الرئيسيةمختاراتمقالاتأسباب واهمية تأخر الرد

أسباب واهمية تأخر الرد

نبض الحياة

كتب: عمر حلمي الغول

مازالت تداعيات المجزرة الوحشية في قطاع غزة تتعاظم مع مواصلة إسرائيل الفاشية عمليات القتل اليومية، حيث حصدت مجزرتها الوحشية فجر الثلاثاء الماضي (9 أيار) حتى اعداد هذا المقال أمس الأربعاء (10/5) الى ما يزيد عن عشرين شهيدا في المحافظات الجنوبية فقط دون الشهيدين اللذين سقطا امس الأربعاء في قباطية بينهم ستة نساء وأربعة أطفال، وعشرات الإصابات أيضا تجاوزت ال61 جريحا، مما رفع اجمالي الشهداء من بداية العام لاكثر من ال131 شهيدا في مختلف المحافظات. ويعود ارتفاع اعداد الضجايا لان القيادة الإسرائيلية الإرهابية تدفع بالامور نحو حافة الهاوية، وتعمل على تفاقم حدة الصراع لتحقيق أهدافها التكتيكية المرتبطة بمخططها الاستراتيجي، ومنها أولا الرد على عمليات اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان وغزة يوم الخميس الموافق 6 نيسان / ابريل الماضي. لا سيما وانها لم تغلق ملف تصفية الحساب مع مطلقي الصواريخ؛ ثانيا متابعة الحرب على حركة الجهاد الإسلامي حتى تصفيتها، بالتكامل مع ادواتها الفلسطينية، رغم مشاركة بعضها الشكلي في الرد الجماعي امس على اغتيال قادة الجهاد لدر الرماد في العيون؛ ثالثا ترميم التناقضات والتباينات الداخلية بين اركان الائتلاف الحاكم، وخاصة بين نتنياهو واقطاب الصهيونية الدينية الفاشية بزعامة سموتيريش وبن غفير؛ رابعا انسجاما مع برنامج التحالف الحاكم في تل ابيب القائم على توسيع نطاق التطهير العرقي، واسقاط نهائي لخيار حل الدولتين؛ خامسا إعادة الاعتبار لمكانة حكومة الترويكا الفاشية في أوساط الشارع الإسرائيلي بعد ان تآكلت شعبيتها عموما ورئيسها تحديدا؛ سادسا توسيع نطاق الحرب للالتفاف على مظاهرات المعارضة، وتطويق خيارهم؛ سابعا قطع الطريق كليا على خيار السلام، وتبديده بالتلازم مع تصفية القضية الفلسطينية.
اذاً آفاق المعركة ستتراوح بين المد والجزر وفقا للتطورات على الأرض، وارتباطا بالتحركات الإقليمية والدولية، وكون القيادات الإسرائيلية تنتهج تاريخيا منهجية التقدم والتراجع لتمرير برنامجها الكولونيالي باقل الخسائر الممكنة، ودون التوقف للحظة عن خيار المجزرة والمحرقة وإرهاب الدولة المنظم. بمعنى ان الثابت في برامج الحكومات الإسرائيلية الفاشية المتعاقبة منذ تأسيس إسرائيل عام 1948حتى الان يرتكز على قاعدة ناظمة له، حددها قادتها السياسيين والعسكريين: حدود دولة إسرائيل حيثما تصل اقدام جنودها، وإن حدث إنكفاء لسبب ما، يكون التراجع مؤقتا.
ومنذ فجر اول امس الثلاثاء بعد اغتيالها قادة سرايا القدس الأربعة غنام والبهتيني وعزالدين والخصوم وعائلاتهم من النساء والأطفال وهي تنتظر بفارغ الصبر رد حركة الجهاد على جريمتها، واستبقت الرد الفلسطيني باتخاذ سلسلة من الإجراءات الاحترازية، أفرغت سكان مستعمراتها المحاذية للحدود مع قطاع غزة، ونقلتهم الى فنادق تل ابيب، وأوقفت العملية التعليمية، وفتحت الملاجىء في سديروت وعسقلان والعديد من المستعمرات القريبة لمسافة تصل ل40 كيلو متر، واتخذت إجراءات احترازية لتغيير مسار الطيران عن الأجواء القريبة من قطاع غزة، وحتى امس الأربعاء عمقت تغييراتها بشأن هبوط واقلاع الطيران المدني في مطار اللد، وعززت قواتها في غلافها الجنوبي.
مؤكد ان عدم الرد السريع والانفعالي لاذرع المقاومة وخاصة لسرايا القدس اربكها، وادخلها في دوامة الاستنطاق لسيناريوهات خارج الصندوق، وكنت آمل ان تنتظر قوى المقاومة بعض الوقت قبل ان ترد، لان عدم الرد السريع يعطيها الفرصة للتخطيط الأمثل لعمليات الرد الناجع والهادف، والذي يرفع من حكمة وقدرة اذرع المقاومة في تحقيق اكثر من هدف تكتيكي منها: أولا ترك العدو في حالة ارباك، واستنفار لاطول فترة ممكنة؛ ثانيا استنزاف طاقاته العسكرية والمالية الاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية؛ ثالثا تنظيم المقاومة لصفوفها، وإعادة ترتيب بيتها الداخلي، وتجاوز منطق رد الفعل الانفعالي السريع؛ رابعا منحها الوقت لدراسة الخارطة السياسية والعسكرية والبيئة الحاضنة، وفي الوقت نفسه قطع الطريق على إسرائيل وادواتها في القطاع لتنفيذ مخطط التصفية لحركة الجهاد وذراعها العسكري / سرايا القدس؛ خامسا كان ومازال يمكن تنفيذ عمليات فدائية أكثر جدوى من اطلاق القذائف او ما يسمى الصواريخ، وباقل الخسائر البشرية، واكثر نجاعة في ايلام المجتمع الإسرائيلي.
لكن تأخر قيادة الجهاد في الرد، لم يكن ناجم عن فطنة ودهاء، وانما ناجم عن عامل موضوعي، ثمثل في ضرب مركز القرار العسكري الأول، حتى باتت سرايا القدس بلا رأس، فوقع الارباك والفوضى النسبية داخل صفوفها، مما افقدها القدرة على الرد السريع، كما ان بعض مخازنها التسليحية تم استهدافها، وبنك أهدافها يبدو انه لم يكن واضحا ولا جاهزا لدى الكوادر الأقل مسؤولية، الذين تولوا إدارة العمليات بديلا عن الشهداء. فضلا عن ان القيادات من مختلف المستويات اضطرت للاختفاء عن الأنظار، وفقدت حلقات الاتصال فيما بينها لحين من الزمن، وأيضا ارادت انتظار رد فعل قيادة الانقلاب المسيطرة على القطاع لمعرفة مؤشر موقفها من الجريمة الإسرائيلية، وهل سترفض المشاركة معها في الرد على إسرائيل، كما حصل العام الماضي 2022 بعد اغتيال تيسير الجعبري ورفاقه وعام 2019 بعد اغتيال بهاء أبو العطا، وثم تجني الثمار وتدعي انها قادت الرد، كما هي العادة بإصدار البيانات الكاذبة عما يسمى غرفة العمليات؟ وما هي حدود الرد الذي ستسمح به دون مطاردة كوادرها المقاتلة؟ واسئلة أخرى ذات صلة. لا سيما وان ما يهم حركة حماس الانقلابية فرض هيمنتها الكاملة، والحؤول دون تجاوز خطوطها الحمر المتفقة عليها مع أجهزة الامن الإسرائيلية بالتنسيق مع قطر، والتي تضمنت زيادة أموال الدعم المحولة لها من الدوحة، وفتات من الرشوة في زيادة نفوذها ومقاسمتها للسلطة الفلسطينية في محطة الغاز مقابل سواحل قطاع غزة، إن قدر لها ذلك.
ومازال ملف عملية الاغتيال لقادة سرايا القدس يحمل عناوين أخرى تحتاج للكتابة وخاصة قتل الأطفال والنساء دون تمييز، وردود الفعل العربية والدولية وللحديث بقية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا