المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

دروس معارك غير مستفادة

نبض الحياة

كتب: عمر حلمي الغول

في الصراع مع الأعداء تفرض ضرورات العمل الكفاحي مراكمة الدروس والعبر من كل معركة، وتدوينها في كتاب الصراع المفتوح باليوم والتاريخ وعدد الشهداء والجرحى والمنازل والمؤسسات والبنى التحتية التي دمرت، والاليات التي اتبعها العدو ضد اذرع المقاومة الوطنية، ومسميات معاركه المختلفة، والربط بين تاريخ كل عملية وتاريخ الصراع المديد واستحضار البعدين الديني اللاهوتي واساطيره والمعارك خلال القرن ونصف الماضية، والشرطين الذاتي والموضوعي، لاستخلاص الدروس بهدف تدريسها للمقاومين من الأجيال الجديدة، وحتى لا تذهب مع الريح، وتفقد قيمتها واهميتها.
لكن من الواضح ان القيادات السياسية والعسكرية الفلسطينية من مختلف الفصائل العلمانية الوطنية او الاسلاموية بخلفياتها العقائدية والسياسية المختلفة لم تتعلم، ولم تراكم، ولم تراجع تجاربها الراهنة والآنية، ولا الوسيطة ولا القديمة، مع ان هناك الكثير من المختصين في الحقلين السياسي والعسكري فلسطينيين وعرب وأجانب سجلوا قراءاتهم لكل معركة وارتباطاتها بالحاضر والماضي، واستشرفوا آفاقها سلبا وايجابا، او عالجوا بعض زواياها المهمة والمفيدة.
ومن الدروس السياسية الهامة للعملية العسكرية فجر امس الثلاثاء الموافق التاسع من أيار / مايو الحالي (2023) ضد قادة حركة الجهاد الإسلامي في محافظات غزة وعنوانها “السهم الواقي” او “درع وسهم”، تزامنها مع ذكرى الانتصار على النازية الهتلرية والفاشية الإيطالية قبل 78 عاما خلت مع نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، والتي نتج عنها خلق وريث نازي جديد كان يتبلور في مخاض الولادة الأخير لتأسيس دولة إسرائيل اللقيطة، ممثلا بعصابات الحركة الصهيونية الاجرامية، التي ارتكبت عشرات المذابح والمجازر والمحارق ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني برعاية ودعم جيش دولة الانتداب البريطانية، وواصلت مسلسل الدم والتطهير العرقي حتى اقامت إسرائيل على انقاض نكبة الشعب في أيار / مايو 1948. هذا درس آخر التزامن مع ذكرى تأسيس دولة النكبة الفلسطينية. ولم تتوقف يوما دولة اسبارطة الصهيونية عن طريق وخيار انتاج وإعادة انتاج المحرقة في كل محطة من محطات الصراع العربي الصهيوني، والذي تحول بفضل انكفاء الأنظمة العربية وتوقيع بعض دول الطوق اتفاقيات استسلام مع إسرائيل في نهاية السبعينيات من القرن الماضي الى صراع فلسطيني إسرائيلي، رغم ان قاعدة الارتكاز الوظيفية لدولة المشروع الصهيوني كانت ومازالت تستهدف كل عربي في السلطة او خارجها، امس واليوم وغدا حتى تحقيق اهداف أصحاب المشروع الصهيوني من دول الغرب الرأسمالي وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
ومن الدروس السياسية، تأكيد إسرائيل الفاشية للمرة المليون، انها العدو المباشر والأول للشعب العربي الفلسطيني بمختلف الوان طيفه الفكري السياسي والكفاحي ولا تميز بين فلسطيني وفلسطيني أي كانت خلفيته، حتى لو كان أداة من ادواتها التخريبية فمآله السحق ميتا او حيا بعد الانتهاء من استنزافه مأجورا وعميلا. لكن لا يجوز للوطني الفلسطيني المساواة بين الاثنين، لان القوى والأشخاص المتورطة وظيفيا مع إسرائيل يجب درأ خطرها الداهم من خلال الوقاية منهم، وحصر العلاقات معهم، إن كانوا معروفين كالجماعة الانقلابية المسيطرة على القطاع في اضيق نطاق، حتى لا يدفع الوطنيين الثمن مرة تلو الأخرى ومع ذلك يبقى الحديث عن الوحدة الوطنية ضرورة، دون مغالاة، او اندلاق وتجاهل لعملية الفرز بين الغث والسمين.
ولا اريد ان استرسل في الدروس السياسية العربية والفلسطينية، لاني اود التركيز على أخطاء قيادة حركة الجهاد الإسلامي السياسية والعسكرية، لانها لم تستخلص الدروس قبل وبعد الانقلاب، وكون جزءا من قياداتها رهين اجندته الاخوانية أولا، وعدم التعلم من دروس عمليات الاغتيال المتعاقبة لكوادرها وقياداتها السياسية والعسكرية ومنهم بهاء أبو العطا، الذي اغتيل في نوفمبر 2019، وتيسير الجعبري الذي اغتيل واخوانه في أغسطس 2022 وغيرهم ثانيا؛ لم تقرأ ولم تربط قيادة الجهاد بين اغتيال الشهداء الثلاثة جهاد غنام، القائد العسكري الأول للسرايا، ومساعديه الثلاثة خليل البهتيني، قائد لواء شمال غزة، واللواء طارق عزالدين قائد العمليات في الضفة الفلسطينية، والدكتور جمال خصوان، احد اركان قيادة السرايا، وطمأنة قياداتها، بأنهم في آمان، ولا داعي للخوف، لان اسرائيل لن تتعرض لهم، كونهم مسافرين للقاء مع الاشقاء المصريين، والذي طمأنهم هم جماعة الانقلاب الحمساوي، وهم ذاتهم أعطوا المعلومات الدقيقة عن أماكن اقامتهم وتواجدهم، وهنا من الخطايا الكبيرة منح جماعة الاخوان الثقة، والاعتماد على طمأنتهم، وعدم اخذ الاحتياطات الضرورية، ثالثا؛ والاهم اغفال قيادة الجهاد قرار تصفيتها في القطاع، او قد لا تكون على بينة من ان القرار قد اتخذ بين الأطراف المتضررة من وجودها وثقلها العسكري في القطاع، وكون بقاءها قوية يهدد سيطرة الانقلابيين على القطاع وينعكس سلبا على التعاون بين الاخوان المسلمين مع الإسرائيليين وغيرهم من حلفائهم العرب والمسلمين، رابعا؛ الضربة الإسرائيلية لم تقتصر على اغتيال الشهداء ونساءهم واطفالهم، وانما استهدفت مخازن صواريخهم الثقيلة نسبيا، والذخائر ومقار عملياتهم العسكرية، بتعبير آخر، الضربة كانت متعددة الأهداف لتقليم أظافر سرايا القدس على المستويين النخبة القيادية الأولى، وفي التسليح، وبالتالي تم نزع اظافرها المخربشة، خامسا.
وللموضوع بقية في جوانب مختلفة
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

Exit mobile version