الرئيسيةمختاراتمقالاتالسعوديّة "النوويّة": إلى الصين دُر

السعوديّة “النوويّة”: إلى الصين دُر

كتبت: إيمان شمص

مرّة أخرى حرّرت واشنطن الرياض من قيد العلاقة معها، وذلك من خلال عدم تجاوب الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية لتطوير برنامج الطاقة النووية. وإن كان ذلك قد يعيق السرعة التي كان يتوخاها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في سياق خطته الاقتصادية للحد من الاعتماد على النفط، إلا أنّه سيكون دافعاً لينتقل إلى خيارات أخرى مع قوى عالمية أخرى، بما فيها الصين.
الوجهة السعودية في سياق التطوير الاقتصادي المُنتج، أثارت قلق الأميركيين، حسب صحيفة “نيويورك تايمز”، التي نقلت عن مسؤولين قولهم إنّه “بفضل التكنولوجيا الصينية أصبحت المملكة الآن قادرة على بناء صواريخها الخاصة”.
الباعث الأكبر على قلق الأميركيين هو تصميم الأمير محمد بن سلمان على تحقيق استقلال أكبر عن واشنطن إثر بروز عالم متعدّد الأقطاب تلعب فيه الولايات المتحدة الأميركية دوراً أقلّ هيمنة.

ماذا وراء الضغط السعوديّ من أجل الطاقة النوويّة؟
تحقيق “نيويورك تايمز” أعدّه مراسلوها من واشنطن والرياض وتايوان وكوريا الجنوبية. وهم أوضحوا أنّ “السعوديين محبطون” من جرّاء عدم توصّل المباحثات مع الولايات المتحدة إلى أيّ نتائج بشأن مساعي الرياض الرامية إلى تطوير برنامج للطاقة النووية بهدف تقليل الاعتماد على النفط والحصول على طاقة نظيفة. وقد طال أمد المحادثات حول الشراكة النووية.
يرجع السبب في ذلك إلى رفض الحكومة السعودية القبول بشروط تهدف إلى منعها من تطوير أسلحة نووية أو مساعدة دول أخرى على القيام بذلك. لهذا تستكشف القيادة السعودية الآن خيارات للعمل مع دول أخرى، بما في ذلك الصين أو روسيا أو دولة حليفة للولايات المتحدة، مع استمرار تجديد المساعي مع واشنطن، شريكها المفضّل، من خلال عرض تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل تعاون الولايات المتحدة في بناء مفاعلات نووية وضمانات أخرى.

كشف مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون أنّ الصين طوّرت ترسانة صواريخ باليستية سعودية على مدى عقود، وأرسلت ضبّاطاً عسكريين للعمل في البرنامج

استراتيجية وليّ العهد
في رأي بعض المحلّلين أنّ ذلك جزء من استراتيجية بن سلمان للضغط على واشنطن للعمل مع الحكومة السعودية بشروطها الخاصة. بينما يقول آخرون إنّ الأمير يرى عالماً ناشئاً متعدّد الأقطاب تلعب فيه الولايات المتحدة دوراً أقلّ هيمنة، ويشيرون إلى الاتفاق الأخير الذي عُقد في آذار بوساطة من الصين وأدّى إلى تقارب دبلوماسي سعودي مع إيران.
تثير الجهود النووية السعودية شبح الخوف من انتشار الأسلحة النووية مجدّداً، وهو ما يقلق بعض المسؤولين الأميركيين، وفقاً لكُتّاب التقرير، ولا سيما أنّ “بن سلمان أوضح أنّ السعودية ستطوّر أسلحة نووية إذا فعلت إيران ذلك… وأنّ له الحقّ في استغلال رواسب اليورانيوم الهائلة المحتملة في المملكة من أجل الطاقة والتصدير”.
من شأن ذلك أن يؤمّن مصدر دخل جديداً للمملكة، ويمنحها ثقلاً جيوسياسياً أكبر. وعملياً تساعد الصين بالفعل السعودية على التنقيب عن اليورانيوم. وكان اللافت في مؤتمر عُقد في الرياض في كانون الثاني الماضي، قال خلاله وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان إنّ خطط تخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي، بما في ذلك للتصدير، هي “أكثر أهميّة” من مشاريع المفاعلات المقترحة في المملكة. وقالت وزارة الطاقة في بيان إنّ المناقصة لإنشاء مفاعلين تضمّنت “مزوّدي تكنولوجيا متعدّدين”.

أسباب المملكة في استخدام الطاقة النوويّة
وفقاً للتقرير “تثير طموحات السعودية لتخصيب اليورانيوم قلق بعض المسؤولين الأميركيين، حتى لو كان تحوُّل السعودية إلى الطاقة النووية يتماشى مع دعم إدارة بايدن للطاقة المنخفضة الكربون”.
ونُقل عن الباحث في معهد دول الخليج العربي بواشنطن حسين إيبيش قوله إنّ “لدى السعودية أسباباً مشروعة لاستخدام اليورانيوم لإنتاج الطاقة من أجل بيع ما بقي من نفطها قبل نفاد النفط أو انهيار السوق أو حدوث شيء آخر”.
وأوضح التقرير أنّ الولايات المتحدة تطالب الدول بالوفاء بمعايير عالية لمنع انتشار الأسلحة النووية قبل التعاون في أيّ برنامج نووي، بما في ذلك بعض حالات حظر تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود في أراضيها.
رفض مسؤولون سعوديون الالتزام بالقيود التي من شأنها تقويض هدفهم المتمثّل في تخصيب اليورانيوم وبيعه. بينما أبرمت كلّ من الإمارات العربية المتحدة، جارة السعودية، وتايوان اتفاقيات مع الولايات المتحدة لحظر تخصيب الوقود وإعادة معالجته. وفي هذا السياق ظهرت سياسة الكيل بمكيالَين، إذ قال النائب الديمقراطي رو خانا في مقابلة ردّاً على سؤال للصحيفة عمّا إذا كان سيدعم اتفاقاً يسمح للسعودية باستخدام التكنولوجيا النووية الأميركية: “أبداً، على الإطلاق. لا نطمح إلى ذلك أبداً”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وسعوديين اشترطوا عدم الكشف عن هويّتهم أنّ إدارة بايدن “ملتزمة بدعم انتقال السعودية إلى الطاقة النظيفة بما في ذلك جهودها لتطوير برنامج سلميّ للطاقة النووية”. وأضافت أنّ الولايات المتحدة تطلب “أعلى المعايير الدولية” بشأن “السلامة ومنع الانتشار وضوابط التصدير والأمن المادّي”، علماً أن وزارة الطاقة السعودية أشارت إلى أنّ “برنامج الطاقة النووية السلمية” للمملكة سيستند إلى “الشفافية وأفضل الممارسات الدولية”.

الوجهة السعودية في سياق التطوير الاقتصادي المُنتج، أثارت قلق الأميركيين، حسب صحيفة “نيويورك تايمز”، التي نقلت عن مسؤولين قولهم إنّه بفضل التكنولوجيا الصينية أصبحت المملكة الآن قادرة على بناء صواريخها الخاصة

محاولة مع كوريا.. واتّفاق مع الصين
بينما تصرّ إدارة بايدن على ضمانات معيّنة، يواصل المسؤولون السعوديون التركيز على الشركات غير الأميركية. وكان من بين الشركات الجذّابة، شركة “كيبكو” الكورية الجنوبية للطاقة الكهربائية التي أفاد متحدّث باسمها أنّها “تتحدّث مع المسؤولين الأميركيين بشأن البرنامج النووي، وهي مهتمّة بالعمل مع السعودية”، لكنّه رفض الخوض في التفاصيل، مشيراً إلى اتفاق السرّيّة مع السعوديين.
لم يستبعد التقرير أن تمنع حكومة كوريا الجنوبية، وهي حليف للولايات المتحدة، الشركة من المشاركة في المشروع إذا لم تدخل السعودية في اتفاقية صارمة لمنع انتشار الأسلحة النووية مع الحكومة أو مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وسيكون لشركات المناقصة الفرنسية موقف مماثل. وحسب تقرير الصحيفة، فإنّ الرياض لن ترغب في العمل مع موسكو بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا عليها.

وفقاً للتقرير، كشف مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون أنّ الصين طوّرت ترسانة صواريخ باليستية سعودية على مدى عقود، وأرسلت ضبّاطاً عسكريين للعمل في البرنامج، وأنّه بفضل التكنولوجيا الصينية، أصبحت المملكة الآن قادرة على بناء صواريخها الخاصة.
وختم التقرير: “قد يكون برنامج الصواريخ منفصلاً عن أيّ جهد للطاقة النووية، لكنّه يُظهر مدى تعاون الصين الوثيق مع السعودية في مشاريع عالية التقنية وحسّاسة جدّاً”.

*شارك في إعداد التقرير: إدوارد وونغ في واشنطن، وفيفيان نيريم في الرياض، وكيت كيلي في الرياض وواشنطن، وكريس باكلي في تايبيه بتايوان، وجون يون وجين يو يونغ في سيول.

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا