا من قيادات الجهاد الإسلامي في غزة، ولم تحرك حماس ساكنًا، بل إنها وبعد تهديدها للاحتلال الإسرائيلي بأنها ستزلزل الأرض من تحت أقدامه، إذا ما تجاوز الخط الأحمر في الأقصى، لم تطلق رصاصة واحدة تجاه قوات الاحتلال، من القطاع المكلوم، وذهبت مع “الجهاد الاسلامي” بترتيبات إيرانية عبر “حزب الله”: إلى جنوب لبنان، (..!!) لتطلق من هناك بضعة صواريخ، ثم أنكرتها بعد ذلك…!!!

إلى جانب هذا الواقع يبقى السؤال الأهم: هل من مهمات المقاومة المسلحة، تحقيق (توازن القوى، وميزان الردع) وهذا ميزان، وتوازن، لا يكون سوى بين دول، أم أنها لا بد أن تكون صاحبة برنامج نضالي متكامل، ومتواصل في ضرباته وعملياته، لتحقيق انتصارها بهزيمة العدو..؟ وهل ثمة مقاومة دون جبهة وطنية موحدة، وحركة حماس، و”الجهاد الإسلامي” ما زالتا مجرد لاعبين، وكأدوات في الساحة الإقليمية…!!!

مسؤول حماس في غزة يحيى السنوار يدعو الدول العربية والإسلامية إلى الوحدة والتكاتف، والجهاد تتحدث عن “وحدة الساحات” والطرفان لا يلقيان نظرة واحدة على واقع الساحة الفلسطينية، ليقولا شيئًا عن ضرورة وحدتها، ولا يدعوان إلى هذه الوحدة..!!

ثم إن للمقاومة تاريخًا، لم تكن حماس، ولا الجهاد من صناعه، وسجلاته التي ما زالت حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” تدون فيها أشكالاً متنوعة من المقاومة الفاعلة، ليست هي سجلات هذين الفصيلين الدائرين في فلك تلك العواصم الإقليمية..!!!

لقد شبعنا من خطب الصواريخ التي يبدو أنها لتحقيق توازن التفاهمات، لا لتوازن القوى، هذا التوازن الذي يحتاج إلى أكثر من الصواريخ بكثير ليتحقق، لا على صعيد الأسلحة فحسب، وإنما كذلك على كل صعيد يتعلق بالصراع. وإذا كنا سنتحدث عن توازن القوى المعنوي، فإن الوحدة الوطنية هي السلاح الأمضى في هذا الإطار، وهي التي لا تحقق التوازن فقط، وإنما التفوق كذلك.

لقد حقق الاحتلال الإسرائيلي بإعادة انتشاره العسكري من حول قطاع غزة، ضربة موجعة للوحدة الوطنية الفلسطينية، وهو يمهد بهذا الانتشار لحركة حماس، لتحقيق الانقسام البغيض في الساحة الفلسطينية وهذا ما حدث، وما زالت حماس ترعى هذا الانقسام رعاية الأم الرؤوم لوليدها..!!!

بين غزة ولبنان التي قال النخالة إن فيها عشرات الآلاف من الصواريخ من حول إسرائيل، ثمة الضفة الفلسطينية المقاومة، ثمة القدس، والأقصى، وحيث الهتاف والمرابطة ما زالا هما من يواجه الاحتلال وعنجهيته الفاشية.

يبقى أن نقول: ماذا تفعل صواريخ المقاومة، التي تقول إنها فلسطينية على أرض لبنانية، إن لم تكن غير ذلك تمامًا…؟؟ لا سيما وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن زياد النخالة عندما وصل بغداد قبل فترة قليلة، توجه للسفارة الإيرانية هناك، واجتمع مع السفير الإيراني قبل أي مسؤول عراقي..!!!

المصدر: الحياة الجديدة

Exit mobile version