الرئيسيةمختاراتمقالاتكيف أثرت إيران على الوضع الاقتصادي في غزة ولبنان؟

كيف أثرت إيران على الوضع الاقتصادي في غزة ولبنان؟

كتبت: إيمان عنان*

يعاني قطاع غزة منذ عام 2007، بسبب الحصار الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي، والذي أثر سلبياً على الاقتصاد الغزي، حيث ارتفعت الأسعار، وصعدت نسبة الفقر والبطالة، وسيطر الاحتلال على المجال الجوي والبحري والبري، كما عانت غزة من ويلات الحروب التي أثرت على البنية التحتية والمرافق الزراعية والصناعية والتجارية.
يمثل عودة العلاقات بين إيران وحركة حماس الفلسطينية، عقب الخطاب الذي وجهه الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لقيادات حركة حماس بعد التصعيد الفلسطيني الإسرائيلي الأخير، تفاقم للوضع الاقتصادي السئ في قطاع غزة، لاسيما مع طلب الرئيس الإيراني صراحة للفلسطينيين باستمرار قتال إسرائيل، مما يعني مزيداً من العنف والدم في قطاع غزة، حيث إن عودة العلاقات قد يساعد حماس في فرض مزيد من السيطرة على المواطنين في قطاع غزة، ودفع الحركة لتصعيد الحرب مع إسرائيل، والتي دائما ما يدفع المدنيون في القطاع ثمنا باهظا لها.
يقول خبراء ومراقبون أن إيران توفر دعما ماليا وسياسيا لحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي المعاونة لها، كما توفر التكنولوجيا والهندسة والتدريب لحركة حماس لتطوير صواريخ محلية وطريقة استخدامها، وإطلاقها باتجاه إسرائيل.
يساهم هذا الدعم المالي لحركة حماس من الخارج في تشديد قبضتها على القطاع، والاهتمام بالاستراتيجية العسكرية، بعيدا عن أي تنمية محلية، حيث تبين أرقام الجهاز المركي للإحصاء الفلسطيني، أن أكثر من ٦٤٪ من أهالي غزة يعيشون تحت خط الفقر، وأن ٧٠٪ يعانون من انعدام الأمن الغذائي. إلى جانب ذلك، فغالبية الشباب يعانون من البطالة وانخفاض الدخل، و٧٨٪ منهم يفكرون في مغادرة القطاع، سواء بطرق شرعية أو غير شرعية.
التشجيع الإيراني لحماس يزيد من التصعيد، وسيكون له خسائر دموية على القطاع، لا يخسر المدنيون أرواحهم بحسب في هذا التصعيد، ولكن أعمالهم ومنازلهم ومبانيهم. ففي أغسطس الماضي، قتل ٤٨ فلسطينيا بينهم ١٦ طفل و٤ سيدات، وأصيب ٣٦٠ أخرين، خلال الاشتباكات التي وقعت في أغسطس من العام الماضي. كما تسبب القصف الإسرائيلي في تدمير واسع للمباني والأراضي الزراعية، والمستشفيات ومحطات الكهرباء.
وفي عام ٢٠٢١، تسبب القصف الجوي الإسرائيلي للقطاع في مقتل ٢٤٣ فلسطينيا بينهم ٦٦ طفلا وإصابة أكثر من ١٩٠٠ آخرين.كما أدت الخسائر إلى نزوح أكثر من ٧٥ ألف فلسطينيي، وتدمير العديد من المدارس والمستشفيات. ووصلت الخسائر الصناعية أكثر من ٤٠ مليون دولار، وخسائر بـ ٢٢ مليون دولار لقطاع الطاقة و٢٧ مليون لقطاع الزراعة.
وبالنظر إلى لبنان، نجد أنها تعرضت لأزمات متعددة الأبعاد منذ سنوات، إذ تفاقمت الأزمة الاقتصادية والمالية، التي بدأت في أكتوبر 2019 بفعل التداعيات الاقتصادية المزدوجة لتفشي جائحة كورونا والانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس 2020، حيث هوى إجمالي الناتج المحلي الاسمي من قرابة 52 مليار دولار في 2019 إلى ما يقدر بنحو 23.1 مليار دولار في 2021، وأعاد البنك الدولي في يوليو 2022 تصنيف لبنان ضمن الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، نزولاً من وضع الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل.
انزلاق لبنان إلى دوامة الأزمات الاقتصادية، وارتفاع أسعار الاستهلاك، لا يرتبط فقط بما يعيشه الاقتصاد العالمي من تضخم ، بل هو ناتج عن عجز النخبة السياسية التي يفرقها التحزب والطائفية ويمنعها من تشكيل حكومة، واستمرار انهيار العملة المحلية، التي فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها، مما انعكس ارتفاعاً بأسعار السلع المستوردة، والخدمات وحتى السلع المصنعة محلياً نظراً لارتباط كلفة انتاجها، بأسعار الطاقة والمواد الأولية المستوردة.
ولا يرجع هذا الانهيار المفاجئ والشديد إلى العوامل الاقتصادية فقط، فالفساد وجهاز الدولة الضعيف يشكلان جوهر سياسة حزب الله، حيث تنظر إيران إلى لبنان كرهينة، وبالتالي لا ترى حاجة إلى اعتماد سياسة اجتماعية واقتصادية قوية للبنان، يعني أن بناء لبنان مزدهر نشوء دولةً أكثر قوة، الأمر الذي لا يصب في مصلحة إيران و”حزب الله”، فالرهينة يجب أن تبقى ضعيفة وخائفة.
الذي يهم إيران هو كيفية الحفاظ على فرض سيطرتها على لبنان وتعزيزها، سواء بقي مواطنوها أو غادروا. وفي هذا السياق، أدّت أسلحة “حزب الله” أو تهديده باستعمال القوة المسلحة، إلى إبعاد الأدوات المؤسسية والديموقراطية التي يستخدمها لبنان ويُظهرها للعالم كله. وفي أي مواجهة بين أوراق الاقتراع والرصاص، دائماً ما يكون هذا الأخير أعلى صوتاً.
إذا استمر هدف «حزب الله» اليوم بالحفاظ على سيطرته واستعادة القوة التي فقدها في الانتخابات النيابية من خلال فرض خياره للرئيس المقبل ورؤيته للحكومة المقبلة، سيستمر في منع أي محاولات لإصلاح المؤسسات وسيصبح الحزب الأكثر قدرة على الوصول إلى العملة الصعبة في لبنان. وسيستخدم جميع الأدوات الممكنة لفرض سيطرته على المدى الطويل على لبنان، حتى لو كان ذلك يعني تغيير الدستور أو إلغاء “اتفاق الطائف”. وسيكون ذلك المسمار الأخير في نعش لبنان كما عهدناه.
ولكن بعد أن كشفت الاحتجاجات الوجه الحقيقي لـ “حزب الله”، والذي أدى إلى خسارته للأغلبية البرلمانية في مايو 2022. هناك توقعات بأن تشهد شعبية حزب الله المزيد من التراجع، وقد يستمر ذلك في التأثير على الانتخابات البلدية المقبلة والانتخابات النيابية المستقبلية. كما قد يستمر التنظيم في خسارة الناخبين والحلفاء، وفي نهاية المطاف، سيصبح خطر فقدانه سلطة صنع القرار حقيقة واقعة، ولاسيما بعد أن وافق حزب الله على الاتفاق البحري الذي وقعه لبنان مع إسرائيل في أكتوبر 2022 من أجل تجنب الصراع مع إسرائيل، كان لذلك تداعيات على خطاب التنظيم إذ توجب على «حزب الله» أن يعترف بوجود دولة معادية ويقبل بعقد صفقة دبلوماسية معها. وتضررت صورة المقاومة بشدة نتيجة لذلك.
يلعب فرض المزيد من العقوبات على حلفاء «حزب الله» دوراً مساعداً بالتأكيد، غير أن الوقت قد حان لقيام دول العالم بإصدار العقوبات التي كانت تناقشها منذ عام 2019. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يشكل التحالف مع «حزب الله» مخاطرة كبيرة، فلا ينبغي السماح للحلفاء بزيارة الولايات المتحدة أو أوروبا أو حتى امتلاك حسابات مصرفية وأصول في أي من هذه الدول.
*باحثة سياسية

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا