الرئيسيةمختاراتمقالاتعندما كنت شبلاً

عندما كنت شبلاً

كتب: موسى الصفدي

لم يكن يهتم و لا بأي شكلٍ من الأشكال للأوراق المكدسة فوق صندوق فارغ للذخيرة كان يستخدمهُ المقاتلون كمكان لتجميع النشرات و التعاميم التي تاتيهم بكثافة و على نحو مثير .

كان يعلم جيداً بان احداً لم يهتم لتلك الأوراق التي عادة ما كان يستخدمها المقاتلون لنظيف أسلحتهم من بقايا الزيوت المعدنية الخاصة بتنظيف بنادقهم .

كان يستغرب الإصرار غير المفهوم من قبل قيادة الكتيبة على إرسال هذه الكميات الضخمة من الأوراق المصقولة و الموضوعة بعناية فائقة داخل طرود صفراء تشبه تلك الطرود التي تستخدم في مكاتب كبار موظفين السلاطين مع معرفتها المسبقة بالمصير المذل الذي ستلاقيه تلك النشرات و التعاميم المهملة و التي يعود تاريخ بعضها ربما إلى ماقبل ثورة البراق !!!

بعض المقاتلون كانوا يستخدمون تلك الأوراق بما يخالف رغبة صانعيها بشكل لا يمكن الحديث عنه و في بيئة لم يكن يتوفر فيها لا دورات مياه و لا مستلزمات الحضارة و التمدن …

كان يتساءل دائماً عن الجدوى من تلك النشرات التي تتحدث دائماً بطريقة مبتذلة عن البديهيات المسطرة في الواح و وصايا اللاجئون منذ جدهم الكنعاني القديم …

الظلم التاريخي !!! النكبة ! النكسة ! الثورة ! وعد بلفور !! أطماع إمبريالية !! العمق العربي !!! المؤامرة العالمية !!! ماركس ! لينين ! ماو ! كيم إل سونج !! زرادشت !!! نيتشة !!! أبو جعفر !!! أبو ظبي !!! القذافي كتاب اخضر كتاب أحمر أصفر و و و و

و قوائم لا تنتهي لوجبات فكرية مجربة بطول و عرض الكرة الأرضية …
كل ذلك لم يكن ليحرك في داخله سوى الشعور بالملل …
ذات صباح اكد لي صديقي بأن أغنية كانت سبباً في معرفتهِ و إلتحاقة بتلك الكتيبة التي كان يقودها أُمي لا يُجيد القراءة و لا الكتابة …
موسى الصفدي
باب توما ـ 25 / 6 / 2023

المادة السابقة
المقالة القادمة
مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

- Advertisment -
Google search engine

أخبار هامة

إخترنا لكم

شتات

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا