المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الحقيقة لا سواها

كتب: محمود ابو الهيجاء

لإسرائيل منذ نشأتها سياسة حربية ضد فلسطين، وشعبها، وعلى مختلف الأصعدة، سياسة حربية عدوانية، لا تكف عن التصعيد، غايتها الاستراتيجية محو فلسطين الرواية، والتاريخ، والقضية، من الوجود، ويا لها من غاية، لا ترى اسرائيل حتى الآن، إنها ضرب من ضروب المستحيل، ذلك لأن فلسطين ليست كلمة عابرة في التاريخ، وروايتها ليست من أساطير الأولين، وأرضها لم تكن يوما نهبا للخرافة، وذاكرتها هي ذاكرة الزراعة، والبنيان، مثلما هي ذاكرة القداسة، بعد أن باركها الله وما حولها، حتى باتت ذاكرة للتقوى فتخلقت في بيوتها قيم، ومفاهيم الثبات، والصمود، والتحدي، وهذا ما جعل شعبها آية لهذه القيم والمفاهيم ودلالة من دلالاتها، وقد جسدها في ثورات متتالية، وانتفاضات كبرى. وما زال يجسدها بصمود، وتحد، ومقاومة، ما يبقي روح ثورته، حيًا باليفاعة الإيمانية ذاتها.

أجل.. محو فلسطين الرواية، والتاريخ، والقضية من الوجود، ضرب من ضروب المستحيل. متى ستدرك إسرائيل الاحتلال والعنصرية ذلك…؟؟ ومتى ستدرك أن شأن حربها كمثل شأن الكائن الحي الذي هو على رأي الإمام الحسن البصري، شأن أيام، كلما ذهب يوم منه، ذهب بعضه، وهذا ليس تبصرًا في مقام الحكمة فحسب، وإنما حقيقة لا يمكن دحضها أيضًا.

للحرب الإسرائيلية العدوانية أيام ذهب الكثير منها، فذهب بعضها ولا شك، ولم يعد نفوقها خيارا، بل حتمية للتاريخ والطبيعة، لطالما فلسطين تظل شاخصة، وعالية المقام، بصمود أهلها، وثباتهم على التحدي، وإصرارهم على المضي قدما في دروب الحرية والاستقلال، وهذه هي الحقيقة الأخرى التي لا سبيل كذلك لدحضها أو تجاوزها أو الهرب منها، وعلى أساسها واستنادًا إليها تعلن الرئاسة الفلسطينية، إما سلام وأمن للجميع، أو لا سلام ولا أمن لأحد. لا ينبغي لإسرائيل الاحتلال والعنصرية أن تقرأ ذلك كبلاغ انشائي، وحياة حربها وإن بدت اليوم أوفر عنفًا، وأشرس قوة، فهذه ليست أكثر من عنف وقوة الحشرجة التي تسبق الموت، بغرغرتها المفزعة…!!

نحن هنا باقون، وحرب إسرائيل بعد سبعين عامًا ليست غير حرب أوهام العدوان العبثية، التي تتصور المستحيلات المطلقة، بأنها ممكنة…!! نحن باقون هنا فوق أرضنا وتحت ترابها، فما زالت فلسطين وستبقى هنا، بروايتها وحقيقتها، وتاريخها، وقضيتها بعد أن أكدت مركزيتها العربية، حتى برغم بعض خطابات السياسات القطرية، فقد باتت قضية الشأن الإنساني العالمي كذلك، وما زال شعبها قيما على دروب الحرية والاستقلال، وماضيًا فيها بلا تردد، ولا تراجع، ولا مساومة.

وأجل.. مرة أخرى إما سلام وأمن للجميع، أو لا سلام ولا أمن لأحد، وهذا ما قاله شاعر عربي ذات أمسية فلسطينية، “إما فلسطين وإما النار جيلاً بعد جيل” وبمعنى لا واقع دون فلسطين الدولة الحرة المستقلة، بحاضرتها المقدسية، مع حق العودة، غير واقع النيران، التي تظل في المحصلة حينها آخر العلاج، الذي يكوي ويزيل سرطان الاحتلال والعبث والفوضى.

Exit mobile version