كتب: موسى الصفدي
قبل أن يبلغ الإنشقاق زروته إذا جاز التعبير غادرت قيادات الحركة تباعاً كلٌ إلى وجهتهِ … و بقي قلة ممن كانت الضرورة تستدعي بقائهِم من قاديين الصفين الأول و الثاني و مجموعة ليست قليلة من الكوادر الوسيطة لأسباب تتعلق بطبيعة و خصوصية عملهم و مهامهم إضافةً إلى الأسباب العائلية المتعلقة بعائلاتهم بطبيعة الأمر …
كنت واحدً منهم وقررت في تلك الظروف الصعبة جداً السفر مع صديقي كركر بصحبة الصديق صلاح أبو داوود إلى لبنان من أجل التسوق و إحضار بعض الأشياء الخاصة … !
طبعاً بعدَ أن سمح لي الأخ أمين الهندي بذلك بطلب وتدخل لم من كركر الذي يحتل مكانة خاصة لديه و لدى معظم القادة بإقناعهَ بالقبول … كان هو الأخر يتحضر للمغادرة
لم أكن مهتماً لمعرفة نوع أو تفاصيل المهمةَ و لم يتولد لدي في تلك المرحلة أي فضول لمعرفتها لكي لا أصبح جزءاً منها … هكذا كنُت بسبب طبيعة عملي …
بطريقته المحببة و كعادته بدأ كرر يتحدث و يناقش مع صلاح أبو داوود و باستفاضة كل ما يتعلق بالوقت المقدر للوصول إلى لبنان و عن كمية الوقود اللازمة لذلك و عن الإعاقات المتوقعة لإجتياز الحدود و كل ما يتعلق بالمُهمَة التي نحن بصدد تنفيذها …
صلاح أبو داوود كان يتفق مع كل ما يقوله كرر من دون ان يعترض أو يطلب أي تغيير على خطة السفر … لم يكن لديه ما يمنع القبول بالخطة لمعرفتهِ القديمة جداً بكركر … ما كان يشغلهُ و أفصح عنه و من خلاله عن مخاوفه من تلك الرحلة عرفت التفاصيل المحدودة التي كانا يعرفانها هو و كركر حول المهمة …
كل ذلك لم يستغرق وقتاً … ثلاث دقائق أو أربعة دقائق على ابعد تقدير …!!!
إنطلقنا في السيارة يقودها كرر قائلا ً قبل ان ينتهي شريط الأناشيد الحماسية الذي تسمعونه سنصل إلى حمص !!! و بعدها بنصف ساعة على ابعد تقدير سنكون في لبنان !!!
سأل كرر صلاح عن الذي يُوتره لم يطل الأمر حتى بدأ بشرح المشكلة …
تفاصيل كثيرة لا أهمية لها ذكرها عن وجود مشكلة بينهُ و بين زملائهِ و كبيرهم ا تتعلق بما كانوا يعتبرونه خاص بالعمل و ما كان يعبرهُ هو أنه شخصي …
ضحك كركر و قال يطمئنه .،
لا تفكر بالأمر و لا حتى للحظةٍ واحدة فأبو عمار لديهِ ما يشغله …
أضاف ـ، هل تعتقد أن أبو عمار سيترك مواجهة المنشقون و الحرب التي كانت تحضر للقضاء عليه و على الشعب و منظمة التحرير وحركة فتح و يلتفت لحل مشاكلكم .،
كل هموم الدنيا نزلت على رأسهِ دفعةً واحدة ألا ترى ذلك …
وصلنا إلى حمص بوقت قياسي لم يتجاوز الخمسون دقيقة توقفنا لمدة لم تزد عن العشر دقائق تناولنا فيه ما تيسر من طعام أعدتهُ والدتي رحمها الله و تابعنا السفر …
في مخيم البداوي في مكتب القوة سبعة عشر لم يكن أحمد الأسعد هو القائد الوحيد للقوة تعرفت على نائب قائد سريتي السابق الملازم ماجد طه الذي حدثني و هو ينقلنا إلى جبل تربل بعد ان كُلف بذلك انهُ ترك قوات الكرامة و تم نقلهِ إلى قوات ال 17
توقفت سيارتهِ العسكرية على بعد امتار من خيمة هندية لا يجاورها في المكان أي وجود للحياة أشار بيده قائلاً .،
هناك … إذهبوا وحدكم لا أريد ان يراني معكم …
في تلك الخيمة الواسعة كان واقفاً وحيداً دون أي حراس أو مرافقين يحمل بيده جهاز إتصال هاتفي لاسلكي و يخاطب فيه أحد الملوك العرب قائلاً .،
يا جلالة الملك أنا لم اترك شياً لم أفعله من ذلك و لاكن هما مصرين على المضي في مشروع تصفيتي .،
كان القائد الرمز ياسر عرفات يجلس في زمن مؤامرة تصفيته في و حيداً ليس لديه في ذلك الوقت الحرج إلا خيمة بمنتصها تحت عمودها منضدة خشبية متواضعة وضعت عليها أجهزة إتصال لا سلكي مختلفة و مسدس …
تنبه إلى وجودنا سأل كركر عن الطريق و تفاصيل متعلقة بذلك قبل أن يقوم بفض الرسالة التي سلمه إياها كركر …
عرفنا حينها ان الرسالة العاجلة التي نقلناها و سلمناها للأخ القائد أبو عمار كانت مهمة و سرية للغاية مرسلة له من القيادة الروسية حول مسائل لم يتاح لنا معرفته أرسلت عبر سفيرهم في دمشق …
سال الأخ أبو عمار كركر … عن أمين الهندي و من ثم سريعاً سالنا عما إذا كان لدى أي واحدٍ منا حاجة يقضيها لنا
لم يكن بعد في عاداتنا البحث عن مكان نقضي فيه ليلتنا قبل العودة … أصر ماجد طه على إٍستضافتنا في أحد قواعد قوات ال 17 و تناولنا الغداء في بيته القريب في منطقة الفوار …
موسى الصفدي
دمشق ــ باب توما
